السنّه الميثاقيون أهل الدولة

زياد ضاهر مع سعد الحريري

تعرض “السنة” ، أهل الدوله كما يسميهم الدكتور رضوان السيد، في العالم العربي الى تهديم دولهم وتقسيم مجتمعاتهم بعد أن قامت الثورات على الانظمه العسكريه التي حكمتهم 40 عقد من الزمن برعاية من الاقطاب الدوليين.

أكثر من يساهم في إثارة هذه الفوضى وعدم الاستقرار هم الايرانيون وقد عبروا أكثر من مرة عن قدرتهم على التأثير واستعرضوا قوتهم في العالم العربي متباهين بسيطرتهم على 4 عواصم عربية.

“سنّة” لبنان ليسوا بمعزل عن ما يحصل في العالم العربي ذي الاكثريه السنيّة الساحقه، وتاريخيًا كان السنة اللبنانيين لهم توجهاتهم القومية المرتبطة بقضايا العرب والتحرر، ضد “الرجعية العربية” في ما ساد الخطاب السياسي في فترة السبعينيات.

لماذا لم يدخلوا في الصراع الى اليوم؟ لماذا لم يذهبوا للقتال بأعداد تقترب من اعداد مقاتلي حزب الله في سوريا؟ لماذا لم ينتفضوا كما فعلوا ضد حلف بغداد وحملو السلاح في العام 1975؟

ان تمثيل تيار المستقبل للسنية السياسية بالمعنى السياسي لا الديني والتي تضم في صفوفها من غير المسلمين  أو “السنّة الميثاقيين” هو ما حمى لبنان من الانجرار الى الاقتتال السني الشيعي وحمى بيوتهم وعائلاتهم من ما أصاب غيرهم من الذين غرقوا في الحرب السورية. إن خيارات الرئيس سعد الحريري من “الحوار مع حزب الله” في عين التينة الى الحكومه التي سميت بأنها “حكومة ربط نزاع”، والخطاب السياسي الذي ركز على المطالبة بتفعيل المؤسسات ودور الدوله ولم ينحوا الى  التطرف يوما أو مثلا الدعوة الى امتلاك القوه لحماية مناطقة من اختراقها بسرايا المقاومة المسلحة والتابعه لحزب الله.

في العام 1958 قامت انتفاضة ضد موقف الرئيس شمعون بالانتساب الى “حلف بغداد” وتأييد مشروع “ايزنهاور”  برعاية الولايات المتحده وقيادة بريطانيا وقامت المظاهرات في صيدا وبيروت وطرابلس، فالسنّة وحلفائهم (كمال جنبلاط والشيخ حسن الجسر)  أخذوا موقفا ضد هذا الخيار الذي اعتبر معاديا لقضايا وهوية العرب وتهديدا لهوية لبنان، وتعتبر تلك الاحداث بنتائجها كسبب من أسباب الحرب الاهليه التي اندلعت في العام 1975، حيث كان الانقسام حول الهوية الوطنية والانتساب للاقليم في ظل صراع المحاور. ودعى الطرفان الى الالتحاق بمحوره الاقليمي بالكامل حتى حدود الاحتراب والاقتتال.

الاكيد أن “سنة لبنان” أصبحوا أكثر ميثاقيه وهم الذين أيدوا ولأول مرة في تايخهم اللبناني، زعامة على مستوى الوطن مثل رفيق الحريري،  ومن بعد استشهاده استمروا مع ابنه، وهو الذي قال “وقفنا العدّ” كإشارة الى أن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين ليست للنقاش وهذا ما اعتبر موقف دفاع عن حقوق المسيحيين في النظام، كميثاق تأسيسي للجمهوريه الثانية بعد الطائف الذي انهى الحرب التي دامت 20 عام.

أي “عراك” يحتاج الى طرفين تتوفر لديهما الاراده والقدره والقرار بخوض هذا العراك، اليوم في لبنان يوجد طرف مقاتل في سوريا وكذلك في لبنان بأشكال مختلفه ومقوله أمين عام حزب الله الشهيرة “لبدو يقاتلنا يلاقينا بسوريا” وأدبيات كثيرة حكيت عن قطع الايدي والرؤوس حماية “لسلاح المقاومة”، والطرف الآخر لم يدعُ يوما للقتال أو حمل السلاح لأي سبب كان وبالرغم من كل ما تعرضوا له من اغتيالات وتفجيرات وإثارة مشاكل أمنيه من خلال “سراياهم” المتغلغلة في المناطق. بالرغم من كل ذلك بقي الخطاب المسالم والمتمسك بالدولة والمؤسسات والثبات على الموقف السياسي هي وسائل مواجهة “اجرام” و “عمالة” حزب الله للمشروع الايراني.

“السنّه” اللبنانييون هو “أهل الدولة” أيضا واليوم لم يتخلوا عن عروبتهم ولا تقدميتهم ولا عن تضحيتهم لبقاء لبنان إنما ادركوا وبشكل جماعي أن “لبنان أولا ” هو الاتجاه الصحيح لبوصلتهم الذي حفظهم ويحفظ قيمهم وتاريخهم ومستقبل ابنائهم.

إقرأ أيضًا: إعلامي المستقبل يكشف حقيقة الحريري

ومن الواضح أن صمود سعد الحريري في وجه الكم الهائل من الضغوطات له معنى واحد ان “سنة الميثاق” لن يتخلوا عن دورهم في “حفظ الدولة” ولن يسمحوا باستجلاب “سنة الصحوات” لتمثيل هذه الطائفه في النظام السياسي اللبناني.

بين اليوم وانتفاضة 1958 أوجه شبه كثيرة واختلاف وحيد، في “بيروت” فريق تعلم من تجارب الماضي وفريق لم يتعلم ابدا.

السابق
زين العمر… عنصري ضدّ السوريين؟
التالي
جزيرة أوكيناوا التي لا يموت أهلها!