نساء «حزب الله» غير سعيدات

في مقالة مثيرة للجدل كتبتها الباحثة والصحافية اللبنانية حنين غدار لمعهد واشنطن بعنوان “نساء حزب الله غير سعيدات”، تتحدث فيها عن إمرأة لبنانية تدعى ريما، يطغى شعورها بالغضب على حزناها بسبب إرسال إبنها للحرب في سوريا دون موافقتها، ودون أن يتلقى التدريب الكافي، فلم تستطع ريما إلقاء اللوم على أي شخص بعد أن اشاد مجتمعها الشيعي بولدها الذي صار “شهيداً.”

نساء حزب الله

تروي غدار الرواية التي حصلت مع ريما فتقول “زارها مسؤولو «حزب الله» بعد أن فقدت ابنها، اختنقت الكلمات في حنجرتها أثناء استماعها إليهم يطيلون الحديث عن دور السيدة زينب، حفيدة النبي محمد وابنة الإمام علي، وهي واحدة من الناجين القليلين من معركة كربلاء التي قُتل خلالها أخيها الحسين. بالنسبة إلى الشيعة، ترمز السيدة زينب إلى الحزن النقي والعدالة والكفاح من أجل نصر الخير على الشر. وبالنسبة إلى الشيعة اللبنانيين، لا سيما أولئك الذين يدعمون «حزب الله»، تلعب السيدة زينب دوراً آخر: كمبرر رئيسي لمشاركة الحزب في الحرب السورية؛ فالمقاتلون متواجدون هناك لحماية مقامها في دمشق.”

وتضيف الكاتبة أن ريما إستمعت بصمت لمسؤولي حزب الله، لكن جلّ ما أرادته منهم كان المغادرة. فلم تشعر بالقوة والمرونة التي ترتبط عادة بالسيدة زينب وبأمهات الشهداء. إلا أن ريما أصبحت والدة شهيد والسيدة زينب سترعاها.

وتتساءل غدار إذا ما كان اللقب سيؤمن مستقبلها؟ وتجيب “ليس فعلياً، ستحصل على تعويض وبعض الفوائد، لتُمسي بعد ذلك طي النسيان، مثل الآلاف من الأمهات الأخريات اللواتي فقدن أبناءهن في المعركة. وسيتحول ولدها من الصبي نابض بالحياة إلى ملصق قديم على أحد الجدران المتهالكة في الضاحية”.

تطرح غدار قصة امرأة اخرى تدعى فاطمة، وهي زوجة إبن ريما الذي قتل في سوريا. فاطمة أرملة في العشرين من عمرها، “لديها ابن تضطر لتربيته بنفسه، وقال لها مسؤولون في «حزب الله» أنه لا داعٍ للقلق، لأنهم سيعتنون بها. ومع أنهم لم يحددوا أبداً كيف سيقومون بذلك بالضبط، إلا أن وعودهم أشعرتها بالأمن والأمان كونهم مسؤولين في الحزب. “لكنها ستدرك قريباً أن الأمر ليس سوى وهم، وفق وجهة نظر ريما، وأضافت قائلة: أعطونا مغلفاً فيه 20 ألف دولار وقالوا لي أنهم سيكونون على اتصال معنا”.

تشدد غدار على ان العديد من الأرامل الفقيرات مثل فاطمة سيكونون جزءاً من مجموعة عرائس الحزب او مجموعة زوجات مؤقتات. وأضافت “لقد كان ابن ريما منضماً إلى «حزب الله» منذ فترة من الوقت، لذلك تم دفع تعويض لعائلته عند وفاته. وعلى الرغم من أن البعض يشكون من أن التعويض كان أعلى في السابق، بحوالي الضعف، إلا أن العائلات لا تزال تتوقع أن يتم تعويضها والعناية بها. غير أن الحزب لا يتمتع في الوقت الحالي بنفس الميزانية لتقديم الخدمات التي كان يقدمها في السابق، بما أنه يجب تخصيص معظم الأموال القادمة من إيران للعمليات العسكرية الإقليمية، لا سيما في سوريا، مما يعني أنه لا يمكن التعويض لأسر المجندين الجدد بما يقرب من نفس المستويات التي تُدفع للمقاتلين القدامى.”

وقالت غدار أن “مؤسسات «حزب الله» تشكل هيكلية اقتصادية بديلة توظف وتجذب الرجال والنساء من الحزب؛ إذ يتم توظيف الفتيات من مجتمع الحزب في مدارس “المهدي” أو “المصطفى” (التابعة لـ «حزب الله»). ويُتوقع منهن أن يعملن في مؤسسات الحزب، ويتزوجن من مقاتلين في الحزب، وينشرن قيم الحزب داخل عائلاتهن وخارجها على حد سواء. ويُدرك «حزب الله» أنه يمكن للمرأة المنضبطة والملتزمة أن تربي مقاتلين منضبطين وملتزمين. وهو نظام يستنسخ نفسه مادياً.”

