لبنان في العصر الإيراني: من هنا يبدأ التفكير أيّها البطريرك

البطريرك الراعي
السلة والشروط والكرامة مصطلحات أو عبارات تثير جدلاً ومواقفاً، لكن ثمّة ما هو تحت سقفها اسمه معادلة القوة المقاومة هي التي تحمي لبنان، وهي التي تحدد معنى الكرامة ودلالاتها وهي التي ترسم معادلة ما بعد الطائف. فإذا كانت الكنيسة رأس المسيحيين فالمقاومة هي رأس لبنان وزنده وهي حامية المسيحيين من التكفيريين.

يعلم البطريرك الماروني الذي وصل إلى سدّة البطريركية خلفاً للبطريرك نصرالله بطرس صفير، أنّ وصوله ما كان ليتم لولا إدراك الفاتيكان أنّ المرحلة التي يعيشها لبنان، لم يعد الكاردينال صفير ملائماً لمتطلباتها من الكنيسة، رحب الكثيرون من الممانعين و”المقاومين” بالبطرك الجديد، ليس حبّاً به بقدر الايتهاج باستقالة السلف وانكفائه.

انتخاب الراعي كان رسالة بأنّ الكنيسة التي قادت مرحلة الاستقلال التاني، باتت في مكان آخر، المطارنة الذين ضجوا بموقف صفير وبنظراته الثابتة، وبصلابته في مواجهة الوصاية السورية وتوابعها اللبنانية، شعروا أنّ هذا الرجل مكلف للكنيسة في خياره ومواقفه، فكان الراعي الذي زار دمشق في رسالة معبرة عن التغيير الذي طال موقف الكنيسة المارونية التي مثلها صفير طيلة ربع قرن.

نبيه بري و الراعي

البطريرك الراعي هو النموذج الذي رأى منتخبوه كما الفاتيكان أنّه الأكثر قدرة على حفظ الكنيسة ورعاياها، والأكثر كفاءة على حماية الخصوصية اللبنانية والمسيحية تحديداً فيه. تلقف الآخرون من محور المقاومة وتحديداً المحور الإيراني في لبنان، هذه الخطوة التي كانوا عملوا على تحقيقها بوسائل غير مباشرة أي إبعاد البطريرك صفير، في سبيل كسر الحلقة التي أسس لها صفير منذ ما قبل اتفاق الطائف وشكّلت مصدر حماية “الطائف” لاحقاً، حلقات “الطائف” التي احتاجت كل هذا الزمن لتقويضها بدأت منذ إبعاد الرئيس حسين الحسيني أحد المؤسسين لهذا الاتفاق عن السلطة، وشكلت انتخابات 1992 وسيلة سورية لمحاولة تكفير صفير بهذا الاتفاق لكن الرجل لم يهتز واستمر حلقة دفاع وحيدة عن السيادة اللبنانية، الحلقة الثالثة كانت اغتيال رفيق الحريري في العام 2005 باعتبار أنّ أحداً لا يريد أن يتعلم درس أنّ لبنان لا يمكن أن يكون سيداً مستقلاً، وبقي البطريرك صفير حاملاً هذه الشعلة وهو ينتقل بدماء الحريري إلى الاستقلال الثاني.

إقرأ أيضاً: أوّل إطلالة لعون لا تتضمن انتقاداً أو تعريضاً بأحد

في السجال الذي دار ويدور اليوم حول السلّة، هو في دلالاته هو أكبر من سجال بين برّي والراعي أو بين عون وبّري، هو في جوهره رسالة إلى رأس الموارنة، بأنّ لبنان جديد يتم ترسيخه على الأرض، ليس لبنان الصيغة التي حكمته الثنائية السنية المارونية، ولا لبنان بعد الطائف الذي تراجع فيه المسيحيون، وتقدم الشيعة، بل لبنان الجديد، الذي يصاغ بأنامل إيرانية ورعاية أميركية، ليس لبنان فحسب بل المنطقة بمجملها، إيران اليوم التي تساهم في تدمير أربع دول عربية، هي الأكثر هدوءاً تجاه واشنطن واسرائيل، فيما السعودية في حال يرثى لها بحساب العلاقة مع أميركا وتكاد تصبح عدو أميركا الأول في المنطقة.

مهلاً أيّها البطريرك الراعي، لا تنسى أنّنا من يحمي المسيحيين ألم تسمع الشيخ نعيم قاسم في ذكرى عاشوراء أمس وهو يقول “الإستقرار في لبنان ليس كرم أخلاق، لا، لولا وجود رجال الله في الميدان لما كانت هذه الكرامة والمكانة للبنان”.

إقرأ أيضاً: لماذا لم يليّن نصرالله موقف برّي من عون.. ولا «السيد القائد»؟

الكرامة يا سيد بكركي هي “المقاومة” التي حمت لبنان والمسيحيين من التكفيريين، وسوى ذلك من قيود أو سلال لا يمكن إدراجها بالمسّ في الكرامة، فكما كان انسحاب اسرائيل من لبنان تعزيز دور المقاومة الأمني والعسكري والسياسي، فإنّ طرد التكفيريين من لبنان وقتالهم في سورية يتطلب أن تسلموا لمن حفظ وجودكم في لبنان. القوة هي التي تقرر لأنّها الأقدر على حماية لبنان، لذا لا تستعجلوا الخطوات انتظروا قليلاً، نحتاج بعض الوقت لكي تكتمل خريطة السلطة في لبنان وعهد علينا أن تكونوا في حمايتنا طالما خففتم من مقولات الكرامة وما إلى ذلك من مصطلحات تزعج بعض السامعين من اصحاب القرار.

لبنان في المرحلة الإيرانية من هنا ابدأوا التفكير.

السابق
فتفت: جعجع والحريري سيندمان على انتخاب عون
التالي
ما هي حقيقة توقيف باخرة محملة بالسلاح في مرفأ طرابلس؟