الفشل الروسي حتمي في سوريا

روسيا
حمل موقع الوكالة الروسية «نوفستي» خبر ساراً على قلب الروس. إستهل صباحهم بمقال عنوانه « 5 اسباب تجعل اميركا تخسر حربها مع روسيا». اتى المقال كعرض لسلسلة افكار لخبراء استراتيجيين اميركيين تدور في فلك صدام محتمل سيقع بين أميركا وروسيا في الأعوام الخمسة القادمة.

إستند النص الروسي إلى مقال للكتاب لورين تومبسون يقول فيه ان كفة الربح في حال مواجهة مسلحة مباشرة بين الدولتين سيكون من نصيب روسيا، لأن اخطاء إستراتيجية وقع فيها الرئيسان جورج دبليو بوش واوباما وإستفادت منهم روسيا، كسحب بوش ألوية اميركية من أوروبا وخطأ اوباما في المراهنة على آسيا والمحيط الهادئ.

اقرأ أيضاً: من القذافي إلى ترامب…عدوى جنون العظمة!

ويزعم تومسون ان روسيا تنفق على تجهيزاتها العسكرية اكثر من اميركا وأنها تتفوق على اميركا لإمتلاكها جغرافيا شاسعة، وهو ما سمح لها بالتفوق على خصومها في اوروبا الشرقية أيضاً وتردد اوروبا في الإشتراك بحرب اميركية ضد روسيا وقد تجنح الحرب بينهما إلى حرب أما في سوريا فإن بوتين تمكن من تدعيم مواقعه في الآونة الاخيرة.

في المقابل نشر مقالة «حربان روسيتان في أوكرانيا وسورية.. من غير نصر» في صحيفة الحياة اللندنية. تطرق المقال إلى الهدف الرئيسي من عمليات روسيا في سوريا وتحويل الأنظار عن أوكرانيا، واشار إلى انعدام قدرة بوتين على تحقيق نصر في سوريا وعجزه عن تحقيق حلف شبيه بالحلف الدولي الذي خاض الحرب ضد هتلر إبان الحرب العالمية الثانية.

في حديث للمتخصص بالشأن الروسي الدكتور خالد عزي مع موقع «جنوبية»، وفي سؤاله عن تلويحات الإعلام الروسي بالحرب مع أميركا، قال أن «طبيعة الحروب الحالية التي تخوضها روسيا بالوكالة ضد اميركا في اوكرانيا وسوريا لا تسمح لها بفتح حرب مباشرة معها. وأسباب عدم دخول روسيا في حرب مع اميركا عديدة، أولاً وجود فرق شاسع بين القدرات الأميركية والقدرات الروسية، نوعية التسليح الروسي أقل بكثير من التسليح الأميركي، الجيوستراتيجيا الروسية غارقة بالعراقيل.»

ما هي الجيوستراتيجيا الروسية؟
الجيو ستراتيجيا؛ تمثل التحالفات العسكرية السياسية، فأثناء دخول روسيا إلى سوريا كان بإمكانها أن تكون شريكاً بالحل لكن بوتين إختار أن يكون طرف نزاع. فخلق ذلك عداء مع المحيط العربي الذي إلتقى لسنوات طويلة مع الإتحاد السوفياتي. هذه نقطة تحول، الأمر الثاني هو ان محيط روسيا سلافي وإسلامي. ولديها مشاكل مع الأفغان وتعاني من مشاكل مع جورجيا، وصراع على وشك الإنفجار مجدداً مع الأوكرانيين، وعلاقاتها على المحك مع بلاروسيا وأرمينيا واذربجيان لأنهم جميعاً يرتمون في الحضن الأميركي حالياً هرباً من عنجية الروس السياسية والعسكرية المعهودة على مدى عقود من الزمن. وتتخوف هذه الدول الصغيرة من سيناريو القضم الذي إنتهجته في أوكرانيا حين إستولت بالقوة على القرم، وبالتالي فإن اميركا والإتحاد الاوروبي بالنسبة إلى البلاروس والاذربجانيين والأوكرانيين هما الضامن الوحيد لوحدة حدود بلدانهم وعدم تعرضها لخضات تفتعلها روسيا معهم.

