عن «العين والعين».. ونعم طوني خليفة أنت كافر

أثار الإعلامي طوني خليفة خلال برنامجه "العين بالعين" الذي يعرض على قناة الجديد موضوعاً هاماً وشكل نقطة نقاش عبر التاريخ، وبرز بشكل أساسي في السنوات الأخيرة، ألا وهو موضوع التكفير الديني.

الحلقة التي بدون أيّ شك شكلت ضجة حقيقة كونه جمع المسلمين والمسيحيين من أجل حوار بهذه الحساسية، وهو نادرٌ ما نجده في الوطن العربي. وحتى لو أنّه لو وجد شيئاً مشابهاً، فإنّه كان دائماً مثالياً ويتحدث عن العيش بين الأديان وما شابه، بعيداً عن الغوص بتفاصيل الخلاف بين الرسالات.

وحضر الحلقة الضيوف التالية أسماءهم:  عضو الدعوةِ السلفيَّةِ في الاسكندرية الشيخ وليد اسماعيل، المُفتي الجَعْفَرِيّ أحمد طالِب والعميد المتقاعد جورج الصغير.

وهكذا كان لا بدّ من طرح بعض الملاحظات على شكل الحلقة- وهي الأولى في البرنامج- وعلى مضمونها أيضاً.

فالحلقة بدأت بإستضافة الشيخ وليد إسماعيل على وقع مقدمة لخليفة بينت أنّ التكفير هو محصور بالمسلمين -وهو أمر غير صحيح- بدون التطرق لنظرة المسيحية للإسلام مثلاً. الأمر الذي قد يعتبره البعض أمراً عادياً قد يحصل، لكن في حقيقة الأمر فإنّ كثر من المشاهدين ليس بالضرورة أن يكون لديهم قدرة على ربط التكفير بالعقيدتين. بل هم  يفهمون الإسلام كما يقدمه البعض، بدون أن يعلموا بأنّ التكفير هو إقرار بأنّ للآخر حق الإعتقاد بأي دين كان أو أي فكر حتى ولو كان الإلحاد. وبالتالي إن هذا جزء من العقيدة الموجودة في الأديان السماوية الثلاث.

ثانياً: عندما مد الشيخ إسماعيل يده ليصافح خليفة، سأله خليفة إذا ما كان يصافح غير المسلمين. ومع أنّ هذا يدخل ضمن المزاح، إلاّ أنّه ليس مقبولاً في مثل هذا النوع من الحلقات الحساسة، إذ أنّه قد يكون صورة معينة لدى المتلقين بأنّ الاسلام لا يسمح بمصافحة البشر من غير المسلمين.

ثالثاً: ضعف إعداد الحلقة من خلال إعتبار حديث الرسول :” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله…” والمقصود به قتال مجموعة من الناس الذين قاتلوا الرسول وأخرجوا  المسلمين من ديارهم في عهد الرسول وليس الناس عموماً كما تبين من خلال طرحه من قبل خليفة.

رابعاً: خلال الحديث تبرز ثغرات كبيرة عند الجنرال جورج الصغير. فعلى سبيل المثال، رفض الجنرال تدخل الشيخ أحمد طالب الذي قصد توضيح ظروف بعض الآيات المذكورة في القرآن حول القتل وكان الصغير رافضاً للإصغاء بشكل واضح ممّا عكس عدم جدية في الحوار من قبله. وأيضاً كانت المفاجأة بإنكاره للعهد القديم وهذا أمر خطير في الإعتقاد الديني المسيحي. فمثلاً رفض آيات القتل وإعتبر أنّ المسيح نفى كل ما جاء من قبل ودعا إلى إدارة الخد الأيسر لمن يلطم الخد الأيمن، بالإضافة إلى التركيز على آية العين بالعين في القرآن، التي هي موجودة طبعاً. حيث إعتبر الجنرال الصغير أنّ مثل هذا الكلام يدل على إجرام الله في القرآن، ولكن فاته أنّ كلّ المحاكم في الأرض تقضي بمثل هذا الحكم في حال أنّ إنساناً قتل آخراً، إذ أنّ ذلك هو المنطق والعلم الحق. فمن سرق روحا تسرق روحه.

إقرأ أيضاً: في ظل هذا المشهد تُـجرى جهود «صادقة» لهزم «داعش»!

