الحريري في ترشيح عون: رثائية حلم الدولة

لم يعد لاستذكار الشهيد أي شفاعة ولا السؤال عمّا كان فعله، لو كان الشهيد رفيق الحريري هنا لما قدّم الوطن لخصوم الوطن.

حتى الساعة الخامسة كانت الأنظار تترقب أيّ جديدٍ يخالف ما تمّ التسويق له في الأيام الماضية، ولم يقتنع الكثيرون أنّ الحريري سوف يسلم الوطن مرة ثانية لمحور الممانعة فينتقل من ترشيح  فرنجية ليعلن ترشيح الجنرال ميشال عون.
وفيما البعض كان ينتظر تبريراً منطقياً، يستحق التضحية والمخاطرة والمضي بهذه الخطوة، كانت إطلالة الحريري بمثابة انتحار سياسي لم تقدم أي جديد، ولم يكن الوقوف عند الشهيد و ذكراه ووطنيته إلا مقطوعة يرددها رئيس تيار المستقبل عند اتخاذه كل قرار لا ينسجم مع حاضنته أولاً ومع الشريحة الأكبر من الوطن ثانياً.

ما قاله اليوم الحريري خلال تسليم ما تبقى من البلد لميشال عون ومن خلاله لحزب الله، كان قد قاله سابقاً في تفسيره لمبادرة فرنجية وفي تبريره للتحالفات التي تتحدى إرادة الشارع الموالي له، كما في العديد من الزلاّت التي لم تجلب إلا الويلات له ولشعبه ولتياره.

إقرأ أيضاً: الحريري يتبنى اليوم مرشح المحور الإيراني..فهنيئاً لجمهور «الشهيد»

وجدانية الخطاب مؤثرة، ولكنها لا تقنع العقل ولا التجارب تدعمها، الشهيد لن يكون شفاعة لكل ما تمّ ارتكابه تحت اسمه ومسمى مواقفه، وما كان ليأخذ لبنان إلى ضفة الخصم المرتهنة لأجندة سياسية  ولمحور دموي.

الحريري

الحريري الذي لم يستمع في هذا القرار إلاّ لنفسه ولبعض المستشارين، ولم يستجب للنصح ولم يسمع لنبض الشارع الغاضب، أعلن ما قد أعلنه، معولاً على أنّ الوفاء للشهيد أكبر من أن ينعكس ضده، وعلى أن من آمنوا بـ”لبنان أولاً” وبـ “ما حدا أكبر من بلدو” لن يطول عتابهم وسوف يعودون إليه سريعاً عند أول إطلالة مرتقبة يقول بها لهم “عدت إليكم”.

إقرأ أيضاً: الكلمة الكاملة لسعد الحريري: هكذا رشح عون

ما لا يراه الحريري أنّه اليوم قد رسخ القطيعة بينه وبين كل الأوفياء، هم لم يغدروا بالشهيد ولا بالثورة ولا بالشهداء جميعهم، ولم يخالفوا يوماً نهج الرفيق، أما من يخالف اليوم فهو “الحريري نفسه”.

لو كان رفيق الحريري هنا.. لما كانت هذه حالتنا، ولما تحول لبنان إلى محافظة إيرانية سوف يديرها رئيس عينه ممثل الولي الفقيه، وصفق له المستقبليون بإشارة من رئيسهم نجل الشهيد.

السابق
مكاري: قناعاتي لم تلتقِِ مع الحريري
التالي
عون من بيت الوسط: أشكر الحريري