روسيا في سوريا

هل خسرت روسيا في سوريا؟
لجهة الدمار تمكنت من التدمير، ولجهة تعزيز مواقعها العسكرية فقد زادت عديدها وعتادها في قاعدة حميميم وطرطوس، ولكن لا يغيب عن المشهد ان عشرات الكيلومترات تفصل القواعد الروسية عن القواعد الأميركية في المناطق الكردية السورية، إلا أن تراجعها حالياً عن ما تفعله غير وارد لأنه سيكون خسارة فادحة، غير ان 4 نقاط خسرت عبرهم الحرب في سوريا على الرغم من إستمرارها إلى وقتنا الحالي. النقطة الاولى عندما اسقط الجيش التركي الطائرة الروسية سوخوي 24 (جنة روسيا)، مما يعني ان طائراته التي يتباهى بها على الفصائل المسلحة ورقية، والنقطة الثانية، عندما قامت اميركا بضرب دير الزور على مرآى الجيش الروسي، الرسالتان كانتا كافيتان لبوتين، النقطة الثالثة سيطرة ايران على الأرض عبر ميلشيات اعدادها هائل وزادت إيران عدد ميلشياتها بعد تدخل روسيا وهو ما لم ينتبه له الكثيرون.

لماذا تخوض روسيا معاركها بهذا الكم من العنف في سوريا وخصوصاً في حلب؟
التدمير والأرض المحروقة هو أسلوب عسكري معروف لروسيا. في جورجيا دمرت مناطق بأكملها بأيام قليلة، ولكن حلب مختلفة تماماً، حلب هي محور الشرق الأوسط الجديد وهي المنطقة الوحيدة التي غلبت المنهج العسكري الروسي. الآن موسكو في مأزق في سوريا وتبحث بشتى الوسائل عن مخرج. لقد فشل تكرار سيناريو غروزني، وهي عاصمة الشيشان التي تم قصفها جواً وبراً بتاريخ 21 كانون الأول 1999 من قبل الجيش الروسي لثلاث ليالٍ على التوالي دون توقف، وهرب المقاتلون الشيشانيين حينها هرباً عبر الأنفاق ومسالك الصرف الصحي، ولكن تلويح اميركا بدعم عسكري من المرجح انه على شكل تسليح للمعارضة من شأنه ان ينقل المشهد إلى السيناريو الأفغاني الذي وبالتالي يفتح «المقبرة للروس».

ما سبب نشر روسيا صواريخ أس 400 بمحيط موسكو؟
روسيا تشعر بالخطر، وتحاول إستعراض قدراتها العسكرية، ومن المسلمات ان من يقوم بالإستعراضات العسكرية يكون الحلقة الأضعف. الدولة التي يحلم بوتين بإعادة مجدها القيصري محاصرة من صواريخ الناتو وقد يحاصر امتدادها العسكري في سوريا بالدعم الذي قد تمنحه اميركا للمعارضة.

لماذا كل هذا الضخ الإعلامي الروسي عن الحرب مع اميركا وإشاعة إنتصارهم قبل حصولها؟
فلادمير بوتين، يحب البروباغندا، هو رجل دعائي إلى جانب كونه رجل أمن، وتأتي إشاعة البروباغندا عن حرب محتملة مع اميركا لبث مشاعر القومية داخل الروس، عن هول تهديد روسيا وتعرضها للخطر، وبأن بوتين هو من سيحميها.

اقرأ أيضاً: تركيا لا تريد شيعة في شمال العراق بعد تحرير الموصل

ما هو سيناريو روسيا القادم في ظل تخبطها في سوريا؟

السيناريو سيكون نقل المعركة إلى أوكرانيا، الآن يستعد الروس إلى معركة محتملة مع الجانب الأوكراني، فقد قام بنشر 100 ألف مقاتل في القرم، واخذت عملية إنتشارهم ما يقارب الشهر، ويطلق على المنطقة التي ينتشر فيها الجيش الروسي حالياً إسم «جيش روسيا الجنوبي». بحيث نشر صواريخ دفاعية، ومعدات هجومية وإستقدم وسائل وتقنيات لجوستية تشير إلى معركة محتملة، تخرج روسيا من عنق زجاجة سوريا. الآن اوكرانيا مقابل سوريا.

السابق
تركيا لا تريد شيعة في شمال العراق بعد تحرير الموصل
التالي
لافروف: مستعدون لدعم مبادرة الموفد الاممي الى سوريا حول وقف النار اذا غادر متطرفو جبهة «فتح الشام»