الحرب السورية تستهلك روسيا مادياً وعسكرياً: «القيصر» سقط في فخ التعارض الأمريكي

النفوذ الأمريكي - الروسي، وصل إلى مرحلة التعارض الجلي، لا سيما بعد قصف طائرات التحالف الدولي مواقع الجيش السوري في دير الزور مما اسقط العديد من القتلى، وصولاً لقصف قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة والمتجهة الى حلب والتي اتهمت واشنطن الطائرات الروسية باستهدافها. الاتفاق الأمريكي- الروسي يتداعى لكن من الذي كسب بينهما في الميدان السوري؟

في قراءة المعارضة السورية لهذه التطورات، أكدّ رئيس المكتب السياسي لتجمع فاستقم كما أمرت د.زكريا ملاحفجي لـ”جنوبية” أنّ “من يقف وراء قصف قافلة المساعدات هو النظام السوري والروس، الذين استهدفوا بالطيران 18 قافلة كانت تستعد لدخول حلب سقط فيها شهداء من الهلال الأحمر”.
موضحاً أنّ “لا شيء تبقى من الهدنة، إذ أنهاها عملياً النظام والروس”.
وأشار ملاحفجي أنّ “المساعدات قد توقفت عن الدخول وهذا بتصريح أحد مسؤولي الأمم المتحدة حتى اشعار اخر”.
هذا الواقع الذي تنقله المعارضة يجري تحت ظلال صراع روسي – أمريكي، واتهامات متبادلة بين الطرفين، فبعدما اتهمت موسكو واشنطن بالتعامل مع داعش على خلفية ضربة دير الزور والتي وصفتها بأنّها “مقصودة”، شكلّ استهداف قافلة المساعدات التابعة للأمم المتحدة، مساحة جديدة تكشف التناقض في الأهداف، إذ سارع الجانب الأمريكي لإتهام الطائرات الروسية علناً بهذه الجريمة، فيما نفت وزارة الدفاع الروسية هذا الأمر، بل وذهبت أبعد من ذلك، بأن ردت الإتهام لأمريكا معلنةً أنّ طائرات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة كانت تحلق فوق المنطقة التي تتواجد بها الـ 18 قافلة.

هذا السجال عكسته المواقف الصادرة في مجلس الأمن، إذ طالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري امس الاربعاء (21 أيلول) في كلمته التي ألقاها بحظر الطيران الحربي السوري محملاً روسيا مسؤولية الغارات الأخيرة.
كما أكدّ أنّ نظام الأسد هو من أفشل الهدنة، مشيراً انّه لا يمكن للمعارضة أن تتفاوض مع نظام يلقي البراميل المتفجر ويقصف المدنيين بغاز الكلور.

بوتين وكيري

تصريح كيري في مجلس الأمن يتقاطع مع التقرير الذي صدّر في وقت سابق والذي من المفترض تسليمه اليوم لمجلس الأمن، والذي أكد أنّ النظام السوري مسؤول عن هجمات بغاز الكلور ضد المدنيين.
إلا أنّه يتعارض أيضاً مع ما صرحت به صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أنّ البيت الأبيض قد مارس ضغوطاً سرّية الأسبوع الماضي لأجل ثني مجلس النواب، عن تبني مشروع قانون يقر عقوبات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

فما هو الواقع بين النفوذين الامريكي والروسي؟ ومن هو الذي كسب في الميدان السوري؟

الصحافي والمحلل السياسي مصطفى فحص أكد لـ”جنوبية” أنّ “المشهد في مظهره أنّ روسيا قد كسبت في سوريا وتقدمت في النقاط على الولايات المتحدة في عمق الحدث وفي بعده الاستراتيجي ما يحدث هو استدراج اميركي لروسيا في سوريا، يبني هذا الاستدراج حينما لم تصل الإدارة الأمريكية ومؤسسات الدولة الأمريكية إلى قرار موحد في سوريا، يٌتخذ قرار في واشنطن بعدم مخالفة الرئيس وبعدم التنازل أيضاً عن المصالح الأمريكية وهذا ما يبرهنه أنّ مصالح الرئيس كانت في الاتفاق في جنيف ومصالح المؤسسة كانت في الضربة في دير الزور”.

إقرأ أيضاً: قصف قافلة المساعدات هل يكون بداية نهاية نظام الأسد؟
وأضاف “روسيا تدفع التناقضات الداخلية الأمريكية، وهي غير قادرة على الكسب النهائي في سوريا واصبحت رهينة انتظار القادم إلى البيت الأبيض الذي مهما يكون توجهه سوف يختلف عن باراك أوباما”.
وأوضح فحص أنّه “في حسابات الربح والخسارة، روسيا هي فعلياً القلقة في العمق لأنّها هي المستهلكة وهي المضطرة لإرسال اسطولها أميرال كوزينتسوف للمياه المتوسطة، وهي المضطرة أن تدفع يومياً أربعة مليون دولار مجهود حربي في سوريا بينما الأمريكي يراقب، وهي المضطرة أن تصبح على عداء كامل مع الأغلبية السورية في المنطقة”.

وفيما يتعلق عن تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مجلس الأمن حول قصف النظام بغاز الكلور وارتباطه بالتقرير الصادر بشأن استخدام الكيماوي، وإن كان هناك اتجاه لإدانة نظام الأسد، أشار فحص أنّه “لا نتأمل شيء من هذه الإدارة، ولكن المؤسسة الأمريكية تستعد لتهيئة ملفاتها بعد خروج باراك أوباما، منها ما بدأ برسالة الدبلوماسيين السابقين، التي أوضحت موقف وزارة الدفاع وموقف وزارة المخابرات حول الوضع في سوريا”.

إقرأ أيضاً: كباش أميركي روسي بعد غارة قافلة المساعدات
مبيناً أنّه “الآن مؤسسات صنع القرار في أمريكا هي التي بدأت تتدخل في قرارت الإدارة الأمريكية، فحتى كيري والذي هو من هذه المؤسسة والمضطر لاحترام قرار رئيسه بدأ يعبر عن موقف المؤسسة الأمريكية، والجميع يهيئ الملفات فعلياً لتوريط روسيا، ولتصبح روسيا هي الجهة المسوؤلة عن انتهاكات بشار الأسد”.

السابق
هكذا اندلعت اشتباكات عين الحلوة.. ومن هو «سيمون طه»؟
التالي
كيري: كيف تتفاوض المعارضة السورية مع نظام يلقي البراميل