نرجس محمدي… طلبت الحرية في إيران فسجنوها 10 سنوات

أصدرت المحكمة الإيرانية حكماً بسجن الناشطة الحقوقية نرجس محمدي مدة عشر أعوام. جاء قرار المحكمة بحق محمدي بعد إتهامها بالتشهير في النظام، والدعاية ضده وعقد إجتماعات غير مرخصة والتواطؤ بالعمل مع جهات تريد الإضرار بمصلحة الأمن القومي لإيران.

أثار قرار المحكمة الإيرانية سخطا بين الاوساط الحقوقية الدولية، فدانت منظمة العفو الدولية القرار على لسان مدير برنامجها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيليب لوثر الذي رأى أن القرار قاسياً لحقوق الإنسان، ويبين إزدراء وإستخفاف السلطات الإيرانية بالعدالة والمفاهيم الإنسانية، وأضاف لوثر أن خطوة إيران تخفي نيات ترهيب بحق الحقوقين الساعين لتحقيق العدالة داخل مجتمعاتهم بهدف إسكاتهم بسلة عقوبات قاسية كالتي تعرضت لها محمدي.
تعد محمدي من أبرز الناشطات المدافعات عن حقوق الإنسان. بدأت ملاحقتها بعد تشكيكها بنزاهة النظام الإيراني في تعامله مع الحريات الفردية ومبادئ الديمقراطية. وقد أغلق مركزها عام 2008 لإهتمامه بقضايا تعزيز القيم الديمقراطية والحرية في إيران.
عرف عن محمدي أيضاً، تنظيمها للقاءات عدة في العاصمة طهران لدعم الشفافية الإنتخابية وسعت إلى خلق قاعدة ضغط على النظام الإيراني للحؤول دون تنفيذه حكم الإعدام بحق المواطنين الإيرانيين دون سن الـ18 عاماً.

الإزعاجات هذه لم يحتملها النظام الإيراني فأصدر عام 2012 حكم بسجنها لمدة ست أعوام وعاد فأفرج عنها بعد ثلاث أشهر من مكوثها في السجن إيفين بسبب تدهور وضعها الصحي، إلا ان المحاكمات طالتها مجدداً بالتهم ذاتها وقضى إلى سجنها مدة 10 أعوام.
مصير حقوق الإنسان في إيران هو الأسوأ في ظل الرئيس الإيراني حسن روحاني الإصلاحي، فعندما إعتلى روحاني سدة الحكم عول الكثير من الشباب الإيراني عليه، فقد آتى إلى الحكم بعد مرحلة محمود أحمدي نجاد المتهم بتزوير النتائج الإنتخابية الرئاسية. ورغم كل الوعود والأحلام التي علقت على عباءة روحاني الرجل الدين الإصلاحي إلا أن حكمه إتسم بالفشل والعجز عن حماية الحريات الفردية وإعادة ما تبقى من حرية للصحافة الإيرانية بعدما أجهزت عليها سلطة الرئيس المحافظ السابق أحمدي نجاد.
تعاني إيران من فورة إعدامات وملاحقات للناشطين والصحافين في فترة حكم الرئيس حسن روحاني المتصف بالإعتدال، وسجلت إيران في عام 2015 أكثر من 1000 حالة إعدام متخطية بذلك الأرقام المسجلة لعامي 2014 و2013.
الرئيس روحاني تحت مجهر المحافظين ويُمثل حالياً مسرحية الرئيس الشكلي تتحرك خلف ستاره أيادي المحافظين، الذين إزداد تشددهم عبر تدابيرهم الأمنية ضد الصحافة والحياة الإجتماعية خوفاً من الإنجراف إلى تحركات شعبية كالتي حصلت عام 2009.

إقرأ أيضاً: أزمة العرب مع الحريات
فقد إشتد الحبل حول عنق السياسيين الإصلاحيين بعد 2009 العام، وهو العام الاكثر إضطراباً بتاريخ إيران بعد الثورة فقد شهدت إيران في تلك الفترة تظاهرات حاشدة تطالب السلطة الإيرانية بالكشف عن التزوير الذي أدى إلى تولي أحمد نجاد الرئاسة للمرة الثانية، وتم وضع قيادات بارزة إصلاحية في السجن أو تحت الاقامة الجبرية كمحمد أبطحي نائب رئيس السيد محمد خاتمي الإصلاحي، بالإضافة إلى عزل المرشح المعتدل مير حسين موسوي ومعه إبنة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام فائزة رفسنجاني بحجة التحريض على قلب النظام والوقوف خلف الإحتجاجات الشعبية المسماة أيضاً بالثورة الخضراء.

نرجس محمدي
وبحسب المنظمات الدولية، إعتقلت السلطات الإيرانية خلال حكم روحاني ما يقارب السبعين صحافياً ومدوناً، من بينهم مراسل صحيفة واشنطن بوست الأميركية جايسون رضائيان، والصحافية يغانة صالحي، وساجدة عرب سرخي، ونرجس محمدي، ومرضية رسولي، وريحانة طباطبائي، ورويا صابري نجاد، وفريدة شاهغلي، ونغمة شيرازيظ، آفرين تشيت ساز، إحسان مازندراني، رئيس وعيسى سحر خير، وسامان صفر زائي، وداود أسدي، كيوان كريمي وتتفاوت عقوبة سجنهم بين السنة والعشرين عاماً ويمكث بعضهم في السجن الشهير إيفين والمعروف بـ«معقل أمني» خُصص للإجهاز على الصحافيين والناشطين.
أثناء المرحلة الإنتخابية لرئاسة جمهورية إيران حارب روحاني منافسه المحافظ محمد باقر قاليباف بشعارات تتعلق بالحريات العامة. وبعد توليع الرئاسة طالبه السياسي الشيخ مهدي كاروبي بتقديم شهادته إلى المحكمة الإيرانية من أجل إثبات تزوير إنتخابات عام 2009.

إقرأ أيضاً: إيران الخميني.. أفضل النماذج الإيرانية لأميركا
ورغم التهم الموجهة لحقبة روحاني بسبب ما تخللته من إنتهاكات لحقوق الإنسان وحرية التعبير وإغلاق صحف، إلا أنه النقطة الأبرز في الحكم الإيراني تشير إلى أن السلطة القضائية ووزارة العدل تتبع بشكل مباشر إلى الإمام الخامنئي الذي يتولى زمام تعيين وزراء حقيبة وزارة العدل، ومن هنا، إن أغلب الذين تسلموا الحقيبة منذ لحظة انتصار الثورة الإيرانية إلى يومنا هذا ينتمون إلى الخط المحافظ.
وطالبت منظمة «مراسلون بلا حدود» روحاني التدخل ووضع حد للتجاوزات بحق الصحافيين والصحافيات، ووجه عام 2015 مسؤول قسم إيران وأفغانستان في المنظمة رضا معيني كلاماً قاسياً لروحاني شدد فيه على التبيعات الناجمة إزاء صمته على التجاوزات والتي تعزز سلوك السلطة التعسفي بحق الحياة الصحافية في البلاد.
سقطت حقبة روحاني بين سندان الإصلاحيين الطامحين إلى المزيد من الحرية والتي قد ترفع حظوظ حصول زلزال «ثورة خضراء» جديدة، ومطرقة المحافظين الماضيين قدماً في لجم وفرض المزيد من القيود على الحياة الإجتماعية والسياسية داخل إيران.

السابق
ولحزب الله في حلفائه شؤون
التالي
حرب 33 يوماً بين حلفاء حزب الله