عن إمام المحرومين: حزن الصورة الأخيرة… وصمت سماسرة التغييب

ولد الإمام المغيب موسى الصدر في مدينة قم الإيرانية وذلك في الرابع من حزيران 1928، والتحق بمدارسها كما دخل الحوزة العلمية عام 1941 حيث تدرّس العلوم الفقهية وصولاً إلى درجة الاجتهاد.

 

لم يكتفِ الإمام بالعلوم الدينية، ليلتحق في العام 1950 بجامعة طهران، كلية الحقوق قسم الاقتصاد، التي تخرج منها عام 1953.

تصدّى الإمام الصدر للدعوات المعادية للإسلام كالماركسية كما تابع حركة تأميم النفط عام 1952، وفي العام 1954 سافر إلى النجف لمتابعة علومه الفقهية العليا، كما كان عضواً إدارياً في “جمعية منتدى النشر” في النجف الأشرف.

في العام 1958 عاد إلى حوزة قم وشارك في تأسيس مجلة “مكتب إسلام” كما تولى رئاسة تحريرها وهي أول مجلة ثقافية إسلامية صدرت في الحوزة العلمية.
في العام 1959 شارك في تدوين مشروع إصلاح المناهج العلمية في الحوزة، ومن ثم قدم إلى مدينة صور- لبنان في أواخر 1959 وبدأ العمل فيها كعالم دين خلفًا للإمام السيد عبد الحسين شرف الدين.

السيد موسى الصدر

في العام 1961 بدأ الإمام عمله الاجتماعي المؤسساتي، فاهتم بالتربية والصحة والحوزوية، كما شدد على دور المرأة، واستحدث دورات لمحو الأمية، وعمل على مكافحة التسول في مدينة صور كما أطلق العديد من البرامج منها صندوق الصدقة ومؤسسة جبل عامل المهنية والتي كان لها الدور الرائد في تخريج المجاهدين الذين قاوموا الاعتداءات الاسرائيلية.
في العام 1966 عقد مؤتمرًا صحفيًا بيّن فيه الأسباب الموجبة لتنظيم الطائفة الشيعية وكانت هذه الخطوة مقدمة لحركة مطلبية إنمائية لبنانية عامة من أجل رفع الحرمان .

انتخب الإمام الصدر رئيساً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عام 1969، ودعا لوحدة الشعائر الدينية مؤكداً دعم المقاومة الفلسطينية، كما شدد على أنّ تعدد الطوائف اللبنانية هي نوافذ حضارية على العالم.
في العام 1970، دعا للتسلح وللدفاع عن الجنوب في وجه الاعتداءات الاسرائيلية، و وضع قانون خدمة العلم، كما أسس “هيئة نصرة الجنوب” بمشاركة رؤساء الطوائف اللبنانية ودعا إلى إضراب سلمي وطني عام في 26 أيار تجمع على إثره حوالي 50 ألف شخص أمام مبنى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الحازمية- بيروت، فأنشأت الدولة اللبناني “مجلس الجنوب” نتيجة لهذا الإضراب.

من الدعوات التي أطلقها الإمام موسى الصدر اعتماد النظام المدني المتدين كبديل عن النظامين الطائفي والعلماني.

في العام 1974 أطلقت “حركة المحرومين” حيث أقسم عشرات الآلاف من الحضور في مهرجانين دعا إليهما الإمام في كل من بعلبك وصور أنّ لا يبقى محروم أو منطقة محرومة في كل لبنان، كما تمّ إصدار “وثيقة المثقفين” المؤيدين لحركة الإمام المطلبية.

بذل الإمام الصدر في العام 1975 كل المساعي لوأد الفتنة، مؤكداً على التعايش والحوار والديمقراطية، ونفذ اعتصاماً احتجاجاً على الحرب الأهلية في مسجد العاملي حيث كان متعبداً صائماً، وأنهاه بعد تشكيل حكومة مصالحة وطنية، ليتوجه لكل من قرى القاع ودير الأحمر في البقاع لفك الحصار عنها.
في العام نفسه أعلن عن ولادة “أفواج المقاومة اللبنانية” (أمل)، بعد أن خاضت عدة حروب ضد العدو الاسرائيلي.

موسى الصدر

في العام 1978 قام الإمام بجولة عربية ولبّى دعوة ليبيا هو والشيخين محمد يعقوب وعباس بدر الدين، لينقطع الاتصال بهما منذ تاريخ 31 آب.
في حينها ادعت ليبيا أنّهم غادروا أراضيها إلى ايطاليا، الأمر الذي نفاه كل من القضاء اللبناني والإيطالي.
في الذكرى الـ 38 للإمام المغيب، كان الحاضر الأكبر في المزاج الشيعي خاصة واللبناني العامة، ففي عمق التخبط المذهبي والدموي ما أحوج الشعب اللبناني لرمزية الصدر وحكمته و وطنيته.

