انطوان حداد: جوهر الخلاف الحكومي ليس على الحصص بل على الامساك بالقرار الاستراتيجي للدولة

رأى نائب رئيس “حركة التجدد الديموقراطي” الدكتور أنطوان حداد ان “جوهر الخلاف حول تشكيل الحكومة ليس على توزع الحقائب أو حول الشهية المفتوحة على الوزارات الخدماتية او التوتر بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، بل هو يتعلق بالصراع المزمن على القرار الاستراتيجي للدولة اللبنانية في ظل مرحلة جديدة تتسم بملء الفراغ الرئاسي وعودة عجلة المؤسسات الى الدوران وتغير نسبي في المشهد السياسي مع اعادة تموضع العماد عون وكتلته في موقع وسط بين فريقي 8 و14 آذار”.

اقرأ أيضاً: أنطوان حداد عن «عودة الطبقة الوسطى»

وأوضح ان “المهمات المتصلة بوظيفة رئيس الجمهورية من ناحية، وحرص الرئيس عون على انجاح عهده من ناحية ثانية، يحتمان عليه أولا تبني سياسة الحياد الايجابي بين المحاور الاقليمية وخصوصا بين محوري ايران والسعودية، وثانيا الوقوف على مسافة واحدة بين “حزب الله” ومعارضيه وفي مقدمهم “تيار المستقبل” والقوات اللبنانية، بعدما كان لأعوام طويلة حليفا ل”حزب الله”، ولا سيما ان هذه القوى المتخاصمة كان لها كلها اسهام جدي في ايصال العماد عون الى الرئاسة الأولى”.

وأضاف: “صحيح ان البنية المؤسسية لكل من 8 و14 آذار قد تعرضت للاهتزاز وربما للتفكك بعد خلط الاوراق الذي جرى في الانتخابات الرئاسية، لكن التناقضات الاساسية التي ولدت هذا الاصطفاف الحاد قبل 10 او 11 عاما، وفي طليعتها الخلاف حول سلاح “حزب الله” ودوره الاقليمي، ما زالت موجودة على أرض الواقع لا بل تفاقمت منذ اندلاع الحرب في سوريا وانزلاق المنطقة بأسرها نحو استقطاب مذهبي سني-شيعي كبير وخطير”.

وأشار الى انه ب”معزل عن درجة الثقة الشخصية بين الرئيس عون و”حزب الله”، فان اعادة التموضع الواقعية التي اجراها عون بعد انتخابه من غير المستغرب ان يقابلها حذر ان لم نقل توجس لدى “حزب الله”، وخصوصا ان الحزب، وبعد خروج القوات السورية من لبنان عام 2005 وانتهاء عهد الوصاية، كان مهتما على الدوام بأن تبقى القرارات والتوجهات الاستراتيجية للدولة اللبنانية ومؤسساتها ضمن دائرة نفوذه المباشر او غير المباشر والا تؤثر هذه القرارات او التوجهات على الوظيفة الداخلية او الخارجية التي يضطلع بها في نطاق الاستراتيجية الاقليمية لايران”.

ورأى “في زيارة الموفدين السعودي والقطري للبنان، ومن قبلهما الموفدان الأيراني والسوري، امتدادا لربط النزاع حول لبنان بين المحاور الاقليمية المتصارعة القائم عمليا منذ تأليف حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014 ورغبة هذه القوى في تحييد لبنان نسبيا عن نيران الحرب السورية وعن العنف عموما”.

وأضاف: “ان انتخاب الرئيس عون لم يأت نتيجة صفقة أبرمت بين المحورين بل بالأحرى نتيجة عدم ممانعة اقليمية وفي ظل رهانات ومبادرات محلية لكسر الفراغ خارجة عن المألوف قامت بها بعض قوى المحلية وخصوصا “المستقبل” و”القوات اللبنانية”.

ورأى ان “ثبات الرئيس عون في موقعه الوسطي الجديد وتحييد لبنان نسبيا عن صراعات المنطقة كفيلان توفير درجة معقولة من الاستقرار في انتظار جلاء الأوضاع في سوريا، وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد مع عودة الحرارة الى العلاقات اللبنانية-السعودية”.

وقال: “ان التحدي الابرز في المدى المباشر بعد تأليف الحكومة هو اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ظل قانون انتخاب جديد، وحتى في ظل القانون الحالي اذا لزم الامر”، معربا عن اعتقاده ان “الطبقة السياسية الحالية اعجز عن اقرار قانون عصري وديموقراطي للانتخابات لان أطرافها هاجسهم، في الدرجة الاولى، الحفاظ على حصصهم النيابية، ولأن المقياس الوحيد لصحة التمثيل الذي يتحدثون عنه هي صحة التمثيل الطائفي والمذهبي، اما الاستقرار في المديين المتوسط والبعيد فهو يعتمد، في الدرجة الاولى، على انتظام “حزب الله” داخل الحيز السياسي اللبناني وتحوله الى حزب سياسي بالكامل”.

السابق
السيد محمد حسن الأمين: الأدب الإسلامي وأزمات مجتمعنا الراهنة
التالي
بعد عرسال… «شبعا» مهددة بوصمة الإرهاب