حكم ترامب يحمل بذور حرب أهلية

إنتخب الاميركيون المرشح الجمهوري دونالد ترامب لرئاسة البيت الابيض.. عهد جديد لاميركا غير مفهوم المعالم إلى حد الآن. هذه الإنتخابات التي جرت في ظروف غير عادية سببت خيبة امل ضخمة لدى فئة كبيرة من الشعب الاميركي.

العالم كله مستنفراً بعد صدور نتائج الأنتخابات الاميركية غير المتوقعة، قبل يومين من الآن كانت الصحف العالم ومراصد الإستطلاعات تقول بالفم الملآن ان هيلاري كلينتون ستكون رئيسة أميركا، وفي أقل من 24 ساعة تبدل المشهد كلياً، وتقدم ترامب على هيلاري في الولايات التي بشرت وكالات الإستطلاعات انها نائمة في جيب كلينتون.

دونالد ترامب

لقد خذلت ولاية فلوريدا وبنسيلفانيا وميشيغان توقعات كلينتون، ملحقاً بذلك الحزب الجمهوري هزيمة مدوية بحق غريمه الديمقراطي. أطلق الحزب الجمهوري يديه داخل الكونغرس ومجلس الشيوخ مرفقاً ذلك بتغيرات جذرية نهشت الجسد الاميركي.

“أميركا لم تعد كما كانت” تجلى ذلك في سياق الخطاب السياسي الذي رافق الحملات الإنتخابية من كلا الطرفين وترافق فوز ترامب بإحباط إجتاح اوساط الحزب الجمهوري، ذلك أن الرجل القادم لا يخجل من عنصريته ولغته المملوءة بالعرق الابيض وسينفذ مشروع الجدار الفاصل بين دولته والمكسيك وسيسمح له حصدها للكونغرس ولمجلس الشيوخ لمنع المسملين من الدخول إلى أميركا.

إقرأ أيضاً: ترامب يحقّق المفاجأة ويفوز برئاسة أميركا

كل هذه التحولات غير السهلة لن تمر طيفاً لطيفاً على الداخل الأميركي. لقد حصل شيء بمكان ما وفي لحظة محددة أطاحت بالحزب الديمقراطي، لجهة دخول مرشحين وهما غاري جونسون وجيل ستاين الذان حصدا مجموع 4% من أصوات الناخبين وهو ما ازعج هيلاري كلينتون. ومن جهة اخرى انكشف المجتمع الأميركي على خطاب عنصري متقرح تغلغل به لسنوات طويلة وسيلتقي الاميركيين ذوي النزعة الإنعزالية مع إخوتهم القوميين الإنعزاليين المنتشرين في فضاء ايديولوجي مجنون.

إنهزام كلينتون لديه محركات عدة وليس كله بسبب ترامب إنما بسبب تراجع الديمقراطيين عن أداء دورهم. ففي الوقت الذي كان متوقعاً ان ينهار الحزب الجمهوري على ضوء الإنقسام الذي ولده ترامب بين أجنحته وإبتعاد صقور الحزب عن تأييد ترامب إلا أن انهيار من نوع اخر بعيداً عن المناخ الجمهوري دفع عدد من الناخبين للتصويت لغاري جونسون العدو اللدود الصامت لهيلاري كلينتون، فقد إستطاع حصد 3% من الأصوات لصالح حزبه في ولاية فرجينيا التي كانت كلينتون تتوقع إطاحة الجمهوريين بها.

المحلل السياسي سعد محيو في حديث له لموقع “جنوبية” إعتبر ان خسارة كلينتون هي منتج لعدد من المشاكل فهي لم تقنع عدد كبير من الناخبين الذين كانوا من المتوقع ان يصوتوا لها، كما لا يمكن اخفاء الاثر السلبي للرسائل المسربة على حملتها الإنتخابية.

إقرأ أيضاً: اللبنانيون: ترامب أو هيلاري.. كلاهما الأسوأ للشرق الأوسط

وأشار محيو إلى الدور الذي لعبه مؤيدوا برني ساندرز حليف كلينتون، حيث انه اختار المضي بحملة كلينتون ولكنه لم يضغط على مؤيديه لإنتخاب كلينتون، وكتلة ساندرز تتألف من اليسار المتصاعد ببطيء.

وعن مجيء ترامب، رأى محيو ان قدومه للبيت الأبيض، قد يهدد السلم الأهلي الأميركي مما يعني رايات حرب اهلية بين أطياف المجتمع الأميركي الذي بدأ يتباعد عن بعضه.

وأضاف “هنالك انقسام واضح بين الولايات المطلة على المحيط الاطلسي والولايات المطلة على المحيط الهاديء، حيث ان الولايات لا تعيش النموذج الإقتصادي والإجتماعي نفسه، وهذا الصراع بين الولايات دفع بترامب لتولي رئاسة اميركا.”

وختم محيو بالقول، “مجيء ترامب في اميركا يمثل الوجه المنعزل للعالم، وقد تأتي لوبان المرشحة اليمينية للرئاسة الفرنسية إلى سدة الحكم، هذا يعني أن صراع جديد يتشكل بين العولمة واليسار وبين اليمين وقد ينتج عنه امور لا يحمد عقباها في السنوات القادمة إلا إذا شكل اليسار في اوروبا واميركا سداً منيعاً بوجه التقدم الإنعزالي اليمين المتطرف.”

 

 

 

السابق
ثورة تعليمية في فنلندا: التدريس بلا مواد دراسية!
التالي
اسرائيل تقصف موقعا للجيش السوري ردّا على سقوط صاروخ في الجولان