اغتيال حتّر مؤشر لانفجار سنيّ وجودي

اغتيال ناهض حتّر المناصر لنظام الأسد وصاحب المقالات القاسية بحق اللاجئين وبحق الاسلام السياسي السني، قراءات حضرت على المشهد السياسي، قاربت بين ما يجري في حلب من انتهاكات، وبين الثلاث رصاصات التي أسقطت حتّر، موظفة هذه الصورة في سياق بدء العقاب.

العديد من المتابعين لأوضاع المنطقة، ولا سيما الوضع السنّي من العراق إلى سوريا والذي يتجلّى في أكثر صوره دموية في حلب، ادرجوا اغتيال الكاتب والصحافي الأردني ناهض حتّر على أنّه بداية الانفجار في الشارع السنّي المحتقن بسبب المجازر، والجرائم، وأصبح عنيفاً ضدّ كل مشارك وضد كل داعم للقتلة.

هذه الصورة، للواقع السنّي، تشكل مؤشراً لخطر قادم، لا بعداً مذهبياً له، وإنّما بعد وجودي، فإشكالية السنّة عربياً ليست ضد الشيعة ولا العلوييين ولا المسيحيين ولا أي طائفة من الأقليات، وإنّما ضد انظمة الحكم ومن يقوم بحمايتها.

الباحث والناشط السياسي مدير جمعية “هيا بنا” لقمان سليم وفي سياق تعليقه على هذا التوظيف وهذه الصورة التي اتخذها اغتيال ناهض حتّر أكدّ لـ”جنوبية”  أنّ “الصورة واقعية للأسف، البعض حاول أن يظهر ناهض حتّر بصفته مثقف وأدان الجريمة تحت عنوان حرية الرأي وغيره، وجرّب أن يضخم من حجم الكاريكاتير الذي نشره، إلا أنّ بيت القصيد سواء في لبنان أو في الأردن أو في سوريا.. هو الشعور بالمهانة الذي تعيشه شريحة واسعة من السنّة في العالم وبهذا المعنى يجب أن نتوقع الأكثر“.

مضيفاً “للأسف أنّ الأمور تحدث بهذا الشكل، ولكن بالتأكيد لا يمكن أن نشهد ما نشهده في حلب وأن نستغرب وقوع مثل هذه الجرائم، مع إدانتنا للقتل عموماً“.

لقمان سليم

وأوضح سليم فيما يتعلق بالموقف الإيراني من الأردن بعد الجريمة أنّ “إيران بالتأكيد سوف تستثمر هذا الاغتيال، واليوم شهدنا بعض الإعلام اللبناني يتهم النظام الأردني بأنه شريك في الجريمة ولعل ما قرأناه في الساعات الماضية هو أول الغيث، إذ أنّ المشروع الإيراني يتغذى من قتلاه مثل أي نظام شمولي آخر، هذا النظام يعيش على موت الآخر وحتى على موت حلفائه“.

من جهته منسق التحالف المدني الإسلامي الأستاذ أحمد الأيوبي، توقف عند ثقافة الانتقام التي تمّ تعميمها بعد ربط اغتيال ناهض حتّر بالكاريكاتير، موضحاً لـ “جنوبية” أنّ  “ثقافة الانتقام، غذّاها في ثمانينيات القرن الماضي تجربة نافرة وهي فتوى الإمام الخميني الشهيرة بحق سلمان رشدي، حيث أصدر فتوى بوجوب قتله و وضع جائزة مالية كبرى من أجل الإتيان برأسه، بالمقابل لم نشهد أيّ مرجعية حتى سلفية او تكفيرية سابقاً أو حالياً تضع جوائز من اجل الاتيان برؤوس خصومها هذا من حيث الشكل“.

متابعاً ” أما بالنسبة للرسم الكاريكاتوري الذي نشره ناهض حتّر فهو أكثر من مسيء ولا يدعي أحد أنّ حتّر لم يكن يعلم ماذا يعني نشر مثل هكذا الكاريكاتور، الكل يعلم أنّ هذا الاستفزاز سيؤدي إلى ردّات فعل، فإن كانت شارلي ايبدو الفرنسية قد شهدت ما شهدته فما بالنا بالأردن، بالتأكيد كان في الإقدام على هذا الأمر استفزاز للوصول لا إلى القتل وإنّما إلى حالة هيجان وتصوير جزء من المجتمع السنّي على أنّه مجتمع متوحش“.

إقرأ أيضاً: محور الممانعة قتل ناهض حتر

وأكدّ الأيوبي إدانته للجريمة متسائلاً “أنا شخصياً أدين عملية القتل، ولكن أتساءل، القتلى في حلب ألا يستأهلون الاستنكار، حلب تباد بغاز الكلور وبالبراميل المتفجرة، بالصواريخ العابرة للدفاعات والتي تخترق الملاجئ، لماذا لم نسمع من هؤلاء أي إدانة لقتل مئات الضحايا الأبرياء بقصف همجي روسي أسدي؟ وكيف يمكن تصديق أنّ من يدين مقتل ناهض حتّر لديه ذرة انسانية وهو لم يقدم على إدانة مقتل مئات من الأبرياء“.

الدكتور احمد الايوبي
الدكتور احمد الايوبي

وفيما يتعلق بتوظيف الحادثة على أنّها بداية للإنفجار السنّي بوجه محور الممانعة ومن يواليه، لفت أولاً أنّ “هناك ملاحظة لا بدّ من تسجيلها وهي أنّ الناطقين غير الرسميين باسم محور الممانعة أي غير المنتمين مباشرة لحزب الله هم في الغالبية الساحقة من الملاحدة الذين لديهم موقف سلبي من الدين، وهذا ما يجعلنا نسأل كيف لحزب لديه عقيدة دينية مثل حزب الله ينصب هؤلاء ناطقين باسم محور الممانعة، الإجابة هي في كون المشترك بينهما هو مناصرة الديكتاتوريات، فهؤلاء الذين يسمون أنفسهم مثقفين يناصرون الديكتاتوريات بشكل مطلق وحزب الله كذلك أحد ركائز مناصرة الديكتاتورية في المنطقة“.

إقرأ أيضاً: من رشدي إلى حتّر: ماذا تقول يا «سيد الحارة»؟

وأشار معلقاً على الموقف الإيراني، والذي تجاوز الخصومة مع حتّر، أنّه ” بغض النظر عن علاقة ناهض حتّر بإيران هو كان ينظر إلى حزب الله على أنه النموذج المطلوب في المنطقة على مستوى رؤيته السياسية والاستراتيجية، وممّا لا شك فيه أنّ ايران سوف تحاول الدخول على خط الأزمة الراهنة في الأردن للهجوم وللإنقضاض على الحكومة الأردنية والحكم الأردني، لكن هذا الأمر برأيي لا يصلح لإستغلال طويل المدى، إذ أنّ ما حصل هو حادثة تنتهي مفاعيلها خلال مدة معينة ولن يكون هناك إمكانية حقيقية للإيرانيين للمتاجرة بدم ناهض حتّر لا سيما وأنّه لدى الحكم الأردني الحكمة والقدرة على معالجة هذه المسألة بشكل مناسب“.

السابق
الحريري في بنشعي للقاء فرنجية
التالي
فارس سعيد: وصول عون هو وصول لإيران