الاتفاق لمدنٍ أربعة.. والموت من طرف واحد!!

عامٌ ونيّف على اتفاق "المدن الأربعة" الزبداني ومضايا جنوباً، وكفريا والفوعة شمالاً، والذي تمّ فيه الاتفاق بين جيش الفتح، والمفاوض الإيراني، على جملة بنود جلّها لم يُنفّذ.

وثقت بلدة “مضايا” المحاصرة في ريف دمشق خلال فترة الاتفاق أكثر من 250 وفاة، نتيجة الجوع أو القنص أو نقص الدواء، فضلاً عن الألغام المزروعة على أطراف المدينة.
أما مدينة الزبداني، فقد دفعت الثمن الأكبر لهذا الاتفاق، حيث هُجّر أكثر من 35 ألف نسمة منها، ليبقى بداخلها 200 من أهلها، جلّهم من المقاتلين الرافضين التفريط بالمدينة، رغم كل الظروف المحيطة بهم.
لا يمكن المقارنة – بأي حال من الأحوال – بين حصار الزبداني ومضايا الواقعتين تحت سيطرة المعارضة، وحصار كفريا والفوعة الواقع تحت سيطرة النظام وميليشياته، إذ أنّ الأخيرتين تتلقيان كافة احتياجات المدنيين والعسكريين من طائرات “اليوشن”.
تهبط السلال “المظلية” على كفريا والفوعة على مرأى ومسمع جيش الفتح، بذريعة عدم امتلاك مضادات جوية، كما أن عمليات “التهريب” نشطت من بعض المدنيين والعسكريين من بلدات بنش، ومعرة مصرين، وغريهما من المدن في ريف إدلب الجنوبي لداخل البلدتين.
المفاوض الإيراني “أبو حميدو”، وهو إيراني الجنسية، يقيم في تركيا، كان من سكان حي “نبل” في حلب، وهو المسؤول عن ملف التفاوض بخصوص هدنة “المدن الأربعة”، ويتم التواصل معه من الأمم المتحدة، وفق ما ذكر مصدر ، ولم يتسنى للمدن التأكد من صحة المعلومة.
يمارس أبو حميدو أساليب الابتزاز بحق المحاصرين في بلدة مضايا، حيث يستغل أي مصاب أو جريح داخل البلدة، لصالح أهالي كفريا والفوعة، كان آخرها مطالبه إخراج 4 مدنيين من بلدتي كفريا والفوعة، مقابل جريح أو مريض من مضايا، وهو ما أدى إلى تعليق عمليات الإخلاء حتى إشعار آخر.
ولا يترتب على تعليق عمليات الإخلاء آثار سلبية على أهالي الفوعة وكفريا، إذ يمتلكون طواقم طبية، وأطباء مختصين وجراحين، على عكس بلدة مضايا، التي تعاني من نقص حاد في الكوادر والمستهلكات الطبية، ما دفع بكادرها الطبي إلى تعليق عمله قبل أيام قليلة.

إقرأ أيضاً: مضايا المحاصرة: المفاوض الإيراني لم يخرج محمد المصاب فمات على مرأى الأمم

ويعيش أهالي مضايا على المناشدات المتكررة التي يطلقها الكادر الطبي والناشطون لإخلاء مصاب، أو المطالبة بإدخال مواد عاجلة.
تُحاط مضايا بأكثر من 165 نقطة عسكرية لقوات النظام السوري ميليشيا حزب الله اللبناني، تبعد النقطة عن الأخرى 20 متراً، فيما يُقدر ناشطون وجود 8000 لغم زرعه حزب الله على أطراف البلدة، الأمر الذي عقّد عمليات هروب المدنيين من البلدة، وأدى إلى إصابة ومقتل عدد من المدنيين نتيجة انفجار الألغام. مصدر محلي قال : “تم توثيق 50 إصابة بانفجار الألغام، من بيهم 10 لقوا مصرعهم فور انفجار الألغام، و12 آخرين تعرضوا لعمليات بتر أطراف”.

إقرأ أيضاً: طفل مضايا: شهيد الحصار!

بينما في الفوعة و كفريا تقول مصادر محلية أن حواجز المعارضة، التي تفرض الحصار لا يتجاوز عددها 20 نقطة، بين النقطة والأخرى 300 متر، الأمر الذي يسهل عملية خروج ودخول المدنيين، أو تهريب المواد إلى البلدتين.
إن ما شهدته المدن الأربعة خلال عام، هو موت من طرف واحد، وسط عجز لجيش الفتح عن تشكيل ضغط حقيقي على بلدتي الفوعة وكفريا، لتتم المساواة بين الشمال والجنوب.

السابق
ماذا قصد نصر الله بقوله أنّ «الأخلاق» تتقدم على الدستور والقانون في بناء الدولة؟
التالي
انتقم منه باتّهامه بتفجير اليونيفيل