مدينة الرقة للأكراد.. علاقة تركية بأميركا ليست بخير ابداً

بين معركة الباب بقيادة تركية، وحسم روسيا لمعركة حلب الشرقية، واندفاع اميركا للإستيلاء على الرقة.. سوريا ضحية إحتلالات متعددة.

تستعد روسيا إلى حسم المعركة العسكرية في مدينة حلب، وتستعد بالمقابل الولايات المتحدة الاميركية لإرسال 200 مقاتل اضافي من جنودها إلى للمشاركة في العملية العسكرية التي اطلقها التحالف الدولي ضد المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة الإسلامية داعش في الرقة.

تحاذي محافظة الرقة في حدودها الغربية محافظة حلب الشاهدة منذ اكثر من تسعين يوماً على معارك مفصلية تقودها روسيا ضد احياء حلب الشرقية من جهة، ومن جهة اخرى وفي السياق نفسه أعلن الجيش السوري الحر المدعوم تركياً عن إنطلاق حملته العسكرية النهائية للقبض على مدينة الباب.

بتاريخ 6 تشرين الثاني أعلنت قوات سوريا الديمقراطية دخولها ريف رقة الشمالي بغطاء جوي اميركي وأكد حينها المتحدث بإسم “قسد” على وجود إتفاق دولي بإستبعاد تركيا عن المشاركة في المعركة.

ولم يجد وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر فرصة انسب من الفترة التي يتقدم بها النظام السوري وروسيا في احياء حلب الشرقية واعلان تركيا عن فتحها الحرب على داعش في الباب، للإعلان عن رفع عدد الخبراء والجنود الاميركيين الذين سيشاركون في المرحلة الثانية من معركة الرقة إلى خمس مئة جندي .

معركة الرقة شبهها كارتر في شهر تشرين الثاني الماضي بمعركة الموصل في العراق. وفي حال نجحت اميركا بضبط الحصار حول معاقل تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة الرقة، ستكون أميركا وحلفاءها من قوات سوريا الديمقراطية وبعض الفصائل العربية قد حققوا نجاحاً في فرض نفوذهم على أطراف سد البعث وبحيرة الفرات في الرقة والوقوف على تماس مع نقاط حصل عليها الجيش السوري في شمال غرب الرقة في تموز الماضي.

اليوم ارسل كارتر رسالة مزعجة ثنائية الابعاد لكل من روسيا وتركيا. قال كارتر لموسكو المتقدمة باشواط في جولة حلب العسكرية أن عناصر اضافية من قوات العمليات الخاصة الاميركية سيلتحقون بـالـ300 من اصدقاءهم المخولين بتدريب وتنظيم وتقديم المشورة للقوات السورية المحلية بهدف مكافحة الإرهاب وبأن جماعة بوتين اججوا  الصراع الأهلي في سوريا.

أما لتركيا فأكد كارتر مرة جديدة بان قوات سوريا الديمقراطية ستخوض الجولة الثانية لتحرير مدينة الرقة من ايدي التنظيم الإرهابي.

إقرأ أيضاً: من هو العقل المدبّر للانقلاب الفاشل في تركيا؟

تركيا وعلى اثر انهيار المعارضة المسلحة في حلب الشرقية تستعد لتوضيب اغراضها مكتفية فقط  بجرابلس ومنبج والباب شمال حلب وضاربة بعرض الحائط مسؤوليتها عن حياة مئات المقاتلين والاف السكان في احياء حلب المحاصرة الذين وثقوا بعدم خذلانها لهم، الى ان قدمتهم مائدة شهية لطائرات النظام السوري والروسي.

تراجع هيبة تركيا في الملعب السوري جاء نتيجة خيارات استراتيجية ممنهجة اتخذها بوتين من جهة وادارة اوباما من جهة اخرى.

ففي الشمال يواصل الاكراد جمع المزيد من الارباح وسيتاح لهم فرصة جديدة لحصد مكاسب اضافية في حال فوزهم بإمتحان الإطباق على انفاس مقاتلي داعش في مدينة الرقة الامر الذي تعدده تركيا تهديداً صارخاً لأمنها.

اما في حلب سيكتفى اردوغان بنصره الاخير في مدينة الباب خصوصاً وان الاشهر الاخيرة شهدت نشاطاً دبلوماسيا غير مسبوق بين انقرة وموسكو لمناقشة خط الغاز “ترك ستريم”، ومع الاسبوع الاول من كانون الأول أعلن البرلمان التركي المصادقة على المشروع وإنطلاق مرحلة تنفيذه بشكل الرسمي.

صفقة سياسية بملامح إقتصادية، منحت تركيا مكانة عالية سيمكنها من لعب دور بارز في السنوات القادمة لجهة تحديد قيمة الغاز الذي سيعبر اراضيها وصولاً إلى البحر الأسود.

إقرأ أيضاً: وسائل الاعلام الروسية تعلن استعداد موسكو لـ«حرب عالمية ثالثة»

إتفاق “ترك ستريم” وإتفاقيات عسكرية وامنية اخرى غير واضحة المعالم والميزات سوى انها حصاد الصراع السوري يرجح باحثون ومحللون انها السبب الرئيسي الذي دفع مؤخراً بوزير خارجية تركية داوود اوغلو إلى نعت الفصائل المسلحة لأول مرة بلفظ “التنظيمات الإرهابية” مؤكداً عليهم بضرورة الخروج من حلب بأسرع وقت ممكن.

تصريح اوغلو يلتقي في منتصف الطريق مع تصريح وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف بأنه في حال لم تنسحب المعارض من حلب سيتم التعامل معها على انها ارهابية.

اردوغان الذي يعيش تقارب مع بوتين ونفوراً من اميركا، مازال قادر على المبادرة ووضع العراقيل في عجلات اميركا في الصراع السوري، إذ هنالك اوراق كثيرة بيده  قد يرميها بوجه الادارة الاميركية الجديدة في حال بقيت الاخيرة على خطتها العسكرية عبر دعم الاكراد في سوريا بدون الاخذ بعين الاعتبار ابعاد الامن القومي التركي.

من بين تلك الاوراق التركية، التلويح بإمكانية تعزيز التعاون العسكري مع موسكو وهو ما تحدث عنه وزير الدفاع التركي عصمت يلمز.

إقرأ أيضاً: الانقلابيون في تركيا ما زالوا أقوياء.. متى الانقلاب التالي؟

ففي تصريح ليلمز يعود بتاريخه إلى منتصف شهر تشرين الثاني قال فيه ان الجيش التركي بات بحاجة ماسة لتطوير دفاعاته الصاروخية بما يتناسب مع التهديدات الجديدة ووقع خيار الجيش التركي المعروف كـ”ثاني” اكبر قوة عسكرية في حلف شمال الاطلسي على منظومة الدفاع الروسية “اس 400”.

تصريح وزارة الدفاع التركية حول الـ”أس 400″ ازعج حلف شمال الاطلسي، فإستعجل الاتصال بأنقرة والطلب منها تقديم المزيد من التوضيحات عن طبيعة تصرفات انقرة الغريبة ذلك أن اي تعاون عسكري بين البلدين سيهدد سرية ترسانه حلف الناتو.

سوريا ضحية حروب تتوالد بوتيرة متسارعة بين قوى تسعى لحصد وضبط مصالحها ومن المستبعد ان تنتهي الحرب المندلعة في سوريا مع نهاية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين.

 

السابق
الـCIA يحقق في نتائج الإنتخابات الاميركية ويتهم روسيا بقرصنتها
التالي
نوال بري تعلق على باسل الأمين بـ«كبير العيلة»