أي أفق للعودة إلى «رهان الحريري»؟

روزانا بو منصف

مع ان اجتماع كتلة “المستقبل” في الاول من آب برئاسة الرئيس سعد الحريري خلص الى استنتاج حاسم بعدم التصويت للعماد ميشال عون بعد سلسلة ضغوط ايقظت حساسية النائب سليمان فرنجية قبل ان يعود فيؤكد استمراره في التنافس الرئاسي في مقابل تراجع حظوظ الجنرال عون التي كانت ارتفعت الرهانات في شأنها، فان ما اعلنه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لجهة تأكيد خيار عون مع فتح الباب للتعامل بايجابية مع رئاسة الحكومة اعاد تعويم الورقة الرئاسية نفسها التي بدا ان كتلة “المستقبل” انهتها. فعاد بعض الافرقاء الى اعتماد اسلوب الضغوط نفسه كما لو ان اجتماع كتلة “المستقبل” والتي رفضت في غالبيتها التصويت لعون لرئاسة الجمهورية كأنه لم يكن، علما انه مؤشر على صعوبة او استحالة القدرة لدى الرئيس الحريري على السير عكس قاعدته حتى لو اراد ذلك. يقول بعض السياسيين انه يحق للعماد عون ان يراهن على الرئيس الحريري انطلاقا من الحوار الاولي الذي جرى بينهما حول الرئاسة حين رفض حلفاء الطرفين السير بهذا الخيار، اذ ان “حزب الله” لم يرتح يومئذ لامكان ولادة رئاسة العماد عون على يد الحريري، والحزب لم يكن قد رشحه رسميا بعد وتبناه مرشحا وحيدا.

اقرأ أيضاً: لا انتخاب رئيس للجمهوريّة ولا رئيس للمجلس إذا ظلَّ للنائب حق التغيّب عن الجلسات

كما ان حلفاء الرئيس الحريري وفي مقدمهم الدكتور سمير جعجع لم يرتحوا ايضا لخيار دعم عون للرئاسة من زعيم “المستقبل” ولم تكن هناك ورقة اعلان نيات بين عون وجعجع بعد ولا مصالحة. لكن ما تردد عن رفض المملكة السعودية لرئاسة عون طغى على مجموعة الرفض الداخلية لرئاسة عون التي عادت واخذت زخما من خلال تبنيه من “حزب الله” ثم من “القوات” في الوقت التي لم ترتفع حظوظه العربية بل على العكس لجملة اعتبارات، في حين ان هذه الخلاصات دفعت الى خيار اخر اذ اعتمد دعم ترشيح النائب فرنجية. والزعيم الشمالي قد يفتقر إلى فرصة للفوز للاسباب نفسها (من دون تجاهل اسباب اخرى) التي جعلت الافرقاء الاخرين يرفضون حصرية دعم الحريري لعون بداية على قاعدة حسابات محلية واقليمية لن تسمح بان يكون الحريري المرجعية الابرز في موضوع اختيار دعم رئيس الجمهورية.

الحريري وبري

بالنسبة الى مصادر سياسية وديبلوماسية عدة تدرك التعقيدات المحيطة بملف الرئاسة اللبنانية محليا واقليميا، فإن المحاولات التي جرت حتى الان تظهر رغبة في الخروج من مأزق الرئاسة الذي يستشعره افرقاء اكثر من سواهم. لكن هذه المحاولات باتت تؤكد مرة بعد مرة ان الافق ليس متاحا لمحاولة جديدة قريبا انطلاقا من ان المعطيات الضاغطة في هذا الموضوع لا تزال هي نفسها اذا اخذت في الاعتبار العوامل الخارجية المؤثرة. وكان لافتا حتى بالنسبة الى بعض هذه المصادر ان الباب الذي فتحه السيد نصرالله في كلامه على رئاسة الحكومة لم يسوق له لا من جانب الحزب ولا حتى من حلفائه على انه مبادرة لانطلاق الكلام الجدي على تسوية تشمل رئاسة الحكومة، ولو ان هذا العنصر كان نقطة اعتراض في توافق الرئيس الحريري مع النائب فرنجية لدى دعم ترشيحه. فثمة اقتناع ديبلوماسي بأن ما يطرحه الرئيس نبيه بري لجهة السلة الشاملة صحيح وضروري لكن لا شغل جديا من اجله يجب ان يتم وراء الكواليس يظهر حتى الآن.

(النهار)

السابق
اللجان النيابية تناقش اللامركزية الإدارية
التالي
عملية فكفكت المجموعات المتشددة في مخيّم عين الحلوة مستمرة!