الكاوبوي والفيلم اللبناني الطويل

صحى لبنان البارحة على تسريبات صحافية ومن ثم قرار إتهامي نشر بتفاصيله في الإعلام بحقّ مسؤول سابق في الحزب التقدمي الإشتراكي خلال الحرب الأهلية اللبنانية هو المواطن اللبناني والحاصل على الجنسية الأميركية "يوسف فخر" والملقّب بال"كاوبوي".

ما حمله القرار الإتهامي من معلومات أمنية خطيرة أهمها تلك المتعلقة بالنية في إستهداف الزعيم الوطني وليد جنبلاط وتصفيته من قبل جهات إقليمية جعلت الكل في حالٍ من الصدمة والقلق على ما يمكن أن يكون يُحضّر لهذا البلد من مؤامرات وحوادث أمنية قد تُطيح بالإستقرار الداخلي الهشّ.

” العدل أساس الملك ” مقولة ذهبية تصُحّ في كل زمانٍ ومكان. لا يستقرَّنَ حكمٌ ولا تُبنى دول إلا إذا قويت مؤسساتها الأمنية وتعزّز فيها القضاء وإستقلّ وأنتجَ أحكاماً عادلةً مبرمةً مبنيةً على قوانين شفافة تُنصف المواطن كما تحمي الأمن العام وإستقرار الدولة والمجتمع.

إذاً دون الدخول في تفاصيل القرار الإتهامي وتحليلاته والتأويلات التي صدرت حوله ، يبقى المسار القضائي وحده الكفيل بتبيان الحقائق وجلاء كل شيء. قد يقول قائل أنه من الممكن أن يكون المدعو “يوسف فخر” بريئاً من كل أو من جزء مما نُسب إليه وهناك من أوقَع به لإنهائه بعد إلصاق تهمة “العمالة” به ، اي أنه مناضل شريف أراد دعم الثورة السورية في مكانٍ ما وحماية منطقته أمنياً في مكانٍ آخر ، ليُجيبه آخر أن هناك إعترافات وإثباتات وأنه مذنب وخائن وقد أخفى أقلّها معلومة أمنية خطيرة تتعلق بأمن زعيم سياسي كبير بحجم وليد جنبلاط هذا إن لم يَكُن مشجعاً لها وعليه فقد وجِبَ محاكمته وإنزال أقصى درجات العقوبة بحقّه. بين هذين القولين المتناقضين ، الجهة الوحيدة المخوّلة الحكم في ذلك هي فقط المؤسسات القضائية اللبنانية او القضاء اللبناني.

لسنا في جمهورية أفلاطون ، المنطقة العربية والعالم أجمع في حالة هيجان وقلق وحروب مباشرة وبالوكالة ، وفي خضم كل هذه الأحداث وتشعباتها من تصفية حسابات بين القوى العظمى والمحلية ، لا بدّ أن نقف قليلاً أمام الذات ونعترف أن الحروب ومآسيها صنيعة دول ، أما المتحاربون فليسوا سوى أدوات وضحايا ، جنود في لعبة شطرنج عالمية تحركّها أهداف ومصالح إقتصادية كبرى ولكن في نهاية المطاف الخاسر هو الإنسان أينما كان… في الحروب ، كل شيء مشروع بنظر المتحاربين ، القتل المباشر والإغتيالات والتخطيط للإغتيالات ، فمن سيحاسب وكيف سيتم إطفاء بركان هذه الحرب السورية لكي لا تمتد أكثر الى البلدان المجاورة وخاصةً لبنان ؟

إقرأ أيضاً: جنبلاط لن يبقى على قيد الحياة وسيتم اغتياله قبل تشرين الثاني 2016

في النهاية ستنتهي الحرب مهما طالت ، أما في حديث الساعة وقصة الكاوبوي وفيلمه اللبناني ، ليس بإستطاعة أحد التكهُّن بحقيقة الموضوع كاملاً في هذه المرحلة الأولية من القرار الإتهامي ، فالرجل ملاحق منذ زمن ولهُ أعداء ومن الممكن أن يكون متورِّط في ما نُسب إليه ، لكن يبقى أمن البلد وزعمائه خطاً أحمراً ولا يمكن التهاون به خاصةً في هذه المرحلة الخطيرة ، وعليه تبقى الكلمة الفصل بذلك للمؤسسات القضائية اللبنانية التي لدى الشعب اللبناني كامل الثقة بمهنيتها وعدالتها وجرأتها ، والدليل ما صدر عنها أخيراً من أحكام بما خصّ العميل “ميشال سماحة” وتفجيريّ المسجدين في طرابلس.

إقرأ أيضاً: إغتيال جنبلاط حقيقة أم نظرية مؤامرة؟

الحكم ملح الأرض والعدل أساس الملك ، فلننتظر آخر الفيلم الجديد ، فيلم الكاوبوي ، ونصلي لله أن يحمي بلداننا العربية ولبنان والزعيم الوطني وليد جنبلاط ويعيد نعمة السلام الى هذه المنطقة المشتعلة.
كما قال وليد جنبلاط شخصياً ، نتكل على القدر وعلى الله ولا نخاف الموت.

الشُبهة جائزة وحقّ في خدمة أمن البلاد والعباد والقرار الظني صدر وعلى القضاء أن يبرىء أو يُدين المتهم. الوقت وحده الكفيل بكشف الحقيقة كاملة !

السابق
كَذِبَ المشككون ولو صدقوا
التالي
جنبلاط: الحريري ضعيف.. وأفضل الانتحار بدلاً من الذهاب إلى سوريا ومصافحة بشار