قانون الستين

محمد عبد الحميد بيضون

هنالك اتفاق عام بين اللبنانيين على منجزات الشهابية وان مرحلة الرئيس شهاب هي المرحلة الاساسية التي شهدت عملية بناء الدولة وتحديث المؤسسات واخراجها من نفوذ وفساد الإقطاع السياسي والعائلي ولعبة الولاءات التقليدية.

الكل يصل الى حد الاقتناع ان الدولة اللبنانية الحديثة ولدت مع الشهابية وان الانقلاب على الشهابية كان بداية لضعف الدولة والمسار الانحداري الذي تبعته وصولاً لسيطرة الميليشيات والمنظمات والمحاصصة الطائفية عليها وتالياًعملية اقتحامها بين المافيات الطائفية والمذهبية.

الكل يمتدح منجزات الشهابية والمؤسسات والقوانين التي أنتجتها بدءاً من مؤسسات الرقابة اَي الخدمة المدنية والتفتيش المركزي انتهاءً بالضمان الاجتماعي والكل متفق على دور الشهابية في خلق وتعزيز الطبقة الوسطى التي نهضت بلبنان وعززت موقعه في الستينات.

قانون الستين هو القانون الذي أُقر في بداية عهد الرئيس شهاب وكان الغرض منه محاولة أضعاف الإقطاع السياسي والعائلي أو على الأقل إيجاد توازن في التمثيل بين المكون الطائفي الاقطاعي العائلي والتمثيل الوطني اَي إيجاد قسم من النواب يمثلون بالحد الأدنى مصالح جميع اللبنانيين بدلاً من المصالح الشخصية والفئوية اَي انه جرّب الحد من الطائفية ولو بالحد الأدنى.

انتصر الطائفيون على المشروع الشهابي ورفض شهاب التمديد معتبراً ان سيطرة الإقطاع الطائفي والسياسي تمنع عملية الإصلاح وتمنع نجاح مشروع بناء الدولة.

عام ٢٠٠٨ عندما عادوا إلينا باتفاق الدوحة قالوا ان قانون الستين أعاد حقوق المسيحيين وأقاموا حفلات الدبكة لهذا النجاح والانجاز الكبير الذي حققوه الى ان كانت الانتخابات وفازت بها المغفور لها حركة ١٤ آذار .

هنا بدأت عملية شيطنة قانون الستين وعاد “الردح” ضده الى ان وصل الى درجات غير مسبوقة من تحميله أسباب انهيار البلد بدلاً من تحميلها للطبقة السياسية التي وصلت الى اعلى درجات الاستهتار بمصالح البلد واهله وصولاً الى تسميتها بالنفايات السياسية.

وليس صدفةً ان برز في هذا الوقت مشروع تفتيت البلد والغاء المواطنية اَي مشروع ان تنتخب كل طائفة أو مذهب نوابها أو نوابه وصار هذا المشروع المسخ والمخالف للدستور والطائف هو طموح فئات كبيرة من الطبقة السياسية اَي عملياً تنفرد كل مافيا بإدارة شؤون مذهبها وتصبح شريعة المذاهب أقوى من شرعة الدولة اَي دستورها.

قانون الستين قانون طائفي مع بعد وطني حاوله الرئيس شهاب ولَم ينجح لكنهم الْيَوْمَ يكرهونه ويجعلون منه الشيطان الرجيم لأنّه اقل طائفية ومذهبية مما يريدون٠يكذبون علينا بالنسبية وهم يقسمون دوائر النسبية لتكون طائفية محض. لدينا طبقة سياسية تكره كل ما هو وطني وتريد الْيَوْمَ من قانون الانتخاب ان يكون الأكثر مذهبية ممكنة.

قانون الستين مر عليه الزمن وهو مخالف لروح اتفاق الطائف لكنهم يريدون قانوناً أكثر مذهبية وأكثر مخالفة للطائف. يريدون الذهاب الى أقصى درجات المذهبية والطائفية بإسم الميثاقية٠بهؤلاء لن يقوم لبنان ولن يبقى له دور سوى نشر الفساد والتبعية للخارج.

السابق
رغم دفاع حزب الله عن سوريا الشيعة في الكتب المدرسية «مجوس»!
التالي
معركة حلب: بداية شراكة «روسية اميركية» لتحجيم نفوذ إيران