لماذا طلب «خامنئي» من «نجاد» عدم الترشّح للإنتخابات الرئاسية؟

علي خامنئي
لعبة القط والفأر يلعبها جيدا أحمدي نجاد الرئيس الإيراني السابق، بمواجهة المرشد علي خامنئي القابض على السلطتين الدينية والدنيوية في إيران.

انطلقت عجلة السباق الرئاسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الذي سيجري في أيار 2017 في موعد مبكر، وخرجت إلى العلن أسماء من المحتمل ترشحها، دون أن يرافق ذلك إعلان رسمي من قبلها عن نيتها خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن الأسماء التي باتت معروفة: الرئيس الحالي حسن روحاني، قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، أمين مجلس الأمن القومي سعيد جليلي، رئيس بلدية طهران محمد قاليباف وغيرهم، واللافت أن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد هو الوحيد الذي أعلن رسميا رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية، وبدأ فعليا جولاته الانتخابية في المناطق الريفية التي تشكل قاعدته الشعبية الواسعة.

اقرأ أيضاً: خفايا حياة خامنئي (1): الوجه الآخر للزعيم الزاهد

لم تمض أيام على إعلان نجاد تحضره للترشح لدورة رئاسية ثالثة، حتى أرسل مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي “سرا” في طلبه، وفي مقره الآمن في شمال طهران نصح المرشد الرئيس السابق بسحب ترشيحه، حفاظا على أمن البلاد واستقرارها.

لكن السر سرعان ما أصبح مباحا قبل طلوع الصباح، فقد نشرت وكالة “فارس” التابعة لتنظيم الحرس الثوري، بعض تفاصيل اللقاء السري الذي جرى بين المرشد والرئيس السابق، وذكرت أن خامنئي أبلغ نجاد معارضته الشديدة لعودته إلى المشهد السياسي، واعتراضه على جولاته الانتخابية، وأوصاه بالتراجع عن ترشحه، لمصلحته الشخصية ومصلحة المجتمع الإيراني.

التسريبات أزعجت الطرفين، فوجه المرشد انتقادات لاذعة إلى نجاد ومساعديه، متهما إياهم بتسريب تفاصيل اللقاء، الذي كان مأمولا أن يحافظ على سريته، خشية إثارة البلبلة في الشارع الإيراني، ووجد المرشد نفسه مضطرا للحديث عن اللقاء في محاضرة ألقاها في طهران، ووجه فيها كلاما إلى نجاد من دون أن يسميه، قائلا: “التقيت أحدهم وقلت له لمصلحته ومصلحة المجتمع الإيراني عليه ألا يدخل في الانتخابات”، لافتا إلى أن “إيران بحاجة إلى الهدوء، وترشح إحدى الشخصيات سوف يغذي الانقسام الحاصل بين المكونات السياسية، ويعيد الشارع الإيراني إلى الاصطفاف الحاد”.

محمود أحمدي نجاد

رد نجاد على التسريبات التي تداولتها وسائل الإعلام المحلية وعلى نصيحة خامنئي العلنية له، كان ذكيا وسريعا، فلم يتأخر في إظهار طاعته للمرشد، وسارع مكتبه الإعلامي في نشر رسالة موجهة منه إلى خامنئي، نفى فيها عزمه على الترشح للانتخابات الرئاسية المنوي إقامتها في 18 أيار 2017، موضحا الأسباب “الإنسانية” التي دفعته للقيام بجولاته التي استفزت المرشد، في المدن والأرياف الإيرانية، مؤكدا في ختام الرسالة أنه سيبقى “جنديا صغيرا في خدمة النظام”.

لكن نجاد المشاكس، المقتنع ضمنا أنه يحظى بدعم لا بأس به من قبل تنظيم الحرس الثوري، إضافة إلى تمتعه بتأييد واسع لدى شرائح المجتمع الريفي، يبدو أنه لم يصرف النظر جديا عن الترشح للانتخابات الرئاسية، إنما أحنى رأسه قليلا، لتمر العاصفة، فبعد مرور عدد من الساعات على محاضرة خامنئي، شكك موقع “دولت بهار” التابع لنجاد بجدية نوايا الرئيس السابق العدول عن الترشّح، وتحدّث الموقع عن إمكانية تحدّي المرشد ورفض نصيحته من قبل نجاد، مما ينذر باندلاع معركة سياسية بين المرشد والرئيس السابق، من شأنها أن تطيح بالاستقرار النسبي الذي أرساه عهد روحاني في الجمهورية الإسلامية على مختلف الأصعدة.

اقرأ أيضاً: الدولة الإسلامية في إيران2/2: مذهب أحمدي نجاد

محمود أحمدي نجاد أكثر رؤساء الجمهورية الإسلامية إثارة للجدل، شهد عهداه الرئاسيان المتتاليان أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية شائكة، مطالب من قبل القضاء بتهم فساد كتجارة الآثار واختفاء مليارات الدولارات من الخزينة الوطنية، وهو من أشد المعارضين للاتفاق النووي، ويجاهر بعدائه لمن وقع الاتفاق ومن أيده أيضا. في فترة حكمه الطويلة، تضخم الخطاب القومي الإيراني، على حساب الخطاب الديني، الأمر الذي اعتبرته المؤسسة الدينية تمهيدا لإقصائها عن السلطة.

السابق
الطرّاس لـ«جنوبية»: ليشطينوا ما شاؤوا .. لن يديننا أحد
التالي
الجمهوريون لترامب: إرحل… ودي نيرو: أريد أن ألكمه!