عبوة الكسارة ضد أمل… تحذيرية أم إرهابية؟

عبوة ناسفة استهدفت القادمين من بعلبك للمشاركة في الذكرى الـ38 للإمام المغيب موسى الصدر، رسالة لا بدّ من التوقف عندها بعدما نقل منذ ايام عن الرئيس نبيه بري انها كانت رسالة موجهة للذكرى ولأمل!

لم يفكر أيّ من اللبنانيين بخطورة  العبوة الناسفة على طريق زحلة، فحركة أمل اعتبرت في بيان أنها لا تستهدف جمهورها الذي كان ينتقل للمشاركة في مهرجان الصدر، وتلك المرأة السورية الضحية لا تستحق العناء بالنسبة للاعلام، طويت الصفحة، المهرجان مرّ بسلام، وبقايا الدماء غسلت عن طريق الكسارة.

هذه الصورة النموذجية التي تخطى بها الواقع اللبناني حدثاً أمنياً لم يخلق مجزرة وإنّما كان رسالة.

زوار الرئيس نبيه برّي نقلوا عنه أنّ العبوة بالفعل كانت تستهدف حافلات مناصري الحركة الآتية من البقاع والتي لا بد وأن تمرّ بتلك النقطة، كما أوضحت أنّ النفي كان لأجل المهرجان ولعدم بث الذعر بين الحضور.

هذه العبوة التي ظهر انها استهداف للحركة تطرح عدّة تقاطعات، إن من جهة الفاعلين، أو التوقيت.

عن الحدث الأمني ذاته الذي شهدته بلدة زحلة وجهت أصابع الاتهام سريعاً للتكفيريين من تنظيمي داعش والنصرة، فهذان التنظيمان هما الأرضية الخصبة لأي عملية ارهابية. ولكن ما يثير الشكوك أنّ التنظيمات الارهابية لا تخجل بما ترتكبه من مجازر دموية، ومن إعدامات جماعية، فتسارع لإصدار البيانات وتفخر بتبنيها، وهذا ما لم يحدث بالنسبة لتفجير الكسارة -زحل.

من ناحية ثانية، بات من الواضح والجلي أنّ العملية ليست إرهابا بقدر ما هي رسالة، والهدف منها إحداث خضّة وليس إسقاط الضحايا، وهذا أيضاً ما يتنافى مع تكتيك الجماعات الإرهابية التي لم يسبق لها أن وجهت رسائل، كما لم تضع في أيّ مرحلة من إجرامها عبوة ضررها المعنوي أكثر حرجاً من المادي.

مهرجان حركة أمل

 

نقطة ثالثة، وهي الأهم، ما مصلحة الجماعات التكفيرية باستهداف الرئيس نبيه بري وجماعته، وهي لم توجه أيّ رسالة سياسية أو تصدر موقفاً تشير فيه إلى عدائها مع حركة أمل أو الرئيس بري كما كان حالها حيال حزب الله.

بري ليس هدفاً لهذه الجماعات، وإلا لو أرادت لاستهدفت عدة رموز سياسية من الشمال إلى الجنوب، أكثر قرباً من حزب الله وأكثر تعصباً لبشار.

هذه النقاط، تأخذنا ببداهة إلى خطاب برّي الذي ألقاه في ساحة صور، والذي وجّه عبره رسائل للإخوة من الحزب قبل الخصوم، فالمشهد الحاشد والعدد الهائل من المناصرين، والانتشار بالسلاح والعتاد، جميعها كانت تشكل “صورة” لحركة المحرومين التي ما زال نهج مؤسسها يستند الى مشروع وهوية لبنانية.

وما زال سلاحها في لبنان، بخلاف ما ذهب اليه حزب الله في استخدام السلاح في مشاريع إقليمية على امتداد الجغرافية العربية.

إقرأ أيضاً: نبيه برّي أمام ربع مليون شيعي: المشاركة في الحرب السورية تخدم إسرائيل

برّي كان وسطيا، فاكد على علاقته مع حزب الله وبأنّ السيد “أخاً”، وسرعان ما استدرك الخلاص فقال المستفيد من الحرب السورية هي اسرائيل فقط، مستخدما هذا الوصف ليؤكد للقاصي والداني أنّه المقاومة الأولى.

مهرجان الإمام موسى الصدر، يشكلّ كل عام رسالة توجهها حركة أمل إلى من يعنيهم الأمر نحن هنا ونحن أقوياء، لا سيما أنّها مناسبة لتجديد التزام حركة أمل بلبنان وبحفاظها على العلاقات العربية.

إقرأ ايضاً: «أمل» لـ«جنوبية»: المستهدف مشروع موسى الصدر اللبناني

مشهدٌ أخر لا بد من التوقف عند، فذكرى الامام موسى الصدر انقسمت، كما كل شيء في لبنان، ومن 31 آب وحركة أمل، كان النائب السابق حسن يعقوب في الثالث من آب يحييها مستقلاً، واللافت هو الحضور الإيراني الذي ميّز مهرجانه، وأبرز الوجوه التي حضرت احتفال يعقوب علاقتها مع بري فاترة ومع حزب الله وطيدة.

وكأنّه في مكان ما هناك من يريد شحن الصوت الذي يعارض حامل أمانة موسى الصدر، وتغذية وجوده وحاضنته.

هذا الواقع، يضع العبوة الناسفة في نقاش الشبهات المحلية والإقليمية، وقبل توجيه الاتهام لا بد من السؤال، من المستفيد من إقصاء برّي؟ ومن يتعارض مع موسى الصدر وحركة أمل؟ وما الهدف؟
أسئلة ثلاثة عندما نجيب عنها، نجد واضع العبوة ورسالته.

السابق
لا حرب في لبنان… إنّما الأسوأ
التالي
القيادات الفلسطينية: كلمة جدار «عين الحلوة» تعيدنا لجدار الفصل العنصري مع العدو الإسرائيلي