الصين في حربها الناعمة مع أميركا

سقط جدار برلين عام 1989 وانتهت الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي بعد ان دامت لمدة 44 عام. ورغم الحرب الناعمة بين روسيا واميركا ومحاولة بوتين التقدم على حساب اميركا في الشرق الاوسط إلى ان صراع اخر يلوح في افق العالم وهو "الصين - اميركا".

أدى سقوط الاتحاد السوفيتي إلى بروز أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، مهيمنة على جميع دول العالم وخاصة الدول النامية. أصيبت حينها الإدارة الأمريكية بنوع من الغرور وانفجر غزوها اثناء إحتلال العراق وأفغانستان بحجة محاربة الإرهاب والبحث عن أسلحة الدمار الشامل.

239c30be36b232afc0a7ed3bb3a384ea

تحظى منطقة الشرق الأوسط بالاهتمام الأمريكي الكبير لكونها مصدر للطاقة، ذلك انها بوابة عبور للسفن التجارية والعسكرية بين دول العالم. وبالرغم من أن هذه البقعة الجغرافية مصدر ثروة الولايات المتحدة إلا أنها كانت بنفس الوقت مصدر قلق كبير للإدارة الأمريكية في الحرب الباردة، وما بعد الحرب الباردة خاصة أن تلك المنطقة تطل على أهم مضائق العالم كهرمز وباب المندب وقناة سويس.

ازداد القلق والخوف الأمريكي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتوسعت الأصوليات الإسلامية الراديكالية كتنظيم القاعدة في العراق والدولة الإسلامية في الشام والعراق وغيرها من التنظيمات الأصولية التي نشطت في المنطقة معلنة بذبك انه بإمكانا ضرب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وتنفيذ عمليات إرهابية داخل أمريكا.

إقرأ أيضاً: بالفيديو: شاهد كيف أهانت الصين أوباما من الطائرة إلى الإعلام

بالرغم من أن للولايات المتحدة صداقات وتحالفات استراتيجية كبيرة في هذه المنطقة إلا أن دورها تراجع تدريجياً في السنوات الأخيرة وتداعى تراجعها ابان فترة حكم الرئيس باراك أوباما، فلم تتمكن من حسم الملف السوري الذي أصبح بمتناول دول مارقة كإيران وروسيا.

إقرأ أيضاً: الصين و روسيا حلفاء لإيران وللسعودية ولإسرائيل أيضًا

وأي مراقب لتحولات السياسية الأمريكية يعلم جيداً أن المنطقة الغنية بالطاقة والمطلة على أهم المنافذ البحرية والتي تهدد أمن وسلامة أمريكا لم تعد كما هي في السابق من ضمن أولويات السياسة الأمريكية.

ويعود أسباب تراجع الاهتمام الأمريكي، إلى غزو الدول الناشئة الساحة الاقتصادية كالهند وتركيا والبرازيل وحتى تايوان وكوريا الجنوبية وبلا شك الصين التي باتت تشكل محط اهتمام وتركيز الولايات المتحدة الأمريكية.

وبفضل العولمة التي يعتبرها البعض “متأمركه” أصبحت الصين المنافس الأول اقتصادياً وعسكرياً للولايات المتحدة.

فالصين اليوم باتت تغزو جميع الدول العالمية ببضائعها ودعمها للمشاريع التنموية في العديد من البلدان الآسيوية المجاورة وغير المجاورة حتى كالدول الأفريقية.

إن تقدم الصين على المستوى العسكري، أصاب قلق جميع جيرانها المتحالفين مع الولايات المتحدة كاليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وغيرها مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة نشر جنودها في قواعدها العسكرية شرق آسيا.

ونشر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام تقريراً حول الإنفاق العسكري لعام 2015، وأشار التقرير إلى أن “الصين احتلت المرتبة الثانية عالمياً في الإنفاق العسكري بعد الولايات المتحدة، وبلغت موازنتها العسكرية إلى نحو 214 مليار دولار أمريكي”.

يلفت التقرير إلى أن الصين زادت من موازنتها العسكرية بنسبة 132%. وتستغل الصين تباطؤ النمو الاقتصادي في أمريكا ودول أوروبا الغربية، برفع ناتجها المحلي حيث تشير تقديرات البنك النقد الدولي عام 2013  إلى “بلوغ حجم الاقتصاد الصيني حوالي 8.94 تريليون دولار مقابل 1.19 تريليون في عام 2000 أي تضاعف الاقتصاد الصيني بـ 6.45 مرات”.

خلال عام 2013 حقق الاقتصاد الصيني نسبة نمو بلغت 7.6% مقابل 1.56% للاقتصاد الأمريكي. وأشارت بيانات نشرها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، إلى ارتفاع حصة الصين من إجمالي الصادرات العالمية بنسبة 13.8% من إجمالي صادرات العالم، خلال عام 2015.

وبات النمو الصيني يشكل خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة، وقد لوح الرئيس أوباما في قمة العشرين بضرورة قيام “اقتصاد عادل للجميع”، كما وهدد دونالد ترامب بفرض عقوبات ضرائبية على الصين.

لا شك بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي القطب الأوحد في هذا العالم، وأنها تؤثر على جميع الدول.

كل التغيرات التي تحصل في هذا العالم تعطي مؤشراً جديداً بأن أمريكا ليست لوحدها تركض في السباق الدولي بل أيضاً بات بجانبها منافسين جدد.

ويبقى السؤال هنا هل سيتحول هذا السباق إلى حرب باردة جديدة؟  ربما، إن العالم يسير وفق مصالح وأهواء الأنظمة السياسية العالمية، ولكن سنبقى ندفع ثمن كل هذا العبث.

 

 

 

 

 

 

السابق
اغلاق المدارس في طهران بسبب التلوث
التالي
ستريدا جعجع وحشد نجوم الفن في مهرجانات الأرز