هل يُترجم تهديد واشنطن لموسكو إلى الواقع؟

اتهمت واشنطن منذ أسبوع موسكو صراحة بأنها تحاول التدخل في الانتخابات الاميركية من خلال قرصنة أنظمة معلوماتية استهدفت خصوصا خوادم الحزب الديموقراطي، وتوعدتها بـ”رد متكافئ”. وأثار التهديد الذي تزامن مع توتر قياسي بين الجانبين تكهنات برد أميركي محتمل على روسيا، وتحدثت تقارير عن اتجاه لدى الادارة الاميركية إلى شن هجوم سيبيري لا سابق ضد روسيا رداً على تدخلها المفترض في الانتخابات الرئاسية الاميركية.

اقرأ أيضاً: لماذا هددت موسكو واشنطن من اي ضربة عسكرية توجه لنظام الاسد؟

وعندما سئل نائب الرئيس الاميركي جو بايدن عن اتهامات بعدم تحرك البيت الابيض ضد موسكو على رغم اتهامه اياها صراحة بالقرصنة، ابتسم في شكل ساخر، قبل أن يقول: “سنبعث برسالة” الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، و”لدينا القدرة على القيام بذلك، وسيكون هذا وفقا لجدولنا الزمني وفي الظروف التي سيكون لها أكبر تأثير ممكن”.
تختلف التكهنات بما يمكن أن تقوم به واشنطن في هذا الشأن، وطبيعة “الرسالة” التي أشار اليها بايدن. وثمة من يشكك في حصول أي تحرك أصلاً، بعد تهديدات سابقة عدة في هذا الشأن بقيت كلها حبراً على ورق.
عملية سيبيرية
وفي المعلومات المتداولة في الاعلام الاميركي أن البيت الابيض طلب من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية تقديم خيارات عن عملية سيبيرية واسعة “سرية” لمضايقة واحراج قيادة الكرملين.
ولم يوضح المسؤولون الاستخباراتيون الحاليون والسابقون الذين نُسبت إليهم هذه المعلومات الاجراءات المحددة التي تفكر فيها “السي اي اي”، مكتفين بأنها بدأت فتح أبواب سيبيرية وتحديد أهداف والقيام باستعدادات أخرى للعملية، وأنها جمعت كماً هائلاً من الوثائق التي يمكن أن تفضح تكتيكات بغيضة للرئيس فلاديمير بوتين.
ولكن الادميرال المتقاعد جيمس ستافريديس أبلغ الى شبكة “أن بي سي” الاميركية أن على واشنطن مهاجمة قدرة روسيا على فرض رقابة على حركة المرور على الانترنت وفضح التعاملات المالية لبوتين والمقربين منه. ولفت إلى أن ثمة “حجماً كبيراً من أموال رجال الاعمال الروس النافذين المودعة في الخارج…سيكون محرجاً جداً فضح ذلك، وسيكون ذلك رداً متناسقاً مع ما رأيناه” في القرصنة والتسريبات الروسية التي تستهدف الرأي العام الاميركي.
وحذر شون كانوك الذي كان حتى الربيع الماضي كبير المسؤولين الاستخباراتيين الاميركيين المسؤولين عن تحليل القدرات السيبيرية الروسية، من أن عدم الرد سيكلف واشنطن باهظاً. وقال: “إذا اتهمت أحداً علناً ولم تتبع ذلك برد مناسب، قد يضعف ذلك صدقية التهديد بقدرتك على الرد”.
انقسام وسوابق
والواضح أن القرار الاخير في السماح بعملية ل”السي اي اي” سيكون للرئيس باراك أوباما. وحتى الان، تقول “أن بي سي” أن ثمة انقسامات بين المسؤولين الكبار في شأن طريقة المضي قدماً.

وثمة سوابق لا تؤذن بامكان حصول تحرك أميركي، إذ يقول مسؤولان سابقان في “السي اي اي” عملا في الملف الروسي أن البيت الابيض طلب مراراً من الاستخبارات تقديم خيارات في شأن تحرك سري ضد روسيا، بما فيها خيارات سيبيرية، ليتخلى عن الفكرة لاحقاً.
ونقلت الشبكة الاميركية عن أحدهما ” ترددنا دائماً في استخدام أمور نملكها، ولكنه قرار سياسي…هناك الكثير مما يمكننا القيام به. الخطوة الأولى هي تذكير الروس بأن اثنين يمكنها لعب هذه اللعبة. الخطوة الثانية هي أننا إذا أردنا العبث بشبكتهم، يمكننا القيام بذلك، ولكن المسألة عندها تصير أنه يمكنهم القيام بأمور أسوأ لنا في أماكن أخرى”.
بدوره، شكك نائب مدير “السي اي اي” السابق مايكل موريل في أن تذهب واشنطن الى حد مهاجمة الشبكات الروسية، قائلاً إن “الهجمات على الشبكات ليس أمراً تريد الولايات المتحدة أن تقوم به، لأننا لا نريد أن نقوم بسابقة يمكن دول أخرى أن تقوم بها أيضاً، بما فيه ضدنا”. وفي رأيه أن “هجومنا لا يجب أن يكون سرياً وإنما علنياً ليراه الجميع”.
ويقول مسؤولون إن الادارة الاميركية تناقش هذه المسألة، وتحديداً ما اذا كانت سترد على روسيا بالوسائل السيبيرية أو الاجراءات التقليدية كالعقوبات.
ويتولى الاعداد للعملية السيبيرية فريق في مركز الاستخبارات السيبيرية التابع للسي اي اي مؤلف من مئات الاشخاص ويملك موازنة من مئات ملايين الدولارات.
ويقول مسؤولون أميركيون إن العملية السرية مصممة لحماية النظام الانتخابي الاميركي وضمان منع القراصنة الروس من التدخل في تصويت تشرين الثاني. أما الهدف الثاني فهو توجيه رسالة الى روسيا بأنها تجاوزت حداً.

ويؤكد ستافريديس الذي كان قائداً لقوات الاطلسي في أوروبا:” إذا لم نواجه هذا النوع من الهجمات السيبيرية من روسيا، سنرى مزيداً ومزيداً منها في المستقبل”.

السابق
وئام وهاب: لا انصح باتفاق مع الحريري لا يشمل موقفه من سوريا والعداء لإيران
التالي
«حماة الديار» تستأنف نشاطها من عكار: هاجمونا كثيراً وتحدونا كثيراً