من بهجة «جمّول» إلى بؤس «المقاومة»

يعتقد الغالب منّا أن التحرير رهن العام 2000، وأنّ المقاومة الإسلامية هي من أخرجت اسرائيل من لبنان.
في الظاهر هذه الصورة التي نشأنا عليها والتي تدارسها الأجيال حتى أصبحت مرسخة تاريخياً كما لو أنّها عقيدة، ولكنها في الواقع صورة ضبابية تقصي الكثير من الحقائق، وتُغّيب العديد من الأبطال، فما قبل عام التحرير أعوام من النضال لا يستذكرها حزب الله في إحتفالاته، وكثيرٌ من المقاومين الأبطال – اللبنانيين الذين لم يكّرموا ولم يذكروا في أعياده، هذه النضالات التي قامت بها جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ..وهي التي لايستطيع احد اختصارها بحزب لأنها كانت تعبيراً عن مقاومة وطنية وعنواناً لمقاومة شعب.
شيوعي، قومي، اشتراكي امل وعشرات المجموعات المستقلة والمتنوعة …. لم تحمل جبهة المقاومة الوطنية صبغة طائفية مذهبية، بل حملت مفهوم النضال اللبناني ضد الاحتلال وعملائه، وحققت العديد من الإنجازات التي عمل البعض على مصادرتها واستغلالها.
ففي السادس والعشرين من أيلول 1982 تمكنت “جمّول” من تنفيذ عدة عمليات بطولية أجبرت العدو على الانسحاب من بيروت ومكبرات الصوت تردد “يا أهل بيروت لا تطلقوا النار نحن منسحبون” ..
وفي نيسان العام 1985 اجبرت جبهة المقاومة الوطنية بعملياتها المتتالية جيش الاحتلال على الإنسحاب من صيدا والزهراني وصور والنبطية وغيرها من القرى والبلدات، لينحصر تواجده في الشريط الحدودي وهو الذي انسحب منه في 25 ايار 2000 لينطوي مفهوم عيد التحرير على ذاك اليوم وذاك الانسحاب !
تحت مظلة المقاومة الوطنية حررت معظم الاراضي التي احتلتها اسرائيل في العام 1982. خلال ثلاث سنوات اي حتى العام 1985 كان اكثر من سبعين بالمئة من الاراضي المحتلة قد جرى تحريره.
هذا العيد الذي بدأ من رصاصة زيتونة في دير ميماس إسمها سهى بشارة، ومن نضالات “جمّول” التي حررت غالبية الأراضي اللبنانية، ومن عديد من الشهداء قدموا قرابين النفس لحرية الوطن …
فهل يحق لمقاومة حزب الله مصادرة شهداء المقاومة الوطنية؟
فهل يحق لها مصادرة مسدس جورج حاوي ورصاصتي سهى؟!
المقاومة الوطنية لم يختصرها حزب ولا زعيم ولا مذهب ولا طائفة لآنها كانت مقاومة شعب ضد الاحتلال. المقاومة الوطنية اللبنانية لم تتلوث بحرب اهلية ولا بحرب سوريا..بقيت ناصعة ولا تزال كذلك لآنها لم تكن مقاومة يختصرها شخص او حزب كانت بحجم شعب وعلى مساحة وطن.

السابق
جمّول و «الرصاصة» الأولى!
التالي
العروس التي زفّت إلى موتها: خالدةٌ هيَ بكلمات أصدقائها