حلب.. المذبحة!

حلب.. جريمة حرب

“ألا يوجد شيء في حلب الشرقية يشعركم بالعار؟” هذا ما قالته بصوت قوي سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في الامم المتحدة سمنتا باور لكلّ من سفراء سوريا وروسيا وإيران.

syria-situation-13

الاحداث المأساوية اثقلت كاهل من بقي حياً في حلب الشرقية ولكن لعبة حصد الأرواح إنتهت على ضوء ما توصل له الروس والاتراك من اتفاق يهرّب بدهاليزه سكان حلب الشرقية إلى مدن اكثر توهجاً وأقل رعباً، إلا أن الاهالي حتى في خروجهم، عليهم ان يحنوا رقابهم للفأس الموغل انيابه في عظامهم. على سكان البلد ترك ما تبقى من بيوتهم المدمرة والصعود في الباصات الخضراء لأنهم لم يعودوا بشراً بل مخلوقات حلّت عليهم اللعنة.

أي رعب هذا؟ جيش الاسد يرصد حركة النزوح رغم إنتصاره. حال جيش الاسد تقول لقد اتعبتنا هذه المدينة وسببت جرحا بالغة في عنفواننا وعلينا ان ننقضّ على السكان الهاربين.

ليلة امس، وثقت المنظمات الحقوقية الدولية والصحف العالمية حفلة اعدامات ميدانية فتحت شهية كل جندي من جنود عصابة الاسد للفتك بذكور المنطقة.

صور لجثث مطروحة على الأرض يبدو انها ستتحلّل بفعل العوامل المناخية قبل ان يأتي ذووها لإنتشالها، هذا اذا ما سمح لذوي اصحاب الجثث بالعودة إلى اراضيهم في المستقبل المنظور. آلاف المباني المدمرة بشكل كامل ونداءات استغاثة من الناشطين الماكثين في مدينة حلب تقول للمجتمع الدولي “نرجو منكم أن تنقذونا”.

إقرأ أيضاً: هل انتهت الثورة بسقوط حلب؟

الذين يدعون انهم يقاتلون الإرهاب، من الرئيس الروسي فلادمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والمرشد الاعلى للثورة الإيرانية السيد علي الخامنئي ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وغيرهم كثر، مرت اسماؤهم بجبروتها وغرورها العسكري على ضواحي واحياء المدينة. واسماء اخرى يغزو طيفها المميت فوق المقابر الجماعية والمقابر الفردية والجثث المرمية على ارض لا اهل لها ولا قبر يسكن روعها. من الرئيس الاميركي باراك أوباما ووزير خارجيته المتلون جون كيري والرئيس الفرنسي فرنسوا اولاند والمستشارة الالمانية انغيلا ماركيل وامين عام الامم المتحدة بان كي مون، لهم دور في العار وفي تهجين عشرات الصور التي كرست الانحطاط كأسلوب.

لم يمر أعداء الإرهاب مرور الكرام إلا بعد تحويل حضارة بأكملها إلى رماد وجحيم أسود، فتح اذرع سوريا كي تعانق تاريخ موحش وسلسلة لا متناهية من جرائم الحرب.

إقرأ أيضاً: ديما أخطأت…وبشار الجعفري هو الـ«صادق»!!

ترقد حلب بنكبتها على أطراف غروزني الشيشانية وسيربرنتشيا البوسنية، ورغم الادلة والوثائق ويوم كان المجتمع الدولي رافعاً لشعار “لن تتكرر الحرب”، خرج علينا مرات عدة سفير روسيا في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين فأهان سمات اخلاقية يحتاجها البشر في حروبهم وفي سلامهم مصراً على ان صورة المرأة الميتة على كرسيها المتحرك في وسط الشارع ما هي إلا مجرّد فبركات.

لم يعلم اعداء الإرهاب حين ألقوا ترهاتهم اثناء اجماعهم وتكاتفهم على صناعة الموت الجماعي وصياغته بقوالب جديد مبررة بكذبة أنها تدعو للضحك الصاخب.. “إنها الحرب على الارهاب” ودوامة حروب لن تتوقف بعد حشوها بكل أصناف الحقد والثأر والطائفية والجنون الجماعي.

عناوين كثيرة اجتاحت عالم الصحافة، “مقتلة حلب” عنوان صحيفة “العربي الجديد”، مرفق بعنوان اخر “ما بقي من حلب.. هولاكو مر من هنا”، أما صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية فنعت الإنسانية بعنوانها الرئيسي “هنا دفنت حلب”، بينما عملت صحيفة “نيويورك تايمز” على نشر صور للمدينة قبل حلول يوم الغضب عليها.

اما النظام السوري وحاشيته فلم يتوقفوا عن إصدار صور جوية لحلب. تلك الصور لم تنقل لنا سوى الدمار الهائل كما ولو ان شياطين الارض كلها حضرت هناك.

إن ثقب في الذاكرة موقع بتاريخ “13 كانون الأول 2016” سيتحول فيه اسم “حلب” إلى سؤال حثيث ضروري ومؤلم حول ماهيتنا الإنسانية ومدى توحشنا.

حلب نابضة لا بالموت إنما بالحياة تصرخ للقاتل انه قاتل وأنه قاتل إلى الأبد. آلاف من ايادي الابرياء ترفع هامتها بوجه المتواطئين الضالعين من رأسهم المقفل إلى اسفلهم المغروس ببحيرات الدم.

عالم يقوده بوتين، والنظام السوري، والبعثية الفاشية، وحزب الله والميلشيات الشيعية ،والمرتزقة الجهادية، وإيران، والنصرة وداعش، وأوباما وكيري، والإدارة الاميركية القادمة ما هو إلا عالم لونه أسود ومفعم بالحقارة.

لقد شدّدت سفيرة اميركا سمانتا باور على العار.. وفعلاً، إذا لم تشعروا بالعار فلا بأس بذلك لأن العار سيلاحقكم.

 

 

السابق
فيديو مؤثر لأحد مقاتلي الجيش الحرّ وهو يودّع العالم
التالي
هيئة العلماء المسلمين تطلق صرخة ضمير من أجل حلب