إقرأ أيضًا: من خطف السيد موسى الصدر.. ولماذا؟

وبحسب ما كتب الشيخ علي خازم عن الإمام الصدر عبر صفحته فيسبوك فهو قد تميّز بأمرين وهما،”أنه استكمل دور الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين في إخراج المسلمين الشيعة من قبضة الإقطاع، وأّنه اقتنع بلبنان كوطن وعمل على إقناع اللبنانيين بذلك بما مكنه من بناء الروح الوطنية اللبنانية العابرة للطوائف”.
وأضاف الشيخ أنّ النتيجة لغياب الصدر كانت ” غياب أحد أهم قادة مشروع الوحدة الوطنية وبناء الوطن، وبغيابه عدنا إلى حدود نقطة الصفر”.
متسائلاً “ماذا فعل اللبنانيون بعده؟”.
الصحافي حسان الزين وفي مقال نشره في المدن حمل عنوان “موسى الصدر 1978: سنة الحزن والعزلة”، توقف عند صورة الصدر عام 1978 وما تحمله من أسى لا يرتبط بعملية الاختطاف وإنّما بعوامل أخرى، ولفت الزين أنّه “من الإلتباسات التي تفسّر حزن الصدر سنة 1978 وعزلته ومأساته، غموض الموقف السوري مما يجري في الجنوب اللبناني، التجاوز الفلسطيني لموقف الصدر ونداءاته للفلسطينيين، تناقضات المستنقع اللبناني، الإنقسام العربي والعجز، الإستبعاد الإيراني.”.

إقرأ أيضاً: هاني فحص يكشف تفاصيل العلاقة المعقدة والمركبة بين الخميني والصدر

الصحافي علي الأمين، توجه من خلال مقال نشره في البلد تحت عنوان “أسئلة إلى حزب الله وحركة أمل حول الإمام الصدر”، بأسئلة لكل من حزب الله وحركة أمل عن مصير الإمام الصدر، وأكد الأمين أنّ “المطلوب، ونحن نبدأ في السنة 39 على الغياب، ألاّ تبقى القصائد والشعارات هي السبيل الوحيد لمقاربة هذه القضية، بل مقتضى الأمانة من حامل أمانة قضية الصدر طيلة هذه العقود، أن يقول ما يجب قوله وأن يحدد المسؤوليات وأن يوضح لماذا لا يحق للنائب السابق حسن يعقوب أن يختطف نجل القذافي هنيبعل، بل أن يوضح لماذا كان ملاذه الآمن دمشق؟ وماذا فعل أصدقاء حركة أمل وحلفاؤها من سورية إلى إيران للضغط على ليبيا؟ ولماذا لم يصلوا إلى نتيجة؟”.

موسى الصدر

الكاتب عماد قميحة وفي مقال نشره في موقع لبنان وعنوانه “ليس بين رفيق الحريري وموسى الصدر مسافة”، أشار  إلى إجرام نظام البعث وانعكاساته السلبية لبنانياً، وربط بين اختفاء الإمام المغيب واغتيال الرئيس الحريري إذ ورد في سياق ما كتب “نفس الأسباب التي أدت إلى تغييب الإمام الصدر وإزاحته عن المشهد اللبناني هي نفسها التي أدت في شباط 2005 إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري “.

في جريدة السفير وتحت عنوان “موسى الصدر: المنقذ والضحية”، لفت الصحافي محمد السماك للبعد الوطني الذي امتاز به الإمام فاستهل مقاله بـ” في يقيني أن ما من شيء أحب الى الامام المغيب من أن يجري إحياء ذكرى اختطافه وتغييبه في حرم كنيسة من كنائس لبنان،”
ليتساءل “أين نحن من هذا التصور الوطني والإنساني الراقي؟ من أجل ذلك، فإننا في ذكرى تغييبه ندرك جيداً، أنه تغييب لهذا التصور، وتعطيل لهذا الدور وتشويه لهذه الرسالة.”
من جهتها جريدة الشرق الأوسط كشفت معلومات جديدة بهذا الملف، ونقلت عن شخصية سورية أنّ ليبيا قد توسطت حزب الله لعقد تسوية، وبحسب ما ورد في مقال نشرته في عددها الصادر أمس الثلاثاء عنونته بـ “الخميني تآمر على الصدر.. و«حزب الله» فاوض القذافي لإنهاء القضية” فإنّ “حزب الله، كان منفتحًا على التسوية ومتحمسًا لطي ملف الصدر، وحدد ثلاثة مطالب لإنجازها. أولها تسوية مالية بقيمة 200 مليون دولار لإنشاء مشاريع تنمية ورعاية اجتماعية باسم الصدر يديرها “حزب الله” مباشرة. وثانيها تزويد “حزب الله” بأسلحة، لا سيما الصواريخ المضادة للدروع والعربات، روسية الصنع. وثالثها اعتذار عام من القيادة الليبية عن اختفاء السيد موسى الصدر”.

السابق
أسامة سعد في ذكرى تغييب الإمام الصدر: لاستلهام توجهاته ومواقفه لإخراج لبنان من ازماته
التالي
الشيخ عباس حطيط: ظلمٌ لموسى الصدر تشبيه «أبو البصائر – نصرالله» به