القنوات السنيّة «الممانعة» هل تغرّد خارج سربها المذهبيّ؟

رغم تكاثرالإعلام الديني السنيّ المتشدّد مؤخرا، وارتفاع عدد قنواته إلا ان القنوات "السنية" في لبنان التي اختارت ان تقدّم نفسها ضمن خط الاعتدال تثير جدلا في الشارع الاسلامي، وذلك بسبب اتهامها انها في "محور الممانعة" وانها تموَّل من قبل ايران، ومحميّة من حزب الله.

كان لنا لقاء مع عدد من القنوات الإسلامية السنيّة “المعتدلة”، التي تحط رحالها في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، هذه الضاحية التي إتخذت شهرتها من صفتها السياسيّة أكثر منها الجغرافيّة. والصفة السياسية هذه ليست سوى لأنها “عاصمة دولة حزب الله”.
فمحور الممانعة هوالذي يجمع هذه القنوات والفضائيات مع بعضها البعض لمواجهة المحور المضاد، مع العلم انه يصعُب شرح كيفية توافق مكوناتها الداخلية، سواء أكان في خط “الممانعة” أو في الخط النقيض الذي لا صفة له محددة معلنة، وان كان قد اطلق عليه بعض الممانعين لقب المحور “المهادن”.

هذه القنوات والفضائيّات عددها ثلاث، وهي أولا قناة “الثبات”، ومركزها في محيط السفارة الكويتية، ضمن نطاق كليّة الدعوة الإسلامية، التي يرأسها الشيخ عبدالناصر جبري، المعروف انه كان يملك علاقات جيدة مع ليبيا (النظام السابق)، وهو الذي وسّع نشاطه وأعماله فأسس القناة تحت شعار التوحيد والوحدة، بدعم اضافي من إيران.

وقد اعتبر المسؤول الإداري في قناة “الثبات”، محمد الخليل، ردا على سؤال “ان الثبات لا تغرّد خارج السرب السنيّ، بل تنشرالعقيدة المذهبية السنيّة الإسلامية، وأنها تقدّم من البرامج ما يتناسب وعقيدة مذهب السنّة المعتدلة، البعيدة عن التطرف”. وعن هدف حزب الله من دعمه لهذه القناة وغيرها التي تقع ضمن نطاق سيطرته ؟ لم يكن ثمة جواب او تعليق.

أما الفضائية الثانية، فهي قناة “القدس” التي تديرها وتُشرف عليها حركة “حماس”، والقناة الفضائية هذه تهتم بالقضية الفلسطينية بشكل تام وكامل، وتعمل على نشر وترويج فكر الحركة الدينية والسياسية والعقدية التي تقع ضمن خط ونهج المقاومة وأهل السنّة وهي أقرب للفكر “الإخواني”. وقد اعتبر أحد المسؤولين، الذي رفض ذكر اسمه كما رفض اجراء مقابلة مطوّلة أن “فضائية القدس لا تقع ضمن ما يُعرف بخط الممانعة”.

الاعلام
كما أشار هذا المسؤول في فضائية القدس، الى “أن همّ القناة هو القضية الفلسطينية فقط في الداخل والخارج، ولا نقارب الأفكار السياسية والدينية القائمة التي تسبب نزاعات” وقد اعتبر أن “المحطة خارج الضاحية مكاناً وجغرافيا”.

ورغم أهمية وضرورة الإطلالات الإعلامية لهذه القنوات الإسلامية الدينية والسياسيّة، وبالأخص السنيّة التي تقطن في الضاحية الجنوبية، إلا انها لم تتجاوب، في موقف دفاعيّ منها ضد الإعلام الآخر الذي لا يتبع نهجها، والذي تضعه دوما في تصنيفات تعبّر عن هواجس مبطنّة، جراء سياسات بعض الأنظمة ضد الإعلام الديني، كما حصل ويحصل في كل من مصر وسوريا والأردن وتونس وغيرها من الأنظمة العربية الحالية والسابقة.
وبالعودة الى قناة الثبات، فقد تميّز محمد الخليل المتحدث باسمها بتجاوبه في الرد على الاسئلة، وأكد أن “القناة إنطلقت منذ ثلاث سنوات في مبناها القائم على أرض تابعة لكلية الدعوة. ويعود اختيار المكان إلى كونه مدخلا للعاصمة بيروت، وبوابة نحو مدينة صيدا ومدخلا الى الضاحية الجنوبية ايضا، في إشارة الى التوازن بالعلاقات مع الجميع من السنة والشيعة. وقد أشار الخليل إلى رفض عدد من الضيوف دعوة القناة لهم بسبب سياستها الوحدوية بحسب تعبيره.

اقرأ أيضاً: إعلاميو الممانعة ضدّ السيادة(1): كيف يدافعون عن أفكارهم؟

وأكد على تنوّع مذاهب وديانات العاملين في القناة حيث يعمل فيها السني والدرزيّ والشيعي، فجميعهم يلتقون داخل خط (الممانعة).

ويؤكد الخليل ان “مساحة الحرية في “الثبات” كبيرة وواسعة، لكن رغم ذلك لا تُخاطر المحطة باستضافة من قد يفتعل لهم مشكلة مع جهة ما”.

كما اعتبر ان “السياسة العامة للقناة هي ما يتوافق مع سياسة حزب الله وإيران، اما في البرامج الدينية فجميعها برامج دينية وفق العقيدة والمذهب السُنيّ، في تناظر مماثل مع قناة المنار الشيعية“.

إقرأ أيضاً: إعلاميو (2): الممانعة ضد السيادة‏

اما القناة الثالثة، وهي التي لم تتجاوب معنا في أي اتصال، للإضاءة على تجربتها الإعلامية، فكانت محطة “فلسطين اليوم” التابعة لحركة الجهاد الإسلامي التي تتبع سياسيّا لإيران ودينيا لمذهب السنّة. وهي تعانيّ منذ فترة غير قصيرة من شحّ ماليّ كما هو حال العديد من وسائل الإعلام المحليّة والعربية المرتبطة بجهات إقليمية. وقد حصدنا الخيبات في جميع إتصالاتنا بسبب قرار حاسم من هذه “المؤسسة الاعلامية” بعدم التواصل مع الإعلام!

وبالنهاية لا بدّ لنا من تحية محطة الثبات على اتخاذها خيار الانفتاح والصراحة مع الاعلام المقابل، والتأكيد على ان التخفيّ الذي تتصنّعه كل من فضائيتي “القدس” و”فلسطين اليوم” لا يصنع إعلاما ناجحا.

السابق
وزير الدفاع الاميركي في ذكرى 11 ايلول: اخذنا بن لادن الى العدالة الابدية
التالي
العربية طلبت لقاءَ أردوغان.. وتركيا تشترط!