عنصرية ما بعدها عنصرية: تلوث الهواء بسبب السوريين!

وكأن الحرب والنزوح القسري لا يكفيهم حتى يعاقب الشعب السوري بـ«العنصرية»، وهو الذي فر من بلاده تحت هول القذائف وأزيز الرصاص جراء الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد وميليشيات حزب الله ضد المدنيين العزّل.

العنصرية في لبنان ضدّ اللاجئ السوري أصبحت ظاهرة مستشرية في مجتمعنا، في المقابل يعيش السوريون في ظروف قاسية، فلا خيار أمامهم سوى العودة إلى بلدهم حيث ينتظرهم الموت، أو البقاء في لبنان رغم الذل والمعاملة الفوقية والتصرفات العنصرية.

لكن أهم ما في القضية أن هذه العنصرية تتسع رقعتها في وطننا حتى باتت تترجم اليوم في الإعلام وفي صحف عريقة التي أصبحت حافلة بمظاهر العنصرية كجريدة “النهار” التي نشرت تحقيقا أمس تحت عنوان ” زيادة تدهور نوعيّة الهواء بعد اللجوء السوري والتكلفة 151 مليون دولار سنوياً منذ 2011″.
فحتى تلوث الهواء حمل اللاجئ السوري أعبائه البيئية والإقتصادية وكأن هذه الصحيفة تحسب على السوريين الهواء الذي يتنفسوه.

إقرأ ايضًا: عنصرية «موقع التيار» من الصحافة إلى «الردح» بلا توقيع

وعلى الرغم من أن التقرير ذكر في البداية عدة أسباب أساسية أدت إلى تدهور الوضع البيئي لتلوث منها “الحرائق  التي  تقترب من المنازل وتهدد الاهالي وتزيد تلوث الأجواء في أحراج بكركي – درعون – حريصا منذ أكثر من 24 ساعة”. مع الإستعانة بكلام وزير البيئة محمد المشنوق الذي اعلن في اجتماع لمناقشة مسودة الاستراتيجية الوطنية لادارة نوعية الهواء، انه “تم تقدير قيمة تدهور نوعية الهواء بنحو 151 مليون دولار سنوياً وفق دراسة للبنك الدولي عام 2011 من جراء الإنبعاثات الهوائية الملوثة والتي تؤثر على الجهاز التنفسي والجهاز العصبي ونمو الأطفال بشكل عام”.

إلا أن “النهار” لم يفتها تذكير معاليه بالنفايات المتراكمة في الشوارع والتي ساهمت بشكل أساسي برفع نسبة تلوث الهواء الى حد كبير.
لكن اللافت، أنها لم تفوت فرصة أيضا إلقاء اللوم على السوريين وتحميلهم جزءا من هذه المسؤولية، إذ إرتفعت نسبة التلوث مع توافد ما يزيد عن مليون وثمانمئة الف لاجئ إلى لبنان بسبب الأزمة السورية، اذ تشير الدراسة التي قامت بها الوزارة عام 2014 لتقويم أثر الأزمة السورية على البيئة في لبنان أن هذه الأزمة أدّت إلى زيادة في الانبعاثات الهوائية تصل إلى نحو 20% مقارنةً بالوضع عام 2010″.
ويتضح لنا من خلال هذا العرض أن الصحيفة تناست كل هذه الأسباب وعنونت التقرير بأكثر العبارت تفوه منها العنصرية.

فلجأت الصحيفة إلى أسلوب الإثارة الغير مبرر بعنوان لا يعبّر عن مضمون النص الذي يرتكز على المؤتمر الذي ترأسه وزير البيئة والذي صرح بالعديد من المواقف عن الأسباب والحلول فيما يتعلق بأزمة تصاعد التلوث الهوائي.

واشار المشنوق الى ان وزارة البيئة كانت قد وضعت إطاراً قانونياً لحماية نوعية الهواء منذ عام 2005 لما لهذا القطاع من أهمية على صحة المواطن اللبناني والوضع الإنساني بشكل عام. “لكن هذه الاستراتيجية سوف تبقى مسودة عمل إلى حين صدور قانون حماية نوعية الهواء على أن تكون النقاشات حول الاستراتيجية محفّزاً لإصدار هذا القانون بالاضافة الى المراسيم المطلوبة لتنفيذه”.

إقرأ ايضًا: حلّوا عن سما اللاجئ السوري… يا عنصريين!
إذ لفت الى “أن العديد من الملوثات الهوائية تنتج من النشاطات الاقتصادية في قطاع النقل مثل السيارات العامة والخاصة وآليات الحمل والتنقل والآليات العسكرية وأن ما نستهلكه من محروقات يتضمن نسبة مرتفعة من الكبريت، وإن نوعية البنزين في أوروبا المعروفة بـ “يورو 6″ لا تزيد نسبة الكبريت فيه عن 10 ppm ما يعني ان السيارات الجديدة العاملة في أوروبا حالياً لا يمكن أن تسير بنوعية البنزين المتوافرة في لبنان.
لافتا إلى  موضوع المازوت الاحمر فهو فضيحة لأنه يحتوي على 5500 ppm ويجب خفض نسبة التلوث المرتفع في الكبريت والوصول الى استخدام المازوت الاخضر. كما تنتج الملوثات الهوائية من قطاع الطاقة ووجوب استخدام الطاقات البديلة. كما تنتج الملوثات من قطاع الصناعة وغيرها من المصادر كالزراعة والعمران والمقالع بالإضافة إلى مصادر بشرية أخرى كالحرائق والألعاب النارية وحرق النفايات. كما تنتج الملوثات الهوائية من مصادر طبيعية عدة كحرائق الغابات والعواصف الرملية والظروف المناخية”.
هذا التناول السطحي لكارثة بيئية، قدِّرَ قيمة تدهور نوعية الهواء بنحو 151 مليون دولار، هو خطأ فادح بالنسبة لصحيفة عريقة كالنهار لا يجوز لها بعد سنوات في المهنة الى اللجوء إلى أسهل طريق نحو زيادة نسبة القراءة . وهو ما بدوره أثار جدلا واسعا في صفوف ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي حول عنصرية العنوان، وأبرز المعلقين الناشط عماد بزي الذي أثار الموضوع على صفحته الخاصة :

عماد بزي النهار النهار تعليقات عنصرية

تعليقات النهار ضد العنصرية تعليقات النهار ضد العنصرية تعليقات النهار ضد العنصرية

السابق
والمتحف الثالث؟ سيرة رجل في مسيرة شعب
التالي
بالفيديو: من توقعت ليلى عبد اللطيف للرئاسة الأميركية؟