الخبر اليقين عند عين التينة

الياس الديري

المَثَل الأكثر شهرة وتعبيراً عن الألاعيب السياسيَّة المتهوِّرة يحفظه اللبنانيون عن ظهر قلب: عند تغيير الدول إحفظ رأسك. والمرحلة مرحلة تغيير مفتوح على شتّى الاحتمالات وأسوأها.
لبنان وضعه الراهن “معفى” من المَثَل ومغزاه. فرأسه غير موجود. ولكن عند تغيير المنطقة، أو تغيير الشرق الأوسط وفق سايكس – بيكو، عليه أن يقف في صف المردِّدين “من بعد حماري ما ينبت حشيش”.
فالحروب المندلعة لا ترحم، ولا يستوقفها أيّ إغراء في بلدة التبّولة والكبة النيّة. جامحة بلا شفقة أو رحمة. ولا تستوقفها أعاصير الدمار ولا سواقي الدماء.
المراقبون الجديُّون في المنطقة والعواصم الكبرى يتوقَّعون، أو يتمنّون أن يحمل العهد الأميركي الجديد وصفات فعَّالة تنتشل المنطقة قبل غرقها في مصير مجهول.
صحيح أن لبنان حصل على مظلَّة أمنيّة ثابتة مقابل “سكوته” عن أمور كثيرة، تبدأ بالفراغ الرئاسي ولا تنتهي بتعطيل مجلس النواب ومجلس الوزراء والدوائر الرسميَّة وكل ما ينتمي الى الدولة، باستثناء الجيش والقوى الأمنيَّة، ولكن…
ولكنّ الكلفة غالية، عطَّلت البلد وتكاد تنشر افلاسه على صنوبر بيروت، إلا أنها على أهميتها تظلُّ رخيصة بالمقارنة مع ما تدفعه سوريا، وما يتكبدّه العراق، وما يكلّف اليمن وليبيا.
والذين يتابعون الأحداث في كامل المنطقة والأضرار والخسائر الفادحة، يلحون على اللبنانيّين أن يحافظوا على الوضع الراهن الذي لا يختلف عن نعمة نادرة خُصّ بها لبنان… ولو بلا رئيس.

اقرأ ايضًا: حرب 33 يوماً بين حلفاء حزب الله
مثلما نردّد هنا في بيروت أن لا رئيس للجمهوريَّة اللبنانيَّة قبل خروج باراك أوباما من البيت الأبيض، وهذا احتمال جدَّي وواقعي، كذلك الأمر بالنسبة الى كل ما يجتاح المنطقة. فالجميع ينتظرون هذه اللحظة على أحر من نار الحروب.
من هنا اعتقاد المحلّلين أنه ليس من السهل على لبنان القفز فوق “القرار الدولي” غير المعلن، والقول كذلك ليس في الامكان القفز فوق إرادة ورأي الرئيس نبيه بري حين يتحدَّثون عن مرشح رئاسي، وخصوصاً حين يكون داهية عين التينة مدعوماً من وليد جنبلاط وسليمان فرنجيَّة، فضلاً عن الذين لا يؤيدون ترشيح الجنرال ميشال عون…
في كل حال، لا تلوح في الأفق السياسي اللبناني مؤشرات تشجِّع على القول، أو حتى الهمس، أن “الفيتو” الغني عن التعريف قد رُفع عن الموضوع الرئاسي في لبنان. من حق الناس أن يحلّلوا وينظّروا ويحاولوا. إلا أن المعطيات السياسيَّة لا تزال هي ذاتها. ولا يزال الاستحقاق الرئاسي “ممنوعاً” من التداول.
ثمة أسئلة دقيقة وحسَّاسة، ستُطرح لاحقاً وتتناول حلفاء عون الأشداء والذين يسند ظهره اليهم… وما اذا كان هؤلاء جاهزين لتقديم الدعم المطلوب.
دائماً وأبداً، الخبر اليقين في جيب عين التينة.

السابق
اوباما يصل الى اسرائيل للمشاركة في جنازة بيريز
التالي
مكافأة إيران ومعاقبة السعودية