ولمعارك حزب الله في سوريا أساطيرها أيضاً!

هي أساطير رُوِّج لها من قبل حزب الله مع انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان، صدّقها الجمهور الشيعي وكان بالطبع القصد منها إعطاء رمز القدسية لحزب الله الذي يدرك جيدا كيفية التأثير بعقول وعواطف معظم الجماهير عبر الخطاب الديني والطائفي.

من منا لا يذكر أساطير “النصر الإلهي” في حرب تموز 2006 عندما استطاع جنود حزب الله هزيمة العدو الاسرائيلي بعون من “الإمام مهدي” نفسه الذي حضر إلى الميدان مع جنوده.

هذه الحرب التي كلفت اللبنانيين الدمار والخراب وشهداء وجرحى كان لا بد من تبريرها عبر استثارة عواطف الناس بهذه الطرق، هذه المعجزات كانت تروى آنذاك افتراضا عن لسان الجنود الاسرائيليين حتّى ينقل مؤيدو الحزب كيف هرب الاسرائيليون عندما رأوا جنود باللباس الأبيض حاملين السيوف، هذا عدا عن المنصات الصاروخية التي كانت تقصف الأهداف وحدها، وغيرها من الأخبار والقصص التي كانت تروى على لسان جمهور حزب الله.

اليوم ومع دخول الحرب السورية عامها السادس في ظل انخراط حزب الله في المستنقع السوري لإنقاذ النظام السوري تحيط ملامح التخبط وغياب الرؤية الاستراتيجية بهذا الانخراط، خصوصا وأن فاتورة الحرب أصبحت باهظة مع تخطي أعداد قتلى الحزب نحو1500 مقاتل من الطائفة الشيعية. ومع فرض حزب الله على الشيعة هذه الحرب، ومع خروج الوضع من تحت سيطرته لا بدّ إذا من خلق الأساطير المماثلة لحرب 2006 . فكانت البداية تغرير الشباب عبر إعلاء الشعارات المذهبية لحماية المقامات الدينية، فكان وقع شعار “لن تسبى زينب مرتين” أثارا واضحة لإعطاء الحرب بُعداً طائفيا ومذهبيا، غسيل أدمغة هؤلاء كانت أيضًا عبر التمهيد لظهور الإمام المهدي، من خلال التغرير بهؤلاء الشباب ووعدهم بأنهم جنود الامام المهدي المنتظر الذي سيحارب فيهم أعداء الله يوم القيامة، وأن الأعداء الموجودين في الجهة المقابلة هم جماعة السفياني والأعور الدجال.

و لتبرير حجم الرقم الضخم من ضحاياه الذي يكبر يوما بعد يوم في صفوف الحزب، فان التفاخر بات هو الحل، واصبح الموت في سبيل الدفاع عن مقدسات الطائفة ووجودها ضدّ التكفيريين هو الشعار الذي يحلو الموت في سبيله.
ولأن لا فارق بين الدفاع عن المذهب والدفاع عن الدين فان التدخل في سوريا من قبل الحزب اصبح من اجل الدفاع عن الدين أيضا، والشهادة أمر مقدس وهو أمر واجب وحتمي ولا مفرّ منه.

إقرأ أيضاً: «يوم الشهيد» غاب عن لبنان وحضر استعراض قوّة في القصير

لكن اللافت، هذه المرة إستخدام غطاء مسيحي من قبل حزب الله لتشكّل دافع أقوى لدى الطائفة الشيعية وذلك لكسب المزيد من التبعية العمياء. إذ نشر الناشط في “التيار الوطني الحرّ” طوني اوريان على صفتحته الفيسبوكية التالي :

“هذا الخبر وصلني من أحد الرفاق، قد يكون من نسج الخيال، لكن الوصف الذي يتضمنه هو حقيقة اعترف بها اعداؤنا في عدة مواجهات.

اعترافات امير جبهة النصرة:
لا اعلم ان يوجد احد على وجه الكرة الارضية يملك تلك الخبرات العسكرية التي تفوّقت في المعركة بشكل لا يتوقعه العقل…
لقد تفوق علينا حزب الله حتى في الموت …
انهم يقاتلون بجنون … لقد استعملوا تحصيناتنا لقتالنا و انفاقنا لدفننا داخلها …
و لم نسمع سوى العبارات التالية :
الله اكبر
لبيك يا حسين
لبيك يا صاحب الزمان
لبيك يا زينب
يا حيدر كرار
يا زهراء
و كنا نخلي اماكن تواجدنا مباشرة عندما كنا نسمع هذه العبارات لأن كان يلحق هذه العبارات زلزال اشبه بفلق البحر نصفين ،
و عند بدء الهجوم كنا لا نعرف غزارة النيران من اين تنطلق ، كأنهم في كل مكان كأنهم بجانبنا كأنهم بيننا، نعم صدق الاسرائيليين حينما قالوا انهم أشباح،
اقسم انني احسست بالخوف للمرة الاولى في حياتي عندما واجهت حزب الله و لأنهم محترفون جداً بالقتال و كانوا يقتلون ما يريدون ويأسرون من يريدون ، ولو ارادو قتلي لقتلوني مع رجالي الذين قتلوا جميعاً في المعركة.
رغم عدائي لهم اقول لو كنا نمتلك نصف ما يمتلكون من خبرات عسكرية لحكمنا الكرة الارضية.
و سينتصرون في جميع معاركهم”!!.

وللقارىء ان يفكر ويحلل ويستنتج كيف لطرف ان يكبر عدوّه بهذا الشكل المبالغ فيه وتبجيله حدّ القداسة!!

فلا ندري إن كان هذا الشاب متأثر فعلا بالمدرسة الشيعية وإن كان من تلامذة غدي فرنسيس الذين يزاودون بحبهم للشيعة وأئمتهم أكثر من المسلمين، ويغالون بحبهم للمقاومة حيث لا يترك مديح لشعب المقاومة نفسه. لكن الأكيد أن هذه الثقافة والترويج للخرافات لأهداف تسويقية وسياسية يستدعي القلق لما لها تأثير على الفكر والثقافة الشيعية.

إقرأ أيضاً: دبابات حزب الله في القصير تقصف هيبة الدولة اللبنانية

وبالطبع لم تكن إيران الراعي الأول لحزب الله بعيدة عن هذا المشهد بل ساهمت أيضًا بالترويج لهذا المنطق الخرافي منذ حرب تموز على لسان المرجع الديني الإيراني محمد تقي مصباح يزدي، الذي نقل عن لسان السيد حسن نصرالله تحقيق معجزات كبيرة وكثيرة لصالح “حزب الله”. حيث أبلغه نصرالله شخصيا أن “عندما كانت تشتدّ المعارك وكانت القوات الاسرائيلية تشنّ هجوماً عنيفاً على قوات “حزب الله”، كانت تنسحب قوات الحزب من دون أن يجرؤ الجنود الإسرائيليون على التقدم، وقال جنود العدو فيما بعد إن السبب في عدم تقدّمهم هو أنهم رأوا رجالاً يلبسون ملابس بيضاء ويحاربونهم بالسيوف”.

السابق
حزب الله ينشر صوراً جديدة لعرضه العسكري في القصير
التالي
علي ومعاويه ومعركة الغاز