براعة الأسد وحلفائه في القتل والتدمير

وظيفة نظام الأسد اليوم تدمير المجتمع السوري، بعد تدمير الحجر، في سبيل استمرار الأسد والأهم حماية الوظيفة الاستراتيجية لهذا النظام منذ حكم سوريا، أي حفظ الأمن الاسرائيلي. فبعدما وفر لإسرائيل الإستقرار في الجولان ها هو يقوم بتوفير الحماية من خلال إنهاء المجتمع الذي يخافه اي محتل او طامع.

يختار النظام السوري وحلفاؤه الروس والمنظومة الإيرانية دمار سوريا على خيار التسوية السياسية التي تطوي صفحة تفرد بشار الأسد بالسلطة، الوقائع الميدانية في حلب الشرقية في الأيام الأخيرة تضيف إلى هذه المعادلة عناصر جديدة تؤكدها، فحجم العملية التدميرية التي تسحق البشر والحجر غير مسبوقة في حجمها ودمويتها منذ الحرب العالمية الثانية، ولأنّها كذلك تفتح الباب واسعاً على مزيد من التدمير والقتل. ولن يؤدي سقوط حلب الشرقية بعد تدميرها بقوة الطائرات الروسية والميليشيات الإيرانية وقوات الأسد إلى انتصار هذا الحلف ، بل إلى مزيد من القتال ومزيد من الاستنزاف.

لا تكتسب قوة المعارضة السورية لنظام الأسد، من قوة المعارضة السياسية أو قياداتها، بل من قوة الاعتراض على هذا النظام الذي لم يعد يتقن سوى الإستسلام لروسيا وإيران، والعاجز عن إقامة حكم في سوريا يبشر بإستقرار، بعدما خرج الشعب السوري من سجن الأسد. المعادلة واضحة لا يعني سقوط نظام الأسد أنّ سوريا ستستقر، لكن بالتأكيد سقوط الأسد يفتح باباً للأمل على سوريا جديدة ونظام سياسي أكثر تمثيلاً للشعب السوري، فيما بقاء بشار الأسد على رأس السلطة هو بالتأكيد عنوان لاستمرار الحرب والدمار والموت.

إقرأ أيضاً: الجيش الحر لـ «جنوبية»: العالم سقط في حلب والثورة لن تسقط

الوظيفة الأكثر وضوحاً في سياسة نظام القتل والإستبداد في سوريا، هي وظيفة تدمير المجتمع السوري بالتهجير إلى الخارج وبالتغيير الديمغرافي داخل البلد، فأكثر من عشر ملايين سوري خرجوا مكرهين من ديارهم، فيما تشكل وظيفة تأمين الاستقرار على الحدود الجنوبية مع اسرائيل، عنصراً استراتيجياً في توفير الحماية للنظام السوري الذي برع في الإلتزام بشروط الهدنة مع اسرائيل، بل تأمين كل ما يتيح استقرار الجولان تحت سلطة الاحتلال.

وظيفة النظام السوري الأهم والتي توفر له الحماية الاستراتيجية، تكمن في عدم تجاوزه الخطوط الحمر تجاه اسرائيل، سوى ذلك فهو مطلق اليد في إبادة الشعب السوري، وهو لن يتوقف عن القيام بهذه الوظيفة طالما توفر له الغطاء الدولي. في المقابل ثمة وظيفة لا تقلّ أهمية وهي أنّ الحرب السورية أصبحت عنصر استنزاف للقوة الإيرانية والروسية، وأغرقت حزب الله في حرب من الصعب أن يخرج منها، وصار وجوده مرتبط بنتائج هذه الحرب ومصيرها.

إقرأ أيضاً: الجيش الحر لـ«جنوبية»: جميع الأسلحة المحرمة استخدمت في حلب

الإنتصار في سوريا لن يكون سورياً يكفي هذا الدمار والموت والتهجير لتتضح هوية الخاسر الأكبر في سوريا، لكن يبقى أنّ عملية تطويع وتدجين القوى الإقليمية تحتاج إلى مزيد من استنزافها في المساحة السورية والعراقية، وهي مهمة كفيلة بأن ترسخ المنظومات المذهبية والطائفية، وتزيد من مستوى العداء والكراهية، وهذا الجرح وحده سيجعل تركيا وإيران أداتان طيّعتان للخارج الأميركي والروسي، بعدما فقد العرب تأثيرهم في المعادلتين السورية والعراقية، وسواء كانت واشنطن أو موسكو المتحكم بقواعد اللعبة فالأكيد أنّ اسرائيل تستبشر خيراً لعقود.

السابق
الخارجية الاميركية تحمّل روسيا مسؤولية دمار حلب… ولكن ماذا بعد؟
التالي
محمد فضل شاكر… نحو الفن والغناء!