الحكومة عالقة في صراع الأحجام بين بري وفرنجية والقوات

دخل التشكيل الحكومي مرحلة المراوحة، حيث تستمر عملية التأليف بين هبّة تفاؤل حَذر وهبّة تشاؤم، ما يدفع الى التساؤل عن الأسباب الكامنة خلف التأخير؟

لم يعد خافيا على أحد الرياح المتعثرة التي تعترض طريق التشكيل الحكومي،  وقد بدأت التعقيدات المتعاقبة التي تصطدم بها عملية التأليف تثير الشكوك حول نجاج الرئيس المكلّف سعد الحريري بتجاوز اللاءات التي تعترض عمله، او أنه سيُقدم على إعلان “حكومة أمر واقع”  إذا بلغت مساعيه لتذليل العقد الحكومية الحائط المسدود؟

أما العقدة فتكمن في اللاءات المتبادلة: المردة “لا” يريد التربية، والتيار الوطني الحر “لا” يريد إسناد حقيبة أساسية للمردة، والرئيس نبيه بري “لا” يقبل بانتزاع حقيبة الأشغال من حصته و”لا” يدخل في حكومة لا تعطي المردة حقيبة أساسية، والقوات “لا” تريد التخلّي عن حصتها الوازنة. كل ذلك يقود الى نتيجة واحدة، وهي أن “لا” حكومة في المدى المنظور، وأن عقبات التأليف تتكدس أمام الحريري.

وحسب عاملين على خط التأليف لـ”الجمهورية”، فإنّ اتصالاً حصل أمس بين الرئيس المكلف والنائب سليمان فرنجية الذي أوفد الوزير روني عريجي والوزير السابق يوسف سعادة ويوسف فنيانوس الى “بيت الوسط”، وتبيّن أنّ أجواء هذا اللقاء لم تكن مشجّعة ولم تنتهِ الى نتيجة.

إقرا ايضًا: الحكومة معلّقة بين بري وجعجع على «الأشغال»

وقالت مصادر واسعة الاطلاع الـ”الجمهورية” انّ الحريري تمنّى على الوفد مشاركة “المردة”، تحت عنوان ان تكون موجودة في الحكومة في هذه المرحلة، بصَرف النظر عن الحقيبة التي يمكن ان تسند اليها، علماً انّ هذا التمنّي بقي محلّ رفض “المردة” التي تصرّ على حقيبة أساسية، وخارج إطار التربية والثقافة.  وعلم ان الحريري لمح الى حقيبتي البيئة والعمل، لكن وفد “المردة” رفضهما. وفي المقابل يعمل الرئيس الحريري على اقناع الرئيس بري بالقبول بوزارة الصحة التي كان مقتنعاُ بها سابقاً بدل الاشغال.

وقال مطلعون على موقف “حزب الله” لـ”النهار” إن ملف تأليف الحكومة هو عند بري وفي يده مفتاح الحل والربط وقد يعطي بري “تيار المردة” حقيبة الاشغال أو يقنع “المردة” بالتربية ولكن لا تراجع من بري عن تمسكه بالاشغال. وأشارت مصادر مطلعة على موقف بري لـ”النهار” الى ان الوزير باسيل رفض إعطاء “المردة” حقيبة التربية بعدما كان عرضها الرئيس الحريري عليه معتبراً ان حصته يفترض ان تبقى محصورة بحقيبة الثقافة. ولكن لا معلومات من جهة باسيل تؤكد او تنفي هذا الموقف. ومن وجهة نظر هذا الفريق ان الحلّ لأزمة التأليف قد يكون بأن توافق “القوات اللبنانية” على توليها حقيبة الصحة، أو بأن يوافق الحريري على إعطاء “المردة” حقيبة الاتصالات وأن يأخذ الثقافة بدلاً منها.

وردّاً على الكلام عن تأخير تأليف الحكومة، قال الرئيس برّي أمام زوّاره أمس: “أبلغتُ الى الرئيسين عون والحريري انني أريد الحكومة (مْبَارِح). الأجواء كانت وما زالت إيجابية وهناك بعض التفاصيل، طبعاً هذه التفاصيل ليست عندنا”: فعن موضوع تمثيل فرنجية في الحكومة، قال: “من حقّه أن يتمثّل وبوزارة أساسية، وأنا أمارس التُقى في الأداء السياسي وعندما أقطع عهداً لا يمكن ان اتراجع عنه وقد قلتُ بوزارة أساسية لفرنجية وأنا ملتزم قولي.

إقرأ ايضًا: هذه هي الاسماء الشيعية التي اقترحها عون ورفض بري توزيرها

كما أوضح انه ليس هو من اقترح إسناد وزارة التربية الى فرنجية، “بل انّ هذه الحقيبة طرحها الرئيس  الحريري عليه فرفضها، وقد استغربتُ الرفض في اعتبار انّ وزارة التربية حقيبة أساسية”. واضاف: “طرحتُ على الحريري إمكان ان اساعد في هذا الموضوع، ولم ألقَ استجابة حول هذا الطرح.

وعن موضوع وزارة الاشغال وما يحكى عن إسنادها الى هذا الفريق او ذاك، قال: “أبلغني الحريري انه سيشكّل حكومة مُنقّحة عن الحكومة الحالية، وهذا يعني بنَحوٍ غير مباشر إبقاء الحال على ما هي عليه، بمعنى الوزارات ومَن يتولّاها. وعلمتُ انّ هناك وعداً من الرئيس المكلّف بإعطاء هذه الحقيبة لـ”القوات اللبنانية“. لكن مثلما هناك حقائب أخرى ثابتة لمَن يتولّاها الآن مثل الخارجية والطاقة والداخلية وغيرها، فكيف يجوز ان تنزع حقيبة من طرف بينما حقائب أخرى ثابتة عند آخرين. كما كرّر الاجواء الايجابية الكبيرة السائدة بين عين التينة وبعبدا بما يؤكد انّ ذيول الاشتباك السياسي الاخير بينهما قد بدّدَت.

السابق
آل يعقوب يتحدون القضاء: هل سيمثل هنيبعل القذافي أمام المحكمة؟
التالي
إيران بين ترامب و«عسكرة» المجتمع الشيعي!