تقرير يكشف كيف أنتجت أميركا أفلامًا مزورة ونسبتها لـ«القاعدة»؟

كشف صحيفة “صاندي تايمز” بالتعاون مع مكتب التحقيقات الصحافية عن عمليات أميركية نفسية، دفعت فيها وزارة الدفاع الأميركية ملايين الدولارات لشركة علاقات عامة، من أجل انتاج أشرطة فيديو مزورة منسوبة لتنظيم “القاعدة” في العراق بعد غزو العراق عام 2003.

 

وبحسب التقري فإن شركة “بول بوتنيغر” البريطانية تلقت نصف مليار دولار، لإدارة مشروع دعائي سري في العراق، مشيرا إلى أن منتجات الشركة شملت لقطات فيديو قصيرة، على طريقة شبكات التلفزة، وأشرطة فيديو لتنظيم “القاعدة”، التي يمكن استخدامها لملاحقة الأشخاص الذين يشاهدونها، حيث عمل الفريق إلى جانب ضباط أميركيين كبار في “كامب فيكتوري”، في وقت كان العراق يشهد فيه حربا طائفية.

وتورد الصحيفة أن مدير الشركة السابق لورد تيم بيل أكد أن شركته ساهمت في عملية سرية خاصة، وقامت بإرسال منتجاتها لكل من البنتاغون، و”سي آي إيه”، ومجلس الأمن القومي، لافتة إلى أن الشركة البريطانية معروفة بحملات العلاقات العامة، حيث كانت وراء صعود السيدة الحديدية مارغريت تاتشر، وصعود المحافظين إلى السلطة، ولدى الشركة قائمة من الزبائن، من بينهم أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى خدمات لديكتاتور تشيلي أوغستو بينوشيه.

ويشير التحقيق إلى أن مارتن ويلز، وهو أحد العاملين في الشركة، الذي كان يعمل خبيرا في إنتاج الفيديوهات، أرسل بطائرة عسكرية إلى بغداد ليجمع معلومات، تحدث حول كيف تمت الاستعانة به للقيام بمهام “حرب نفسية”.

وينقل التحقيق عن لورد بيل، قوله إن المسلسلات الدرامية التي أعدتها الشركة كانت تدور حول شاب يرفض الإرهاب، ويقول ويلز، الذي وصل إلى العراق في عام 2006، حيث أنتجت الشركة مواد إعلامية للمحطات التلفزيونية المحلية، إن المواد بدت كأنها عربية الأصل، لكنه لا يعرف فيما إن كانت المحطات تعرف أنها معدة بدعم أميركي، لافتا إلى أن وزارة الدفاع الأميركية أكدت أن بعض المواد ربما لم تنسب إلى الجيش الأميركي، لكنها أعدت بناء على المعايير والقوانين الأميركية.

ويرى ويلز أن أهم جزء من البرنامج هو إنتاج مواد إعلامية مزورة منسوبة لتنظيم القاعدة، وقال: “كنا بحاجة إلى عمل هذه الأفلام، ولهذا استخدمنا لقطات من تنظيم القاعدة، وكان يجب أن تكون مدتها 10 دقائق، وبشكل معين ومشفر”.

وبحسب الصحيفة فإنه لا يمكن مشاهدة هذه الأفلام إلا عبر برنامج “ريل بلير”، وهي مرتبطة بالإنترنت، وهو ما يؤدي إلى نقل المعلومات الخاصة بالشخص الذي قام بمشاهدتها إلى قاعدة فيكتوري الأميركية، وقال ويلز إن الأفلام كانت تحول إلى أقراص مدمجة، حيث كانت القوات الأميركية تتركها أثناء عمليات المداهمة، ويتم من خلالها التعرف على الشخص الذي يقوم بمشاهدتها.

وكشف التحقيق إلى أنه في ذروة عمل الشركة كان لديها 60 موظفًا في بغداد، بالإضافة إلى 200 موظف محلي، ورغم ذلك فقد كان عمل الشركة وتأثيرها محدود، بسبب الحرب الطائفية التي اندلعت في البلاد.

وتنقل الصحيفة عن المحاضرة في الصحافة والدعاية في جامعة شيفيلد إيما برينت، قولها إن العملية لم تكن ناجحة، “وكانت مضيعة للمال، وكان يجب إنفاق المال لمصلحة الشعب العراقي”.

ويذكر التحقيق أن عمليات الشركة كانت كبيرة في العراق، وبحسب وثيقة اطلع عليها المحققون فقد كان هناك 300 موظف بريطاني وعراقي يعملون لصالحها في العراق، مشيرا إلى أن شركة العلاقات العامة بدأت عملها في العراق بعد الغزو، ففي عام 2004 تم استخدامها لدعم الإدارة المؤقتة، وتعزيز “الانتخابات الديمقراطية”، وبعد ذلك نقلت عملياتها إلى مهام أقل ظهورا.

إقرأ أيضًا: أرقام مخيفة تهدّد وصول كلينتون إلى البيت الأبيض

وتختم “صاندي تايمز” تحقيقها بالإشارة إلى أن العمل كان يتضمن ثلاث مهام، وهي: إنتاج مواد تلفزيونية تعكس صورة سلبية عن تنظيم القاعدة، والمهمة الثانية كانت إنتاج مواد تلفزيونية تظهر وكأنها مصنوعة للقنوات التلفزيونية العربية، أما المهمة الثالثة فكانت مهمة حساسة، وتشمل إنتاج أفلام مزورة منسوبة لتنظيم القاعدة.

 

السابق
من تهميش المدن السنية السورية… إلى تدميرها
التالي
بالصور: ماذا حدث لتمثال صدام حسين؟