الهرب الإيراني إلى الأمام

الكاتب والصحافي راشد الفايد

ليس جديداً أن تطالب طهران بإدارة إسلامية لشؤون الحرمين، فذلك دأبها كلما تكاثرت الأزمات. وكلما ارتفع المستوى السياسي والديني لمن يدعو الى ذلك، نمَّ عن عمق هذه الأزمات.
آخر العائدين الى عزف هذا اللحن هو علي الخامنئي الولي الفقيه نفسه، وللسبب نفسه. وبرغم أن ايران تعيش خلف ستار حديدي، أنشأه نظام الملالي على النمط السوفياتي البائد، نجحت وسائل التواصل الإجتماعي في خرقه. وهذا الخرق المحدود أخاف النظام إلى حد نشر ميليشيا “الباسيج” ملصقات في الأماكن العامة تحذر مستخدمي الإنترنت، لا سيما في الأحواز العربية، من الترويج لـ”المقاومة الوطنية الأحوازية”، التي توثق جرائم النظام ضد الشعب العربي في الضفة الشمالية للخليج العربي.
في المشهد نفسه، وخلال الأشهر الأخيرة، تسجل الاشتباكات بين مقاتلين من الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني والحرس الثوري في منطقة أشنوية، غرب ايران، سقوط قتلى من الطرفين، بعد يومين من مواجهات بين الحرس ومسلحي “بيجاك” الكردية وكذلك في “سركيز” و”قرة سقل”، قبل نحو 3 أشهر. يضاف الى ذلك اشتباك في أذربيجان الغربية، قرب الحدود مع تركيا، حيث سقط قتيل، في الفترة نفسها، بينما قتل 20 عنصراً من “الحرس الثوري”، في اشتباكات مع مجموعات كردية قرب مدينة سردشت بمحافظة كردستان الإيرانية. بدأت المواجهة الكردية مع النظام قبل أكثر من عام على شكل عمليات كر وفر، وتصاعدت خلال السنوات الأخيرة بين الحرس الثوري وحرس الحدود الإيرانيين من جهة، والمجموعات المسلحة من الأحزاب الكردية المعارضة، ومن بينها حزب الحياة الحرة “بيجاك” وحزب كومله، بالإضافة إلى الحزب الديموقراطي الكردستاني من جهة أخرى.

اقرأ أيضاً : إرهاب داعش يخدم إيران…والتطرف الشيعي يقوّيه
و”الحزب الديمقراطي الكردستاني” عضو مؤسس في مؤتمر شعوب إيران الفيديرالية المكون من 14 تنظيماً لمختلف الشعوب في ايران وهو الحزب الأم للأحزاب الكردية كافة في العالم، وقد تأسس في عام 1946 وشكل أول جمهورية داخلية في ايران عرفت باسم جمهورية مهآباد بقيادة قاضي محمد.
وفي الأول من أيلول الجاري استهدفت كتيبة من “جيش العدل البلوشي” آلية عسكرية تقل عناصر من الحرس الثوري في منطقة كوهك بمدينة سراوان شرق اقليم بلوشستان. واعترف الحرس الثوري بمقتل أحد ضباطه، وقبل ذلك، قتل 4 أشخاص وجرح 73 في اشتباكات بين أهالي مدينة نقدة ذات الغالبية التركية، والأمن الإيراني على خلفية نشر رسم يسيء الى الأتراك، وأضرم المحتجون النار في مكتبة تابعة لوزارة الثقافة.
في هذه الأجواء المضطربة، وجرياً على عادة الديكتاتوريات المأزومة، لا بد من خطاب يشد العصب، ويفتعل صداماً مع الخارج. ولا بأس من تجديد فتح نزاع، ولو مسدود الأفق، مع السعودية، ورمي الاتهامات بالفتن وتجهيز “الجماعات التكفيرية”، وتجاهل ما دفعته، بشراً وحجراً في عقر دارها لمحاربة هذه الجماعات.

( النهار ) 

السابق
مذكرة بلإلاقفال في 12 و 13 أيلول لمناسبة الأضحى
التالي
تأخير في مطارات لندن جراء احتجاج وعطل تقني