معركة بعلبك البلدية كانت «أم المعارك»!

بعلبك كانت "أم المعارك" البلدية ضد المعارضة. اجتمعت القوة والمال والسياسة لأسباب داخلية وإقليمية بصفتها حاضرة "إلهية"؛ تحدّث عن هذه التفاصيل رئيس بلدية بعلبك سابقًا المحامي غالب ياغي في ندوة لـ«شؤون جنوبية»...

أن معركتنا في الانتخابات البلدية، في بعلبك، بدأت منذ أن دخل حزب على المدينة. ولقد تجلّت هذه المعركة بصورة أوضح في الانتخابات البلدية لعام 1998، ففي الانتخابات البلدية في العام 1998، حزب الله خسر البلدية في مدينة بعلبك، وربحناها نحن، ولقد واجهتنا، وبشكل كبير محاولات تعطيل لكل التحرّكات أو المشاريع التي كانت البلدية تحاول إنجازها في تلك الفترة، لكننا تخطينا هذه المحاولات، وكل العقبات، واستطعنا وخلال ست سنوات أن نُنجز – وعلى ما أتصوّر – في بعلبك، ما لم يُنجز خلال عشرات السنين.

اقرأ أيضاً: الكلمة الآن لـ.. القضاء في جويا

وفي العام 2004 انتقلنا إلى مرحلة أخرى، إذ إننا تبلّغنا، وبشكل رسمي، من قبل السوريين، بأن لا نترشح للانتخابات البلدية (أي انتخابات العام 2004)، والسبب أن بشار الاسد، أراد أن يعطي البلديات لحزب الله، حتى يبرهن للأميركان إن حزب الله، ليس حزباً إرهابياً، إنما هو حزب له قواعده وجماهيره، وعلى هذا الأساس مورست الضغوط كلها، في منطقة البقاع ككل، وفي مدينة بعلبك بشكل خاص، لمنع من يريد الترشح للانتخابات البلدية، في مقابل حزب الله لكننا بالرغم من ذلك، استطعنا أن نشكل لائحة ونترشح لتلك الانتخابات، ونثبت أن بعلبك لها رأي آخر، إذ إن أهلها ليسوا كلهم من لون واحد.

معركة إقليمية الأبعاد

وفي الـ2016 خضا معركة الانتخابات البلدية، وكانت فعلاً تجربة قاسية جداً، والسبب، يعود – وعلى ما هو معلوم – إلى أن بعلبك هي مدينة أثرية (لا زراعية ولا صناعية ولا تجارية) بل هي تعتمد أساساً في عيش أبنائها على السياحة. وإضافة للمواقع الأثرية الموجودة في بعلبك، نشأت مهرجانات بعلبك الدولية، التي أوجدت حالة من الراحة الاقتصادية في المدينة، في فترات إحيائها. لكن منذ العام 2004، تدهور الوضع الاقتصادي لبعلبك، حيث ازداد بشكل هائل، بعد العام 2010، أي بعد دخول حزب الله إلى سوريا، فبعلبك، في الواقع، تعاني من وضع اقتصادي سيّء جدّاً، إضافة إلى أنها تعاني من فلتان أمني بشكل غير معقول، لذا فلقد شكّل هذا الوضع حافزاً لنا ولمجموعة كبيرة من الشباب في بعلبك، أن نشكّل لائحة انتخابية، لخوض الانتخابات البلدية لعام 2016، وذلك من أجل أن نتصدَّى لهذا الموضوع، لنقول إنه لا يجوز لبعلبك أن تستمر في ما تعيشه من حالة بؤسٍ اقتصادي، وفلتان أمني لا نظير له في كل المناطق اللبنانية، وعلى نحو أكيد. وهذا كان دافعنا الأساسي، لأن نخوض هذه المعركة الانتخابية، على أن اللافت في هذا الأمر، وهو ما أودّ التركيز عليه هنا، وهو أنه كان في بعلبك، وفي أجواء العملية الانتخابية هذه صوت شيعي مرتفع جدّاً، مشكّلاً حالة اعتراضية، في مواجهة حزب الله، حتى أن علوّ هذا الصوت أكثر فأكثر، أوقع الحزب في حالة إرباك فعلية لدى تشكيلة لائحته الانتخابية، وذلك بسبب من الخصوصية الشيعية لهذا الصوت الذي أزعج الحزب بشكل مخيف.

