لعنة «المرأة الغاوية» في الأديان ما زالت مستمرة

المرأة
يقال إن الأديان السماوية جاءت لتحرر الإنسان من العبودية، حيث كانت المجتمعات البدائية أو مجتمعات ما قبل هذه الأديان، تعيش في الظلم والظلام والأضاليل التي ابتدعها إنسان تلك الأزمنة، نتيجة سذاجة عقله ومحدوديته في تفسيرعلة وجوده ونتيجة قصور تفكيره في تنظيم حياته وعلاقاته ببني جنسه وما حوله من كائنات، وأنشأت مجتمعات إنسانية، قادرة على التفاعل والاستجابة لقوانين الحياة والوجود.

كما أن هذه الأديان اتفقت رغم كثرة اختلافاتها على المسائل المتعلقة بالفضيلة والرذيلة، وما يجب على المرء فعله وما يجب الامتناع عنه، وخصت المرأة دون الرجل بمجموعة من القوانين والقواعد الأخلاقية الحازمة، كونها تمثل الغواية، فقد اشتركت النصوص الدينية في الأديان الثلاثة، على ندرة مشتركاتها، على اعتبار المرأة سببا لعصيان آدم ربه وجره إلى اقتراف الخطيئة، التي أخرجتهما – المرأة والرجل- من الجنة.

اقرأ أيضاً: حلقة مفقودة بين عمرين…

ما أريد الوصول إليه، هو أن هذا النص الديني المشترك هو أصل الحكاية، فبفضله ألصقت بالمرأة تهمة الغواية، وألبست ثوب الخطيئة، وسميت أصل اللعنة، واختزلت ببعدها الجسدي. وبناء على هذا النص تدنت مكانتها المعنوية وتأسست ثقافة الفتنة المرتبطة بجسدها، صوتها، شعرها، مشيتها، حضورها، ومكن هذا النص الرجل من أن يصبح سيدا عليها، وأجاز له أن يعاملها بدونية، سالبا إياها خاصيتها الإنسانية، وحولها إلى كيان مرادف للخطيئة، فهي أينما خطرت سيكون هناك فتنة، وسيكون ضحيتها الرجل الطاهر البريء، كما في حكاية الهبوط الأولى، لذلك كان لا بد للدين أن يهذب هذه الفتنة ويؤدبها، ويحد من حركتها وحريتها، درءا للخطايا والمفاسد المترتبة عليها.

باختصار شديد، جاء في التوراة أن “المرأة هي شباك وقلبها أشراك ويدها قيود”، و”المرأة أمر من الموت، الصالح أمام الله ينجو منها، أما الخاطئ فيعلق بها”، “إنه خير للإنسان أن يمشي وارء أسد من أن يمشي وراء إمرأة”…وجاء في العهد الجديد: “الرجل هو رأس المرأة، كما أن المسيح هو رأس الكنيسة”، “لتصمت نساؤكم في الكنائس. ألا إنه ليس مأذونا لهن أن يتكلمن، بل يخضعن كما يقول الناموس”، أما فرنسا الكاثوليكية فقد دخلت في القرن السادس عشر في نقاش حول شأن المرأة، ما إذا كانت تعد إنسانا أم لا، وقررت أنها إنسان مخلوق لخدمة الرجل، وفي بريطانيا حرم هنري الثامن على النساء قراءة الكتاب المقدس.

الحجاب في إيران

أما في الإسلام، فسأمعن قليلا في التفصيل: لا شك أن حرية المرأة المسلمة مرتبطة بمدى تحكم المؤسسة الدينية بمفاصل المجتمع. فالدين هو المرجعية الوحيدة في المجتمعات الإسلامية، التي تكفلت سن القوانين والقواعد الضابطة لسلوك المرأة وممارساتها اليومية ورغباتها واختياراتها الشخصية، وحددت ما عليها من واجبات وما لها من حقوق، إضافة إلى العادات والتقاليد والأعراف الخاصة بكل مجتمع من هذه المجتمعات على حدة، والتي سحبت الدين والمجتمع إلى الوراء، فتولد من تراجعهما متفقين ومنفصلين، تضييق لمساحات الحرية التي منحتها الطبيعة للمرأة.

اقرأ أيضاً: نساء يطرزن الحنين بخيوط الأمل

تشكل الأحكام الواردة في القرآن سدس مضمونه، أغلبها متعلق بالمرأة، وقد خص القرآن المرأة بإحدى سوره، هي سورة “النساء”، ويدعي مؤدلجو الإسلام، أن الإسلام كرم المرأة، بهذا التخصيص، في حين لم يعامل الرجل بالمثل!
إنطلاقا من هذه النقطة يمكن القول إن إدعاء التكريم مبني على الشكل لا على المضمون، فقد تضمنت سورة “النساء”، كل ما يمكن أن يسمى إجحافا بحق المرأة وانتقاصا لحقوقها وقمعا لحريتها واختياراتها الشخصية، مثل: آيات الميراث والقوامة وتعدد الزوجات وملك اليمين والنشوز والضرب والهجر في المضاجع.

السابق
اسرائيل تتخوّف من استخدام حزب الله لتقنيات داعش القتالية
التالي
صيدا تجمعنا: لا لتوريد النفايات ونقل ملكية الأرض للشركة المالكة للمعمل