هل يولد ميشال عون جديد ؟

علي حمادة

لنتحدث صراحة : لم يأتِ انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية بالأمس برداً و سلاماً على قلوب شرائح واسعة من اللبنانيين. والأمانة أيضاً تقتضي منا الاعتراف بأن هناك شعوراً مراً بهزيمة لحقت بخط سياسي عريض عابر للطوائف والأحزاب ضحى بالكثير من أجل وحدة لبنان، واستقلاله، وسيادته، ومشروع الدولة فيه. صحيح أن أصوات كتلة “تيار المستقبل” برئاسة الرئيس سعد الحريري، وبقرار منه حسمت الأمور لمصلحة عون، ولكن صحيح أيضاً أن غالبية ساحقة من قيادات “تيار المستقبل” وجمهوره ما كانت تحبذ هذا الخيار، ولا تزال. والواقع نفسه ينسحب على البيئة الحاضنة لكتلة “اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب وليد جنبلاط الذي صوَّت الى جانب خيار عون، لكنه استبق التصويت بـ”نعي” لبنان بقوله خلال مراسم تأبين أمين السر العام السابق للحزب التقدمي الاشتراكي المقدم شريف فياض: “قد يكون من حسنات القدر أنك رحلت في هذه اللحظة كي لا تشهد المزيد من الانحدار السياسي والأخلاقي. رحلت قبل أن تشهد لبنان الجديد الذي لم نتعوّده ولن نتعوده…”.
وإلى هاتين البيئتين، تضاف بيئات وجماهير أخرى لم يرقها انتخاب عون رئيسا للجمهورية. فقياساً على تجربة العقود الثلاثة الماضية معه يمكن فهم هذا الكم من التحفظات الصامتة او الصارخة، وحتى من الغضب. من هنا السؤال الأهم: هل سيكون لنا صباح اليوم موعد مع ميشال عون جديد غير الذي عهدناه ؟ هذا السؤال هو الذي يسكن قلوب الناس، ولا سيما المتحفظين مثلنا ممن يريدون منح الرئيس الجديد فرصة ليثبت لهم انهم كانوا على خطأ في مواقفهم، فيظّهر صورة جديدة تنسي نصف لبنان، الماضي الذي جسّده الجنرال ميشال عون باعتباره جزءا من الانقسام السياسي الحاد والعنيف.

اقرا ايضًا: ميشال عون رئيسا لجمهورية لبنان بعد 4 جولات اقتراع!
لا يكفي عون ان ينال تأييد كتلة الرئيس سعد الحريري النيابية، ولا يكفي أن يكلفه بتشكيل حكومة العهد الأولى. المطلوب من الرئيس الثمانيني ان يتمتع باندفاعة الشباب للتغيير، تغيير ما في نفسه أولا! تغيير يكون بمد الجسور الحقيقية مع اللبنانيين الآخرين، وهم ليسوا بقلة. تغيير يكون بإعادة التموضع في موقع وسطي بين اللبنانيين، فلا يغلب منطقاً على آخر سوى منطق الدولة والقانون الذي يجب أن يسود فوق كل منطق آخر. تغيير يكون بألا تتحول رئاسة الجمهورية واجهة لخدمة مشروع إقليمي عدواني، خصوصا مع تزايد الحديث الصادر عن طهران ومفاده ان وصول عون الى الرئاسة هو انتصار لإيران و للمحور الذي تقوده في المنطقة. وتغيير بأن يتدارك نسيانه الاشارة في خطاب القسم إلى احدى ركائز الكيان اللبناني، أي الحريات العامة والخاصة بما فيها حرية الرأي والإعلام، فيعلن نفسه حاميا لحرية الرأي المقدسة .
خلاصة القول إننا مع تحفظنا الكبير عن وصول ميشال عون الى الرئاسة، لم نُعدم الأمل في ان يكون الرجل الذي دخل بعبدا أمس هو رجل جديد قرر أن يترك بصماته على تاريخ البلد بوصفه الرئيس الذي جمع كل اللبنانيين.

السابق
«المستقبل»:نحن مرتاحون لأنّ الفراغ انتهى
التالي
بري مرتاحا: حصل ما كنت أتمنّاه