الانتخابات البلدية

ملايين الدولارات في المعركة

فمن هنا عمد الحزب إلى صرف أموال طائلة في هذه الانتخابات، وبحسب أكثر من مصدر، وحتى من مصادر الحزب نفسه، بأنَّ المعركة الانتخابية التي خاضها حزب الله في بعلبك، مدفوع فيها مليون وثمانمائة ألف دولار أميركي، وفي المقابل، فإننا نحن في معركتنا الانتخابية هذه، بلغ مجموع ما أنفقناه بوجه عام سبعة عشر ألف دولار أميركي. ولقد كنّا، إلى الجانب المالي، أمام تحدٍّ كبير وقاسٍ في خوضنا غمار هذه الانتخابات، لكن وبالرغم من العوامل العديدة التي واجهتنا، استطعنا الحصول على 46% من أصوات المقترعين، وإنّي أعتقد أن هذه النسبة، كانت جيدة نظراً للظروف التي نُعاني منها، وطبعاً فأنا لا أريد أن أبرّر أسباب خسارتنا، لكنني أودّ القول أعتقد أننا ربحنا بحسب نتيجة هذه الانتخابات، بهذا الرقم الذي استطعنا الحصول عليه، والذي يؤكد التفاف الناس حول الدعوة التي وجهناها إليهم أي أنه، إلى هنا، كفى ما نعانيه من أوضاع متردية في مدينتنا بعلبك. وأود الإشارة إلى أنه على الصعيد الإنمائي ومنذ العام 1992، أي منذ دخول حزب الله إلى الندوة النيابية في دورة الانتخابات النيابية لذلك العام، لم يقم حزب الله بأي عمل إنمائي جدّي له أثره الملحوظ في بعلبك، بل بالعكس من ذلك، كان هناك محاولات إساءة من قبل حزب الله ضد بعلبك كمدينة سياحية، إذ إنه منع، وبالقوة، كل مظاهر السياحة فيها، ما يعني أن العقل السياحي لا يمتزج مع تفكير حزب الله، والعقل الذي يمارسه في هذا المجال، فبعلبك كمدينة، لا يمكن لحزب الله أن يستمر فيها بالشكل الذي يمارسه حالياً. لأنها مدينة تعيش على السياحة، أي تعتمد في ذلك، على الأغراب الذين يقصدونها سيّاحاً، من خارج ومن داخل لبنان.

شراء ذمم ونقل نفوس

ولأن حزب الله لا يتوفر لديه هذا العقل السياحي، فبالتالي، فالأمور الحتمية، هي أن أهل بعلبك، ومع الوقت سينتفضون على هذا الوضع، وما جرى في هذه الانتخابات، كان مرحلة أولى في ذلك، وأنا أتصور، أن الانتخابات المقبلة يمكن أن تكون أشدّ وأعنف، لأنه لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر بالشكل الذي هو عليه. وهناك أمور ثلاثة نشير إليها، وهي الأول يتعلق بمندوبي الماكينات الانتخابية (احتواء رؤساء الأقلام ومساعديهم)، والثاني، يتعلق بالمال الانتخابي الذي يزوّر إرادة الناس، عبر شراء الذِّمم. والثالث متمثل بما حصل في بعلبك، خلال الفترة الماضية من نقلِ نفوس إليها. فنسبة إلى عدد السكان الأصليين في بعلبك، هناك بحدود 32 ألف ناخب، فسكان بعلبك الأصليون، يتراوح عددهم ما بين الـ75 و80 ألف، بينما بعلبك اليوم يتجاوز عدد سكانها الـ150 ألفاً، نسبة إلى من نزح إليها، من المحيط القروي خارج بعلبك، وتم إسكان النازحين إليها فيها، خصوصاً في الفترة التي سيطر فيها حزب الله على المدينة، ومشاعات بعلبك والأملاك العامة التي تعود لأهل بعلبك، أكانت أملاك بلدية أو أملاك جمهورية، مع الأسف، فإن حزب الله وضع يده عليها، ووزّعها على غير مستحقيها، والطّرف الوحيد الذي لم يستفد من هذه الأراضي هم أبناء بعلبك.

اقرأ أيضاً: حولا: المحاصصة هي كلمة السّر في البلديّة

وأخيراً أود الإشارة إلى أنه وحسب المعلومات التي سُرِّبت إلينا في فترة هذه الانتخابات، أن حزب الله، قد فرز إلى البقاع الشمالي حوالى عشرة آلاف، مندوب، وقيل إن بعلبك قد فرز لها لوحدها أربعة آلاف مندوب، فلنا أن نتصور، إن شباب لائحتنا الانتخابية، بموقفهم في بعلبك، إن موقفهم هذا كان بطولياً، وحُبّ الناس فقط هو الذي دفعنا لأن نخوض هذه المعركة الانتخابية.

 

السابق
شائعات معيبة تلاحق أصالة
التالي
رويترز: بالأرقام… أزمة «سعودي أوجيه» تنتهي نهاية سعيدة!