المسيحيون يلعبون بالنار والمسلمون يؤجّجون

بعض المسيحيين يلعبون بنار الكيان اللبناني. وبعض المسلمين، من السنّة والشيعة، يؤججون هذه النار، ويضحكون في عبّهم. هؤلاء وأولئك، يمثّلون للأسف جزءاً كبيراً من اللبنانيين، لا تزال الغرائز الدينية والمذهبية، والأوهام التقسيمية، ومشاريع الغلبة والاستئثار، تسكب الزيت على عقولهم الحامية، فتشتعل من تلقائها.

إقرأ ايضًا: «حزب الله» يهوّل في وجه الحريري: «انتخب عون»!
يغالي هؤلاء وأولئك في “اللعبة”، ويتخطّون الحدود الحمر، ويزجّون بأنفسهم، وبغيرهم، وخصوصاً بالكيان، وبمؤسسة الجمهورية، في الأتون الرهيب، الذي إذا كان أحدهم يعلم كيف يدخل إليه، وينخرط فيه، فإنه لن يعلم أبداً كيف يخرج منه. هذا، إذا كان في مقدوره أن يخرج. يرفع المسيحيون هؤلاء، شعار الدفاع عن الميثاقية، ويقيمون التحالفات الطائفية في ما بينهم، في حين أنهم منبطحون انبطاحاً سياسياً ووطنياً معيباً أمام الذين لا يعيرون الميثاقية أيّ اعتبار، بل يمرّغونها في أكثر من موضع من مواضع الوحل الإقليمي، ويحرقون أطرافها بالنيران المشتعلة هنا وهناك في سوريا والعراق واليمن، وغيرها.
ثلاث نقاط مهمة يجب إلقاء الضوء عليها، الأولى أن المسيحيين والمسلمين هؤلاء وأولئك، هم عماد هذه الطبقة السياسية الفاسدة، التي تستولي على لبنان الدولة منذ أكثر من خمسين عاماً، وتنهب خيراته، وتخرّب أسسه، وتنتهك مؤسساته، وتمتصّ روحه الخلاّقة، وتتاجر بمصيره من أجل حفنةٍ من المصالح والمطامع والمراكز.
يجب أن يعرف اللبنانيون الأنقياء الخائفون على الميثاقية، والمتوجسون من المصير، مَن هم هؤلاء الذين يدافعون عن هذه الميثاقية، ويتوجسون من سوء المصير. أقول للخائفين والمتوجسين، إن هؤلاء هم تجّار الهيكل اللبناني، وهادمو أسسه.
بل يجب قول ما هو أكثر. وهذه هي النقطة الثانية التي أشعر أن من مسؤوليتي أن أوضحها، كاشفاً النقاب عن خفاياها. المسيحيون “الآخرون”، والمسلمون “الآخرون”، من طينة الطبقة السياسية نفسها، ماذا يفعلون حيال هذه “اللعبة” الخطيرة؟ أقول بغضبٍ شديد، ممزوج بالاتهام، إنهم لا يفعلون شيئاً إيجابياً يُذكَر، بل فقط ينتظرون اتجاهات الرياح، لينقلوا بنادقهم إلى حيث من “المفيد” أن ينقلوها. أقول لهؤلاء: إن مسؤوليتهم توازي مسؤولية المذكورين أعلاه. إنهم متواطئون في الجريمة نفسها.
تبقى نقطة ثالثة، هي في نظري الأهم، لأنها تتعلق بمسؤولية المجموعات الديموقراطية، المدنية، العلمانية، والقوى المتوافقة معها “موضوعياً”. الجواب برسم هذه المجموعات والقوى. وينبغي له أن يكون تاريخياً، وحاسماً، وعلى مستوى المسألة المطروحة!

 

السابق
محطات تقطع الشك في اليقين: عون لن يكون رئيسا في 28 أيلول
التالي
عزل طائرة تابعة للخطوط السعودية في مطار مانيلا