صيدا بالموسيقى والألوان: نعم كبيرة للحياة!

من مرفأ للتجارة والعلم إلى مدينة لم تبخل يوماً بالعظماء وبشعب يحمل كل مشاعل الحضارة والثقافة أبت صيدا هذه السنة إلا أن تنهض من جديد رافضة الثوب الأسود الذي أريد لها أن تلبسه لأعوام طويلة وتؤسس لمرحلة جديدة تكون فيها المدينة في مقدمة الفرح وخاتمة المهرجانات السنوية الصيفية في لبنان.

فلا هي أقل من بعلبك وجبيل وطرابلس وغيرها من المدن التاريخية اللبنانية فخراً وأهمية لتبرز ما في جعبتها من حياة وثقافة, ولا هي عاجزة عن أداء دورها. لا بل صيدا مدينة شجاعة تحدت من تحدّت من أجل النهوض بشعبها لا بحجرها ولا ببارودها لتقول على أبواب الخريف هذه صيدا ها هنا حية بموسيقاها وألوانها وفرح أطفالها وكل من يحبها وسعى وسيسعى يوماً لزيارتها.

بهذه الروحية إستقبلتنا السيدة نادين كاعين رئيسة لجنة مهرجانات صيدا, وحدثتنا عن هذا المهرجان الرائع الذي إحتضنته المدينة بألوانها وكافة أطيافها.

بين السياحة والتاريخ

وتقول كاعين أن “هذا المهرجان لم يكن الأول الذي يجري في صيدا, وهو بالطبع لن يكون الأخير… فاللجنة كانت قد أقدمت في السابق على تنظيم عدة مهرجانات وفعاليات داخل المدينة”, غير أنها أكدت أن أهمية هذا المهرجان تكمن في كونه الأول في صيدا من حيث الضخامة, خصوصاً أنه تم تحت رعاية وزارة السياحة وبالشراكة مع بلدية صيدا”.

وفي التفاصيل, أشارت كاعين إلى أن “هذا المهرجان تضمن 4 محطات, كلها تحت مظلة مهرجان صيدا لعام 2016”.

فالمحطة الأولى كانت محطة سياحية الهدف منها المرور على معالم المدينة التاريخية, فصيدا التي ذكرها هوميروس في إلياذته والتي وقف على ساحلها السيد المسيح والتي مر بها بولس الرسول والتي إمتد أثرها إلى اليونان عبر قدموس والتي شهدت في عهد الأمويين نهضة فكرية وفلسفية وعمرانية, كان لا بد للمهرجان أن يمر على هذا التاريخ الممتد من الحضارة الفينيقية مروراً بالعصر الأموي والعباسي وصولاً إلى العهدين الصليبي ثم العثماني, فكان “النهار الأول أي في الرابع من أيلول يوماً سياحياً بإمتياز حيث أستقطبت اللجنة زواراً من المدينة ومن خارجها, من بيروت, جبيل, النبطية, طرابلس, بعلبك ومناطق لبنانية أخرى حيث تم إستقبال أكثر من 250 شخص من كافة المناطق وقد أتوا للتمتع بجمال المدينة وكافة المراكز السياحية والتاريخية فيها فقاموا بجولة على القلعة البحرية والبرية ومعبد أشمون وقصر دبانة ومتحف الصابون, إضافة إلى قصر رياض الصلح الذي تم فتحه لأول مرة في إطار هذه المناسبة, وفي آخر النهار قاموا بزيارة إلى سيدة مغدوشة لانها من محيط صيدا وقد تم إدراجها مؤخراً على الخارطة السياحة الدينية”.

صيدا تنبض بالموسيقى

وحول باقي أيام المهرجان تقول كاعين: “كانت بداية المهرجان بنهار سياحي إستهليناه للإنطلاق بالمهرجان إلى يوم 16 أيلول حيث شهدت صيدا سهرة مع الفنانة نانسي عجرم, بينما وفي اليوم الثاني أي في 17 أيلول أحيى الموسيقي العالمي غي مانوكيان سهرة لم تقل جمالاً عن سهرة نانسي عجرم, وقد قدما عرضين إعتبرا من أروع العروض الفنية التي تم إحياؤها للفنانين فحققا نجاحاً رائعاً على مدى سهرتين متتاليتين”.

