ملهاة المسيحيين ومأساتهم

المطارنة الموارنة يستعدون لإصدار بيان غداً الأربعاء، الثابت بحسب المصادر أنّ البيان سيتناول ملف الرئاسة الأولى، ولن يغيب عن الجدل الذي دار حول سلّة الافكار كما سماها بري، أو سلة الشروط كما سماها الكاردينال بشارة الراعي الذي اعتبر أنّها إهانة للمرشحين وهي تشكل قيد على الرئيس من خارج الدستور.
المسيحيون في لبنان في أسوأ أحوالهم. تختصرهم نزعة الانبهار بالقوة المادية؛ ويستوطن فيهم شعور بالضعف موصول باستسلام. هذا ما يكشفه الانبهار بقوة المسلمين، ومحاولة التمثل بها.
هذه القوة التي تعكس حال من الضعف الهائل في مضمونها حضارياً، هي قوة تدمير للدولة التي كان للمسيحيين دور أساسي في تثبيت أركانها، وقوة مادية لا افق حضاري لها.
الانبهار المسيحي بقوة المسلمين ينطوي على شعور بالدونية، وعلى رغبة جامحة بتمثلها  في بناء النموذج المسيحي.
من يمسك القرار المسيحي اليوم هم مجموعة من رموز شكّل السلاح عنوان وجودهم ويكاد يختصر هويتهم، فيما يغيب عن الواجهة والقرار من يمتلكون الرؤى والقدرة على صوغ دور المسيحي في لبنان والشرق كما فعل المؤسسون الأوائل لهذا الـ “لبنان”.
أسوأ ما في أحوال المسيحيين اليوم هو أن يشكل رموز السلاح عنوان أحلامهم من الرئيس بشير الجميل إلى العماد ميشال عون. مع “حفظ الكرامات” يشكل السيد حسن نصرالله المثال الذي يريد المسيحيون من خصومه أو حلفائه مثالاً مسيحياً له.
هذا المنحى الغالب في الشارع المسيحي كفيل بالمزيد من إضعاف الدور المسيحي وهو يدفعهم  إلى أن يكونوا تابعين لا شركاء، وعاجزين عن انتاج دور يساهم بإنقاذ المسلمين ولبنان من المسار الإنحداري الذي يحكمهم  منذ تفوقت لديهم البندقية وحكمت. البندقية صارت الهدف والغاية. ولبنان إلى مزيد من الإنحدار ولا يزال المسيحيين منبهرون بالسلاح والقوة المادية، فيما نخبهم إمّا مهاجرون خارج لبنان أو مهجرون داخله. أو مغيبون.
الآسوأ في النموذج السياسي الذي تطمح إليه الجموع المسيحية في لبنان،  أنّه يتأسس على انبهارهم بالقوة الغاشمة التي مثلها حزب الله والتي تستكمل تدمير ما تبقى من دولة لبنان. لبنان يتم إنقاذه من فوهة العقل وليس من فوهة البندقية. المسيحيون الى الهاوية السياسية والحضارية كما حال لبنان منذ اختصر السلاح كل شيء وحكم العقل او الدولة، بدل أن يكون بإمرة العقل أو الدولة.

السابق
الحريري وصل الى موسكو للقاء لافروف
التالي
وائل كامل الأسعد: مأساة معيبة نعيشها منذ عامين ونصف