روسيا البوتينية وامريكا الترامبية… والسلام القادم في شرق المتوسط

قبل عشرين عاما انطلق “ربيع دمشق” وقد استمر شهرين، تموز وآب عام 2001، وانتهى باعتقال جماعة تأسست آنذاك تحت اسم “منتدى الحوار الوطني”، ومحاكمة وسجن عشرة من الشخصيات اللامعة من أعضاء مجلس الشعب وأطباء وأساتذة واقتصاديين… وقد كتب عن ذلك الباحث البريطاني المتخصص في الشأن السوري باتريك سيل والذي  ذكر في كتاباته: انه ” وقبيل وفاة الراحل حاقظ الاسد في العام 2000 ، وقد حاول الخروج من تعقيدات الصراع مع إسرائيل، ووافق بصورة مفاجئة على عقد “قمة جنيف” مع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وكاد أن يوقع معاهدة للصلح مع إسرائيل، لولا خلاف على “بضعة أمتار على شواطئ بحيرة طبريا”. وبعدها توفي، وتسلّم الابن الشاب الحكم”.

وفي الامس القريب نشرت القدس العربي مقالا للكاتب والأكاديمي اللبناني جلبير الأشقر بعنوان “روسيا الإمبريالية… قطب الرجعية العالمية ” حلل فيها الوضع الدولي بمصداقية…. الا انه اخطأ في تقديراته الدولية بحق روسيا. ومغمضا عينيه عن الوضع الشرقمتوسطي والوجود الاسرائيلي المهيمن على كافة من ذكره من قادة دول العالم.

ومغمضا عينيه ايضا عن الفشل الذريع “للشيوعية العالمية” وكيف تحولت روسيا الحديثة الى بلد ذو اقتصاد عالمي له وزنه ومعاييره الخاصة.

بسبب السياسة “البوتينية” تمكنت روسيا الاتحادية من جذب اغلب دول العالم لها من خلا “سياسة الشراكة الاقتصادية” والسياسية التي دعا اليها الراحل بريماكوف لعالم “متعدد الاقطاب” وليس لقطب واحد كما تريده الولايات المتحدة الامريكية.

اقرب مثال على ذلك كيف تمكنت “روسيا البوتينية” من انتزاع اهتمام دول العالم العربي “البوتقة الامريكية” ولو جزئيا. وتجولت روسيا بسياستها الاقتصادية وقدراتها العسكرية والسياسية لأن تنتزع مكانتها الدلية وخاصة في العالم العربي لقرن كامل من الزمان – كما اشار احد الصحفين العرب المخضرمين والمناهض لكل “اطناب الشيوعية العربية” بشكل خاص والشيوعية بشكل عام . عندما سألني بحديث هاتفي: “برايك الى متى ستبقى روسيا في ديارنا؟ اجبته على الاقل 5 عاما. فأجاب ضاحكا … اخطأت ياصديقي. لقد حجزت “روسيا البوتينية” مكانها الى مئة عام قادمة”.

وهذا ما تؤكده روسيا من خلال سياستها الاقتصادية حيث نراها تستقطب من خلال شركاتها الكبرى مثل روسنفط وهي أكبر شركة نفط روسية. حيث أعلنت روسيا أن شركة غلينكور وصندوق قطر المالي السيادي قد اشتريا 19.5% من أسهم شركة روسنفط أكبر شركة نفط روسية، وقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثناء لقاءه ايغور سيتشين في مكتبه بالكريملين “إنها أكبر عملية خصخصة وأكبرعملية بيع واستحواذ في قطاع النفط العالمي خلال عام 2016 . “

وتعد عملية البيع ضمن مخطط الحكومة الروسية لبيع حصص من شركات القطاع العام لموازنة العجز الكبير في الموازنة خلال العامين الماضيين. وبالرغم من هذه الصفقة إلا أن الحكومة الروسية لازالت محتفظة بنسبة الأسهم التي تسمح لها بالاستحواذ على العمليات السيادية والسيطرة على قرارات الشركة.

ومن المعروف ان روسيا تعاني من تباطوء اقتصادي منذ عامين بسبب التراجع الكبير في أسعار النفط على المستوى العالمي إضافة لتأثير العقوبات الغربية على القطاع المالي والاقتصادي في روسيا.

وتعد الصفقة بمثابة نقطة فاصلة لشركة غلينكور البريطانية والتي كانت تعاني انهيارا في أسعار أسهمها بعد إعلان خطط لبيع أجزاء من ممتلكاتها لتغطية الديون المتراكمة عليها. وتمكنت غلينكور من استعادة بعض التوازن المالي في الأسواق العالمية خلال السنة الجارية.

ويعتبر صندوق قطر المالي السيادي أحد اكبر المستثمرين في شركة غلينكور. وأكدت غلينكور أنها ستستثمر مبلغ 300 مليون يورو من صافي أرباحها لتمويل جزء من الصفقة وسيقوم الصندوق القطري وعدد من البنوك بتوفير الأموال الباقية.

إقرأ أيضاً: محاولة نظر إلى وجه المنتصر في حلب

وبالفعل تمكنت “روسيا البوتينية” بسياستها من تحجيم ادوار الدول الاقليمية المشاركة في “الحدث السوري الكبير” ومنه الدور التركي السياسي والعسكري وتحييده فعليا في سوريا، لدرجة ان تركيا اعلنت عن “انه لا ترى تركيا مانعا لأنضمامها الى مجموعة “بريكس”وكذلك ايران مع اان مهمة روسيا هنا اكثر صعوبة، نجحت روسيا من خلال مسكها للملف السوري من اقناع المعارضات السورية بضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات مع الدولة السورية  وبدون شروط .

حيث اكد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت ان المعارضة السورية على استعداد لاستئناف المفاوضات (مع النظام) من دون شروط مسبقة.واضاف السبت في اعقاب اجتماع دولي في باريس حضره ممثل المعارضة السورية رياض حجاب: “يجب تحديد شروط عملية انتقال سياسي حقيقي كما يجب استئناف المفاوضات على اسس واضحة بموجب قرار الامم المتحدة رقم 2254 الذي وضع خارطة طريق لتسوية النزاع الذي اوقع نحو 300 الف قتيل، مشيرا الى ان المعارضة اكدت استعدادها للتفاوض”.

إقرأ أيضاً: نظام الأسد يحتجز الشباب الذين هربوا من شرق حلب.. ومعلومات عن إعدامات جماعية

ورأى جان مارك ايرولت “ان الاوضاع في شرق حلب وسوريا اجمالا تلح على ضرورة انهاء اعمال القصف وتقديم المساعدات الانسانية للمدنيين” .

وهنا عودة على بدء…. اي اننا نرى ان السلام على الارض السورية سيحل مع انتواع كامل السلاح المستورد وحملته عن الارض السورية من ايد مقاتلة مدمرة .

ويمكن ل”روسيا البوتينية” من خلال تواجدها العسكري ان تكون صمام امان لمنطقة شرقالمتوسط وان تكون قوة حاسمة لكبح قوى الشر المنتشرة على الارض السورية.

السابق
الوداع أصدقائي في حلب
التالي
آخر اتصال مع جبران تويني: شو الأخبار؟