الصراع السنيّ – الأمريكي إنطلق بخلفياته السلفيّة

في الوقت الذي تتقرب فيه ايران الشيعية من الامريكيين يشهد العالم أجمع التوتر الحاصل مع واشنطن في العلاقات مع الحركات الإسلامية السنيّة. وهذا التقرير يلقي الضوء على خلفيات الصراع والاسباب.

إقرأ أيضا: أميركا البعيدة

ففي تقرير ملفت الـ”ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺗﺎﻳﻤﺰ»، جاء فيه “ﺇﻥ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‏(ﺍﻟﺒﻨﺘﺎﻏﻮﻥ‏) ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺴﻨﻲّ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑـ”ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ”. حيث تسعى الإﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ الأمريكية لمناقشة أفكار وعقائد مذهب السنّة ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻢ ﺗﻨﻈﻴﻤﻲّ كل من ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻭتنظيم الدولة في بلاد العراق والشام “داعش”” .

حيث يتم تسليم القادة الميدانيين خارج الأراضي الأمريكية كافة التقارير التي يشرف على إصدارها فريق رئيس هيئة الأركان الأمريكي، والتي تُعد واحدة من أهم مصادر المعلومات بالنسبة لهم، فتتخذ الإجراءات الأمنيّة المرافقة بناءا على التهديدات التي قد تطال الولايات المتحدة  حيث هي منتشرة في العالم العربي والإسلامي.

وقد حاولت ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﺭﻛﺎﻥ تضمين تعميم رؤية مفادها ﺃﻥ “ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ” ﻫﻲ ﻣﺼﺪﺭ الإﻟﻬﺎﻡ “ﻟﻠﻤﺘﻄﺮﻓﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ المؤيدين ﺍﻟﻌﻨﻒ”. فـ”ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻫﻲ العقيدة التي ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ”داعش”، وان هذه العقيدة تستخدم ﻓﻲ ﺗﺒﺮﻳﺮ الأعمال  الإرهابية ضد  جهات معادية لها كالشيعة، ﻭبعض الفرق من ﺍﻟﺴﻨّﺔ، اضافة الى ﺍﻷﻛﺮﺍﺩ، ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ .

من جهة أخرى، اعتبرت دراسة قام بها “ﻣﺮﻛﺰ بيغن- ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ” ﻓﻲ واشنطن، وهو مركز قريب ﻣﻦ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، ﺃﻧﻪ هناك خطر كبير ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻣﻦ “ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳين العرب”!

ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻬﺞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ القائمة على ما يعرف بعقيدة “أوباما”، والتي تعتمد على فكرة تغذية العصبيات والإنتماءات ﺍﻷﻭﻟﻴّﺔ، وﻤﺤﺎﺭﺑﺔ السنّة ﻭﺍﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﻋﻠﻴﻬم، مقابل ﺍلإﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ الشيعة ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻌﻬم، ﻭﻣﺪ ﺟﺴﻮﺭ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﻛﺔ. فخلال انعقاد ﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ ﻟﻠﻮﺑﻲ الإسرائيلي ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ (إيباك)، صرّح  الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمجلة “ﺑﻠﻮﻣﺒﻴﺮﻍ ﻓﻴﻮﺯ” جاء فيه “ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻛﺎﺀ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨّﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻣﻊ ﺇﻳﺮﺍﻥ”. وأضاف ﺇﻧﻪ “ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺤﻮﻻﺕ ﺗﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎﻏﺘﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮين وﻣﻨﻬﻢ ‏(ﺍﻟﺴﻨّﺔ‏).

كما إعتبر أن “ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﺨﻴﻒ ﺩﺍﺋﻤﺎ”، وأجاب ردا على سؤال “قارن بين إيران الشيعيّة الاستراتيجية ﻭﻏﻴﺮ المتهورة، وبين العرب السنّة. فالشيعة أصحاب نظرة عالميّة، ﻳﺮﻭﻥ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ، ﻭﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻣﻊ القضايا من منطق ﺍﻟﺮﺑﺢ ﻭﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ. في إشارة الى تعاون الشيعة في العراق مع الأميركيين لإسقاط  الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.

بالمقابل، دافعت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية عن الموقف العربي، فنشرت مطلع تشرين الأول تقريرا شرحت فيه السياسات الأمريكية الجديدة بخصوص تحريك النعرات المذهبية بين السنّة والشيعة، فقالت ﺃﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴُّﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣُﻘﺼﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺪﻭﻝ، ﻓﻔﻠﺴﻄﻴﻦ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﻴﻬﻮﺩ، ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ، ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﻮﻥ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻴﺤﻜﻤﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ أيضا. وعللت ذلك بأن العربي ﺍﻟﺴﻨﻲّ ﻓﺸﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، وهو بخلاف الشيعة الذين يعيشون الإندماج ﺍﻟﻄﻮﻋﻲ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﻧﺎﺟﻢ ـ ﺑﺤﺴﺐ تحليل المجلةـ عن الفروقات ﺍﻟﻌﻘﺪﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨّﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻌﺔ، ﻓالسنّة ﻟﻬم ﻣﻮقف واضح ﻓﻲ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺘﻪ، ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﻌﻘﺪﻱّ ﻋﻨﺪﻫم ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ، ﻋﻠﻰ المستويين ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ، وﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻓﻤﻮﻗﻔﻬم ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎً، كونهم ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼً للتعاون ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﺘﻞ، ﻭﻋﺪﻡ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻪ!!

ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻭﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ التقسيمية، ﻧﺠﺪ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ تدور مع ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ الاسلامية المتشددة، في نجد أن الشيعة ﻳﺤﻈﻮﻥ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻭﺩﻋﻢ غربيين.

وترى مصادر إسلامية مقربة من السلفيين ان الصراع الامريكي السني انطلق منذ فترة ليست بوجيزة بعد ان بدأت واشنطن ومن ورائها العالم الغربي تستبعد الصراع مع طهران الذي انطلق منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وقد نقلت مصادر إسلامية سلفيّة هذه الأجواء والخلفيّات لتعليل المعارك التي تفتح في معظم الدول العربية بين الأنظمة والإسلاميين.

أقرأ أيضا: سباق الخطوة الاخيرة لصالح كلينتون.. فهل تفوز غداً بالرئاسة؟

فهل ان الصراع الحاليّ انتقل وتحوّل نحو شكل جديد أيّ بين السنّة المتشددين من جهة، وواشنطن من جهة أخرى؟ وكيف سيتجلى هذا الصراع على الصعد كافة؟ وما هي الخطوات الميدانية التي على الحركات الإسلامية إتخاذها؟

السابق
مقبرة جماعية وجثث بلا رؤوس في الموصل من أعمال داعش
التالي
جديد قضية القطريين المختطفين: «حزب الله» يعرقل إطلاق سراحهم.. ويضع شروطه