واشنطن باعت المعارضة السورية ؟

لا قيمة لكل هذا الصراخ الفرنسي والبريطاني في وجه فلاديمير بوتين بسبب التصعيد العسكري العنيف في حلب واتهامه بتدميرها على طريقة غروزني الشياشانية. ويبدو ان لا قيمة ايضاً لكل العراضات الاميركية والحديث عن “بدائل من الديبلوماسية” وما الى ذلك، وخصوصاً بعدما شكّل اللقاء الذي تم بين كيري و20 من شخصيات المعارضة السورية على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة ما يوازي ضوءاً أميركياً للروس للمضي في الحسم العسكري!
هكذا يمكن طرح السؤال مباشرة: هل باعت اميركا المعارضة بعدما تعامت عن سقوط ٤٥٠ ألف قتيل في سوريا، وهو الرقم الذي أعلنه كيري قبل اسبوعين؟
أعود الى ذلك اللقاء الذي عقد في مقر البعثة الهولندية في نيويورك في ٢٢ أيلول الماضي بين كيري و20 من شخصيات المعارضة السورية يمثلون أربع جماعات، وليس مهماً التوقف كثيراً عند المعلومات التي تحدثت عن مرارة كيري مما يجري في سوريا ومن عجز الإدارة الاميركية عن التعامل مع هذه الأزمة.

اقرا ايضًا: بعد منظومة أس-400 روسيا تنشر أس-300 في سوريا
صحيفة “النيويورك تايمس” كادت ان تصف كيري بأنه كان مثيراً للشفقة عندما بدا محبطاً وحائراً بين التعاطف مع السوريين وتبرير سياسة التخاذل الأميركية، لكنه بعدما كرر ان أميركا لن تتدخل عسكرياً في سوريا، رفع سقف التهويل على الوفد المعارض بالقول إنه اذا تدخلت واشنطن عسكرياً في شكل أكبر سوف يرتفع سقف التورط الأقليمي في الميدان وسيتم القضاء على المعارضة جميعها!
كل هذا ليس سوى المقدمة التيئيسية لدعوة المعارضة السورية صراحة الى خوض انتخابات يشارك فيها بشار الاسد وهي تشكّل في نظره “أفضل أمل للسوريين في الحل السياسي يمكن ان يمهّد لمشاركة المعارضة في حكومة إنتقالية، ومن ثم تجري إنتخابات يقرر فيها الشعب السوري مصيره”.
هل هذا أفضل أمل للسوريين في حلٍ سياسي بعد ست سنوات من جحيم الحديد والنار؟ ثم أوليست هذه الدعوة المُحبِطة تشكل دعوة صريحة للمعارضين لكي يستسلوا ويعودوا الى بيت الطاعة؟ وهل غريب ما يجري في حلب، وإستطراداً ما يمكن ان يجري في مناطق سورية أخرى من تصعيد الروس والنظام وحلفائه على خلفية واضحة هي إما الإستسلام وإما النزوح أو الموت؟
يعرف بوتين ان الادارة الأميركية ستبقى بطة عرجاء الى حين إنطلاق الادارة الجديدة في آذار المقبل وهو يزخّم العمليات العسكرية لمصلحة الأسد، ولن يتوقف لحظة امام بوريس جونسون عندما يقول “ان روسيا تخاطر بأن تصبح دولة منبوذة” ولا عند جان – مارك ايرولت الذي قال “إن روسيا وايران قد تصبحان شريكتين في جرائم حرب”، لكنه لا يملك أي وهم في إستحالة عودة سلطته على كل سوريا، ولهذا يهندس التقسيم بغطاء الفيديرالية وسط تصفيق أميركي خبيث… مفهوم؟

السابق
منطقة آمنة وحرب لن تقع؟
التالي
الطرابلسيون يعانون مع فساد المجلس البلدي الجديد وانقسامه