هؤلاء هم الخاسرون في معركة الرئاسة اللبنانية

قصر بعبدا
ستنتهي قريباً معركة الرئاسة اللبنانية وترخي بمفاعيلها الثقيلة على الحياة السياسية اللبنانية وعلى السياسيين اللبنانيين ومناصريهم.

فقد كشفت هذه المعركة بوضوح عورات بنيوية وسرطانية في النظام السياسي اللبناني الهش والطائفي والرجعي والذي ما زال يتخبّط بالفساد منذ “الإستقلال” حتى اليوم لا سيما بعد إنتهاء الحرب الأهلية التي توقّفت ظاهرياً فقط أي عسكرياً ولم تنعكس سلاماً حقيقياً بين اللبنانيين وقدرةً على بناء دولة بالحدّ الأدنى.
اللبنانيون ما زالوا جماعات طائفية ومذهبية يحكمها زعماء يتخبطون في إزدواجية الخطاب السياسي وفي عقم العمل السياسي، لا ثبات في المواقف، لا تغليب للمصلحة العامة على الخاصة، لا منطق وتوازن في التعاطي، لا إحترام لمزاج المناصرين، لكلّ منهم إرتباطاته الإقليمية والدولية على حساب المواطن. ولعل السمة الأهم في المرحلة الأخيرة أن صفة الإنقلاب على المواقف باتت صفة عامة لا تنحصر بفريق سياسي دون سواه إلا أولئك المنخرطين عسكرياً في حروب المنطقة.

ولكن من هو الخاسر الأكبر في معركة السباق الى قصر بعبدا والتي أنتجت أزمةً حقيقيةً تمثلت بفراغ سدة الرئاسة لأكثر من عامين؟ الخاسر الأكبر هو المواطن اللبناني المسالم الغير متمترس في حزب سياسي أو طائفي والذي يحلم بوطن يستطيع العيش فيه بكرامة وطمأنينة وسلام.

سليمان فرنجية

الخاسر الأكبر أيضاً هو مفهوم الوسطية الذي دأب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي واللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بعد خروجه من ١٤ آذار بالتغنّي به، وكانت المرحلة في السنتين الماضيتين تقضي بكيفية العمل للوصول الى مرشّح تسوية، مرشح وسطي، إلا أنَّ مفهوم الوسطية إنهار أيضاً لينصاع ما يسمّى بفريق ١٤ آذار الى فريق ٨ آذار ويشرذم نفسه فيُقدم رئيس تيار المستقبل أولاً على ترشيح النائب سليمان فرنجية فتردّ عليه القوات بترشيح النائب ميشال عون، فيعود هو وينصاع بدوره ثانيةً ويرشِّح عون أيضاً. مهزلة السياسة اللبنانية والسياسيين اللبنانيين الذين تعوّدوا حكم الوصاية وهم غير قادرين فيما يبدو على إحترام المؤسسات الدستورية والمضي باللعبة الديمقراطية تحت قبّة البرلمان.

اقرأ أيضاً: «بوانتاج» الأصوات النيابية هل سيحسمها عون في الدورة الأولى؟

الفشل عام، المصداقية معدومة، وفاتورة الصراع السياسي باهظة، أما الوسطية فالظاهر أنها إنتقلت الى مفهوم مقايضة كرسي بعبدا بكرسي مجلس الوزراء، وعليه فإن السياسة تجارة، والفاجر يأكل مال التاجر، والأسف على المواطن الفقير وعلى الشهداء الذين سقطوا في معارك زعماء الطوائف التي تنتهي غالباً بتقسيم الحصص والمغانم فيما بينهم…
عشتم وعاش الزعيم، أما لبنان فله الله ورحمته!

السابق
«بوانتاج» الأصوات النيابية هل سيحسمها عون في الدورة الأولى؟
التالي
عون 2015: المجلس النيابي الحالي فاقد للشرعية!