وكان من الواضح أيضاً تشبثه بكلمات المسيح التي دعت إلى السماح والحب ومحبة الأعداء. وهنا سؤال لا بد من طرحه على الجنرال، فإذا ما قام رجل بإغتصاب إمرأة، هل من القانوني مسامحته كون المسيح قال الذي لا يملك خطيئة في حياته هو فقط من يستحق محاكمة الآخر، وبالتالي بما أنّ كل البشر يخطئون، فليس مسموحاً محاكمة أي مجرم؟ إذا عندها ما فائدة القوانين والمحاكم في الدول؟ أليس من خلال منطقه الأفضل عندها هو إغلاق كل المؤسسات القضائية وبعدها فلتسود شريعة الغاب؟!! بالإضافة إلى ذلك تطرق الجنرال الصغير إلى مسألة تكذيب نبوة النبي محمد مستشهداً بآية من إنجيل متى، ولكن لو أنه إطلع على الآية 9 في الإصحاح 9 من انجيل متى والتي تبين بإعتراف العلماء المسيحية أنّ متى لم يكتب متى، فإنّه بالتأكيد كان سيتجنب وضع نفسه في مأزق لا يحسد عليه عبر الإستشهاد بمصادر فاقدة للمصداقية. كما من الملاحظ أنّه لم يستشهد من نفس الإنجيل بالآية التي قال فيها المسيح أنكم ستعرفون الأنبياء الكذبة من ثمارهم. ما يعني أنّ هناك معيار لتحديد النبي الكاذب من ذلك الصادق. أي أنّ المسيح لم يرد على لسانه آية واحدة يقول فيها أنّ “كل” الإنبياء الذي سيأتون من بعد كذبة، ولا في أيّ من الأناجيل تلك المقبولة من الكنيسة والمرفوضة من قبلها أيضاً. وبالتالي فإنّ إستضافة الجنرال جورج الصغير لم يكن فعلاً موفقاً، لعدم إدراكه في المسائل الدينية كافة ولإنفعاله طوال الحلقة وتمسكه بالأحكام المسبقة ، بل أنّ كلامه هو الكلام العام المتداول بين الناس العاديين. أي أنّ حضوره في حلقة عن الحروب وأساليبها مثلاً وإستضافة أب أو قسيس كان سيكون خيارا أفضل.

إقرأ أيضاً: بالصورة: تغيّر جذري في شكل «طوني خليفة»..أعجب الصبايا ولم يعجب الشباب؟!

خامساً: فيما يتعلق بفضيلة الشيخ أحمد طالب، فكلامه كان منطقياً جداً. ولكن لا بد من الإختلاف معه في فكرة التكفير، حيث أنّه إعتبر أنّ المسيحي ليس كافراً. فصحيح أنّه أوضح أنّ الإنسان الذي لا يعرف إلا القليل عن الإسلام لا شكّ في أنّ الله سينظر إليه بعين الرحمة يوم القيامة بحسب الإعتقاد الإسلامي، إلا أنّ الشيخ لم يوضح بشكل قطعي بأنّ كل من علم بالإسلام ولم يسلم فهو كافر من وجهة نظرة الإسلام.

سادسا: غياب التعريف بتعاليم الإسلام خلال الحروب من قبل الشيخين طالب وإسماعيل ، وهذا أمر شكل ضربة قاسية للحوار، طالما أنه تمّ تطرق إلى موضوع الحرب في الإسلام. بالإضافة إلى عدم ردهما على كلمات الجنرال جورج الصغير الذي أتهم المسلمين بإضطهاد المسيحيين.

سابعا: إستضافة مواطن مصري وهو شقيق أحد المواطنين المصريين الأقباط الذين أعدمتهم داعش في  ليبيا بهدف الحديث عن تجربته. هذه المبادرة كانت إيجابية فعلا، إلا أنه كان من الضروري إستضافة مواطن عراقي من سجناء أو غريب- أيا كان دينه- ليتحدث عن إضطهاد الجنود الأمريكيين لهم في السجن بأفعال شنيعة مطابقة لأفعال داعش.

ثامنا: إنفعال الاعلامي طوني خليفة أكثر من مرة  ولعبه دور محامي الشيطان في وقت أن ذلك لم يكن مطلوباً منه في ظل وجود وجهات النظر كافة. وتكراره أسئلة من عيار: هل أنا كافر؟ هل القبطي كافر؟ هل فلان كافر؟  والجواب على سؤالك هو: طبعا أنت كافر ولك الشرف في ذلك.

السابق
رفيق الحريري كان ليرشح عون دون مشاركته الحكم
التالي
طلاب النادي الإجتماعي في الـ«LIU»: هكذا نمنح السعادة