وأضافت “لكن الحرب التي لا نهاية لها في سوريا تخلّف شقوقاً في النظام، والمرأة في الحزب لم تعد تشارك كما كانت تفعل من قبل، أو لم تعد تحصل على تعويض عن تضحياتها كالذي يحصل عليه الرجال. إن الفجوة بين المقاتلين القدامى والجدد تتسع أكثر فأكثر. فالمقاتلون القدامى وعائلاتهم لا يزالون يشكلون جزءاً من مجتمع «حزب الله»، الذي لا يمثل الطائفة الشيعية ككل. وعندما يموتون في المعركة، تُعامل نساءهم باحترام أكبر ويحصلن على المزيد من التعويضات. وهؤلاء النساء هنّ بالفعل جزء من نظام «حزب الله» ويتمتعن بنوع من القوة والمكانة. وفي حين تم الحد من الخدمات التي تقدم إلى المجتمع الأكبر، لا تزال الرعاية متوفرة للدائرة المقربة في الحزب.”

وتتحدث غدار عن أن “بعد معركة القُصير في عام 2013، أدرك «حزب الله» أن الحرب السورية ستكلف الحزب أكثر مما كان متوقعاً. وسيكون غير قادر على تغطية معظم التعويضات لأسر الشهداء. لذلك بدأ يطلب من الرجال العزاب العزوف عن الزواج وتكوين الأسر وبدأ يجند الشبان غير المتزوجين بنسبة أكبر. وشرحت سمر أنه “إذا توفوا هؤلاء، على الحزب أن يدفع فقط بضعة آلاف الدولارات إلى ذويهم، ولكن عندما يموت الرجل المتزوج أو يصاب بجراح، يتوجب على الحزب رعاية أسرته إلى الأبد، من خلال «مؤسسة الشهيد» و «مؤسسة الجرحى»”. ومع مقتل أكثر من 1500 محارب من الجماعة حتى الآن، ووقوع العديد من الجرحى بعدد أكبر من ذلك بكثير، فإن مؤسسات «حزب الله» قد أصبحت غير قادرة ببساطة على تغطية كافة تكاليف عوائل المقتولين والجرحى.”

وقالت غدار أنه “ولكن مع استمرار الحرب، لم يعد الحزب قادراً على منع الشباب من تكوين الأسر، على الرغم من تكاليف الأمر. ولهذا السبب يتم تشجيع الكثيرين على الزواج من أرامل الحرب، أو على الأقل الانخراط في زواج المتعة المؤقت إلى أن يحين الوقت المناسب.”

وأشارت غدار “زواج المتعة ليس مقبولاً فحسب، بل يتم الترويج له على أنه فعل مقدس سيلقى جزاؤه في الجنة. ومن خلال ربط العمل المقدس بهذه الممارسات، تمكن «حزب الله» من احتواء خسائره وتحقيق نوع من التوازن الهش في هذه الظروف الصعبة.”

وقالت “قد تمكن الحزب أيضاً من تغيير قواعد زواج المتعة من خلال فتاوى، من أجل جعله أكثر سهولة ويسراً. فقد تم إصدار فتوى قبل بضعة سنوات تسمح للرجال المتزوجين بزواج المتعة، وفتوى أخرى أكثر حداثة تسمح للمرأة بزواج المتعة من دون الحاجة إلى قضاء مدة العدّة التي تشمل 40 يوماً بين الرجل والآخر، وهي الفترة الزمنية المطلوبة عادة للتأكد من أن المرأة ليست حاملاً. ومع أن هذه الفتوى الجديدة ألغت العدة، إلا أنها منعت المجامعة الفعلية. ,بالتالي يمكن للمرأة والرجل أن يفعلا كل ما يحتاجان إليه للحصول على المتعة الجنسية طالما لا يقوم الرجل بعملية الإيلاج. بعد ذلك يمكن للمرأة أن “تتزوج” من رجل آخر على الفور. لكن، في نهاية المطاف، تدرك النساء أن الخدمات الجنسية التي يقدمنها هي أكثر أهمية. فلو لم يكن الأمر مرتبطاً بالمال الذي يحصلن عليه، لكان عدد قليل، إن لم نقل معدوما، منهن سيشاركن في هذا العمل المقدس.”

المصدر معهد واشنطن 

 

السابق
صقر استأنف قرار ابو غيدا وابقى الطراس موقوفاً
التالي
داعش يخوض معركة الموصل ويحوّل سكانها لدروع بشرية