الجدار العازل في عين الحلوة.. صمت فلسطيني وتصلّب أمني لبناني

بدأت عملية بناء الجدار العازل حول مخيم عين الحلوة منذ أكثر من عام، حيث انه  سيكون حتى تاريخ اليوم قد أنجز الجزء الأكبر منه، في ظل صمت مريب من جميع المعنيين سواء من الفلسطينين على مستوى الشعبي ام على مستوى الفصائل والمستوى الرسمي، والمقصود هنا طبعا السفارة الفلسطينية في لبنان التي لم يُسمع لها حسيسا أو نأمة.

يرّن السؤال في أذان الكثيرين ممن هم معنيون بالملف الفلسطيني، وهو لماذا لم يصدر أيّ استنكار رسمي واضح من قبل الفصائل الفلسطيينية، والقوى الوطنية، وخطوط الممانعة؟

للإضاءة على هذا الملف، تحدثت “جنوبية” مع مدير مركز “تطوير” للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية الكاتب السياسي الفلسطيني هشام دبسيّ الذي رأى أنه “ليس بالضرورة ان يتم إعلام الفصائل بالقرار اللبناني، فطبيعة العلاقة بن الدولة  والفصائل لا تقتضي ان يجلسا معا وأن يصلا الى نتائج معينة”.

إقرأ أيضا: الجدار حول عين الحلوة: المخيم في زمن مقاومة حزب الله

ويعتقد دبسي أن “حتى لو ان السلطة اللبنانية نسّقت مع الفلسطينيين، فهذا لا يعني أبدا ان السلطة ملزمة برأي الفصائل، فكل ما يقوم به الجيش اللبناني ناتج عن كونه سيد نفسه”.

ويعود دبسي بالذاكرة لسنوات خلت، فيقول “التجربة الفلسطينية كلها منذ العام 2005  والى اليوم تسير بتجاوب تام مع السلطات اللبنانية، في ظل الدعوة للتنسيق بين الجيش والأجهزة الأمنية الفلسطينية، فالفلسطينيون يحاولون بشتى السبل ان يكونوا متصالحين مع واقعهم”.

وبحسب رأيه “الفلسطيني في كل من فتح وحماس والفصائل المنضوية سواء بالتحالف مع حماس أو فتح تضع نفسها بخدمة أجهزة الدولة اللبنانية ليس خوفا، انما التزاما باتفاق الرئيس محمود عباس مع السلطات اللبنانية حين زار الاخير لبنان حيث نص الاتفاق على تسلّم الجيش اللبناني الأمن في عين الحلوة. فالوضع الداخلي اللبناني يفترض ان تقوم السلطات اللبنانية الرسمية بذلك”.

هشام دبسي

وردا على سؤال، يرى المحلل السياسي الفلسطيني المستقل، ان “كل الإجراءات الأمنية التي تقام حول المخيم تتم بقرار لبناني. والقيادة العسكرية اللبنانية تتعامل مع هذه المسائل كقضايا سيادية، منها قرار منع ادخال مواد البناء الى المخيم، ومنع المسافر الفلسطيني من العودة، ومنع الفلسطيني من ممارسة 70 مهنة، وغيرها…”.

ويؤكد كمراقب، انه “بشكل عام السياسة المتبعة هي تأمين طلبات القوى الأمنية، واللقاءات التي تمت بين الطرفين اللبناني والفلسطيني هي لتأمين الطلبات المتبادلة. وهي لا تتم لإنتاج قرار مشترك، بل للتبليغ. وهذا يُعتبر مخالفا للقرار السيادي اللبناني، والإجتماعات هي للتبليغ، اذا انه يتخذ القرار ويتم تبليغ الطرف الفلسطيني”.

ومن الملفت انه لا اهتمام بالجانب الإنساني أصلا في ظل القضايا التي تمس الأمور الأمنية حيث يسقط الكلام بالنسبة للسلطة اللبنانية، والسياسات الحاسمة والدقيقة لا يوجد شيء اسمه بُعد إنساني. ولكن هل هذا الجدار سيمنع الإرهاب والتطرف من التسرّب الى المخيم.. بالتأكيد لن يمنع فالمتطرف سيزيد تطرفه، والمعتدل سيكون مستاءا فقط.

إقرأ أيضا: السلطة إنتصرت وإسرائيل لم تحقق أهدافها

وبالعودة الى بدء الأزمة الفلسطينية يُعيد هشام دبسي الضغوط على الفلسطينيين الى العام 1982، وهي مستمرة الى اليوم حيث كان لبنان ممسوك أمنيّا من السوريين ومن جمهور الممانعة على المستوى الأمني، وهي بدأت منذ الثمانينات، وامتدت الى حصار المخيمات، ومنع الإعمار ومنع الفلسطيني من السفر والعودة. أما الانفراج الوحيد حصل خلال عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

السابق
أفيخاي أدرعي يستحضر «محمود درويش» في تعليقه على حريق اسرائيل
التالي
سلامة كيلة يكتب عن إرهاب الحشد الشعبي