صيدا

وتابعت: “بالنسبة لنانسي عجرم فقد قامت بأداء رائع في المهرجان وكانت سعيدة جداً لتواجدها في صيدا بين جمهورها ومحبيها, أما بالنسبة لغي مانوكيان فقد كان متحمساً جداً, فالبرنامج الذي قرره لحفلته كان أفضل ما قدمه وكان متحمساً بشكل كبير منذ البداية لهذا المهرجان وللسهرة بالذات, أما الحضور فقد كان كثيفاً في السهرتين وحماسياً بشكل كبير حتى أنه لم يتبقّ تذاكر للبيع”.

حضور رفيع

وتحدثت كاعين عن الحضور وقالت أنه و”بالإضافة إلى الجمهور, سجل المهرجان حضوراً سياسياً رفيعاً بإمتياز حيث حضر الرئيس ميشال سليمان, دولة الرئيس فؤاد السنيورة, النائب بهية الحريري, السيدة لما سلام, النائب نايلة معوض, السيدة ليلى الصلح, وزير السياحة ميشال فرعون, وزير الثقافة روني عريجي, نواب وممثلين عن قائد الجيش, قائد قوى الأمن. وحتى انه كان لبعض السفراء حضور بارز, حيث حضر السفير البريطاني في اليوم الثاني إضافة إلى السفير الإسباني الذي كان متواجداً أيضاً”.

تعزيز لدور صيدا السياحي

ولفتت كاعين إلى أن “صيدا إستقبلت أيضاً سياحاً من خارج لبنان, كمصر والعراق, وهذا الهدف من المهرجان, فالمهمة كانت الإضاءة على مدينة صيدا التي تتمتع بكل المؤهلات كمدينة جميلة وبالتالي التأكيد على وضعها ضمن الخريطة السياحية للبنان”, وأعربت رئيسة مهرجانات صيدا عن إعتقادها بأن “المهرجان قد نجح في تحقيق هذا الهدف لهذه السنة”.

صيدا تواجه التهديد بالحياة

ولدى سؤالها عن الحملة التي تعرضت لها اللجنة جراء تنظيمها لهذا المهرجان قالت كعين: “نحن كلجنة منظمة هدفنا كان القيام بتنظيم المهرجان بأفضل ما يكون وإظهار صيدا بأفضل صورة وكنا نطمح بأكبر قدر من التنظيم وقد وصلتنا تهديدات, غير أن القوى الأمنية قامت مشكورة بمجهود ممتاز للحفاظ على الأمن بالإضافة إلى المجهودات التي قام بها الجيش وبلدية صيدا وفعاليات المدينة ونوابها من دولة الرئيس فؤاد السنيورة والسيدة بهية الحريري إلى رئيس بلدية المدينة محمد السعودي الذين لم يقصروا أبداً في هذا المجال وكانوا إلى جانبنا دائماً داعمين بكافة امكاناتهم, وقد تمت إحاطتنا بشكل كبير, ونتيجة لهذه الجهود شعر الجميع بأمان تام غير أن الهدف من هذه التهديدات لم يكن جدياً”.

إقرأ أيضاً: صيدا تجاهد وترقص وتغني وتحيا بتنوعها

وعن الهدف وراء هذه التهديدات لفتت كاعين إلى أن “صيدا هي مدينة تنوع وكل من أطراف المدينة يريد إبداء رأيه غير أن هدفنا كلجنة منظمة هو جعل المهرجان يبدو بأفضل صورة ولم تؤثر هذه التهديدات بأي شكل من الأشكال على المهرجان”.

وبالألوان أيضاً

وختمت كاعين بالتأكيد على “أنه وبالنسبة للسنة القادمة ستكون صيدا على موعد مع مفاجآت, فاللجنة بدأت بالتحضير للمهرجان المقبل منذ هذه اللحظة”, من دون أن تكشف عن أي تفاصيل أخرى.

إقرأ أيضاً: ردّاً على صوت التطرف: صيدا رقصت.. #صيدا_مدينة_للحياة

ويوم الأحد الماضي إختتم العرس الصيداوي بمهرجان للألوان, وكأن بصيدا تريد التأكيد على أنها مدينة لكل الألوان والأطياف الثقافية ولكل الناس, رسالة أمل في وطن تخيم عليه أشباح الخوف وتحيط به زواريب الفساد, من مدينة أبت الا الإنتفاض لتعلن أن القلب لا يموت وصيدا ستبقى قلب المهرجانات النابض

السابق
«حزب الله» يفرض عون على الطائفة السنية… ولا يقنع حلفاءه به!
التالي
رسالة إلى دولة الرئيس سعد الحريري