روجافا الأمس لن تدوم

صداقة الأصدقاء على وشك الانتهاء...

بعد مرور أكثر من خمس سنوات ونصف على انطلاق الثورة السورية، سادت فيها علاقات التوافق و الوئام بين نظام الأسد و الوحدات الكردية طوال تلك المدة، ولكن فجأة بدأ المشهد يتغير بسرعة كبيرة دون سابق أنذار .
حيث فيما سبق كانت تحدث خلافات (هنا وهناك) بين النظام والوحدات الكردية ولكن دائماً سرعان ما كانت القيادات تتدخل وتنهي الخلافات وتتلافاها.
ولكن ما حدث أخيراً قلب موازين العلاقة قلباً كاملاً .
حيث أن النظام عمد على تسليم الأحياء العربية في مدينة الحسكة التي كانت مركز لمعظم قواته وميليشياته وهي أحياء غويران شرقي وغربي والنشوة شرقية وغربية بالاضافة إلى حي الليلية.
كما انهُ سلمهم أيضاً السجن المركزي ودائرة الهجرة والجوازات، واكتفى بالمربع الأمني فقط داخل المدينة.
هذا وقد تمّ التسليم بمعركة لم يتدخل بها الجيش بل كانت المهمة مُلقاة على عاتق ميليشيات ما يسمى بالدفاع الوطني فقط و بمؤازرة خجولة بالمدفعية المتمركزة شمال المدينة في فوج كوكب .
استمرت المعارك ثلاث ايام وتمّ الاتفاق بين الطرفين على هذا التسليم، ولكن حدث الأمر الذي لم يكن متوقعاً أبداً، بدأ النظام بنقل كامل الكليات وتوزيعها على الجامعات في أماكن سيطرته في المحافظات الأخرى بشكل سري نوعاً ما تمهيداً لنقل باقي الدوائر الرسمية المتبقية في المدينة .
واستكمل النظام خطته هذه بتأخير صرف رواتب الموظفين في المحافظة حيث أنّه سلم للنصف وبقي النصف الاخر .
مما جعل الوحدات الكردية بموقف لا تحسد عليه فذهبت إلى النظام وبدأت تفاوضه على البقاء في المدينة لأنّها تعلم أنّها ليست قادرة على تحمل مسؤولية المحافظة لوحدها خصوصاً أنّها محاصرة من كل جهاتها من إقليم كردستان الذي هو في صراع سياسي كردي معها ومن تركيا ومن داعش ومن الثوار .

منبج
ورافقت هذه التطورات تطورات اخرى ولكن على الحدود التركية حيث أنّ الجيش التركي قد هدم جزء من الجدار الإسمنتي الذي كان قد بناه عند حدود رأس العين بعد سيطرة القوات الكردية على الممر الحدودي بشكل كامل .
وقد فتح معبراً للدبابات في قرية الأسدية عند ناحية كسرة بالتزامن مع حشد الجنود هناك، كما ترافق مع هذا التطور التركي الإعلان عن تشكيل ثوري مسلح جديد لأول مرة منذ عام 2014 أسموا هذا التشكيل كتيبة أجناد الحسكة واعلنوا في بيانهم انهم سيقاتلون القوات الكردية حتى تحرير الحسكة بالكامل منهم .

إقرأ أيضاً: قيادي كردي في منبج لجنوبية: سنرد على تركيا في حال إعتدت علينا

وهذه التطورات تعيد للأذهان ما حدث في جرابلس من دعم القوات التركية للجيش الحر في تحريرها من جرابلس وخصوصاً بأنّ الحجة ذاتها موجودة في الحسكة للأتراك وهو التدخل للحفاظ على أمنها القومي باعتبار أنّها تعتبر أنّ الوحدات الكردية ولاسيما حزب الاتحاد الديمقراطي جناح لحزب العمال الإرهابي وهذا يعطيها الحق في التدخل بشكل مباشر وبرضى نظام الأسد. إذ تدخل الأتراك في جرابلس ولم نسمع إلاّ تصريحات خجولة تكاد أن تكون معدومة من النظام السوري عن السيادة .
ولم يقتصر الأمر فقط على رضى نظام الأسد بل تعدّاه لاتفاق دولي وخصوصاً أنّ الانشقاقات بدأت تتوالى من ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، وأول أمس كان أوّل المنشقين لواء التحرير الذي وصل إلى منبج.

إقرأ أيضاً: الجيش السوري يكشف سبب قصف الأكراد في الحسكة

وفي سياق متصل بدأ الاقتتال بين الوحدات الكردية ولواء أحرار الرقة في تل أبيض صباح يوم الجمعة (2 أيلول 2016)  وهنا لابد من الإشارة أنّه قد بدأ انسحاب كافة المكوّنات العربية من تشكيل قوات سوريا الديمقراطية ذات الاغلبية الكردية ممّا يعني انحساراً في قوتها وتخلي القوات الاقليمية و الدولية عنها.
علماً أنّ كل هذه التطورات أتت بعد زيارة الرئيس التركي لروسيا ولقائه بالرئيس بوتين.

السابق
موسكو قد تراجعت والاتفاق فشل.. ولقاء هامشي بين بوتين وأوباما
التالي
هكذا علّق أوباما على ما قامت به الصين من إهانة ومشاحنات