من العميد الى نورهان…تعددت الانتحارات والسبب واحد!

الانتحار
شهد لبنان في الفترة الاخيرة حوادث متكررة من حالات الانتحار والتي تم ربط بعضها بظروف اقتصادية أو اجتماعية وربما عاطفية، دفعت أصحابها في لحظات ضعف أو يأس لوضع نهاية لحيواتهم عبر البحث عن بوابة الموت للخروج من واقعهم الأليم، فإلى أي حد يؤثر الواقع اللبناني المتشرذم فقراً وبطالة وأزمات على تزايد هذه الظاهرة؟

لم يكن الأسبوع الماضي كسائره في لبنان، حوادث انتحار عديدة ضجت بها المناطق اللبنانية، فاجأ أصحابها المحيطين بهم من اهل واصدقاء وصدموهم بهذه النهايات المأساوية.

الحادثة الأولى شهدتها بلدة برتي (جزين) مساء الاثنين 29 آب والتي شكل انتحار أحد أبنائها صدمة للأهلي، إذ اتخذ العميد المتقاعد في أمن الدولة سليمان صليبا قراراً بإنهاء حياته واضعا حداً لها بوضع رصاصة في رأسه.

اللافت أنّ العميد قد كان قد واجه في حياته العديد من الصعوبات والضغوطات العسكرية استناداً لطبيعة عمله وأصعبها خلال الحرب الأهلية وخرج منها منتصراً، إلا أنّ ما عايشه بعد التقاعد كان عبارة عن أزمات مختلفة داخل نفسه لم يحتملها، فقضى العميد على حياته.

ويقول أحد أقارب العميد المتقاعد واجدا له العذر “غلبه المرض بعدما نسي سلاح مواجته، “لم يتناول حبة دواء الضغط صباح ذلك اليوم الاسود، ما افقده صوابه ربما، فارتكب ما لم يكن في الحسبان في لحظة كان وحده في المنزل”.

أما الحادثة الثانية، فقد ألبست شارع بشارة الخوري في بيروت السواد، وكان يوم حزن للناشطين وللصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لم ينتصف ليل 30 آب إلا على فاجعة مؤلمة، تمثلت بانتحار الناشطة في الحراك المدني والمدافعة عن حقوق المرأة، الشابة الجميلة نورهان حمود.

نورهان أحمد

نورهان التي قررت من شرفة منزلها في الطابق الثامن أن تقفز لتضع حدا للحياة وتنتقل للأبدية، لأسباب ردّها البعض للعامل الاقتصادي والظروف المادية الصعبة التي يواجهها والدها والذي يعمل في البورصة، خاصة بعد ان اقدم ابوها على بيع المحلات التي يملكها في حارة حريك وبيع منزله في بلدة كفرملكي الجنوبية.

لم يتوقع أحد انتحار نورهان هذا ما أكد أصدقاؤها الذين ركزوا على حيويتها وطاقتها وضحكتها الدائمة، وشعاع الأمل الذي تتفرد به.

وفي حين كان من عرفها من الناشطين يدعو لروحها بالسلام، تحوّلت الشابة إلى موضوع جدل ديني، بين المؤمنين الذين أدانوا الانتحار بكونه جريمة واستنكروا اقدامها عليه. وبين العلمانيين الذين قالوا لها “رحلتي باكراً” إلاّ انّهم احترموا قرارها مع تأكيدهم أنّ الحياة كانت تليق بنورهان اكثر.

إقرأ أيضاً: فاجعة انتحار الناشطة «نورهان» تشغل الرأي العام اللبناني

اما الحادثة الثالثة فقد حصلت ليل أمس الأول من ايلول في حي مرج علي في بلدة شحيم (اقليم الخروب) حيث وجد المهندس فايد الحجار في منزله جثة غارقة في الدماء إثر إصابته بطلق ناري والى جانبه بندقية صيد، مما فسر  على أنّه انتحار في حين لم تعرف الاسباب ولا الدوافع.

بلدة قانا الجنوبية لم تكن غائبة أيضاً عن هذه الحوادث إذ أقدم الشاب عبد فرحات على الانتحار وذلك بعدما اطلق النار على نفسه بواسطة سلاح صيد من نوع بومب أكشن.

لا شكّ أنّ الانتحار بعيداً عن إدانته أو مقاربته دينياً، هو مشكلة نفسية وتراكمات، والمنتحر هو انسان لا مدرك ولا واع، وبالتالي فان الأمور الروحانية نحن أبعد عن تفسيرها بعكس تلك النفسية التي تقول الكثير وتشرح ما يصيب المنتحر من بأس وإحباط قاتل، قبل اتخاذه لقرار وضع الحدّ لحياته.

 إقرأ أيضاً: نورهان التي انتحرت… لم ترقد بسلام في الإعلام

مشكلة الانتحار، لا يجوز ان نتجاهلها، وأن نقف لحظة “صمت” بانتظار ضحية جديدة وشاب جديد، وروح جديدة تفارقنا، فلا بد من طرحها بجرأة ومواجهتها لتلافي اتساع ضحاياها قدر المستطاع.

 فحوادث الانتحار هذه وغيرها مما سبق، لا تنفصل عن المناخ اللبناني المأزوم، فالشباب أو حتى المتقاعدون، أصبحوا في وطن تجردوا فيه من أقل الظروف الصالحة للحياة، فالبطالة والفقر والمعيشة الصعبة وزيادة الضغوطات، في بلد يفتقر للعيش بسلام وطمأنينة دفعت العديد من الاشخاص الى انهاء حياتهم عن طريق الانتحار، فهل يمكن القول هذه المرة ان “السبب واحد و الموت واحد”؟!.

ولكن ماذا نقول في بلد ينتحر كل يوم على أيدي سياسييه وقادته؟

السابق
مقتل أحد قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا
التالي
وزير السياحة السوري: السياحة مستمرة وفي تصاعد