بعد جبشيت وعيترون…زوطر الشرقية ضحية «الأسلمة الشيعية»

أصبح الجنوب اللبناني على موعد أسبوعي مع فصول التشدد الديني، أكانت سنية أم شيعية بعد محاولة مجموعة شبان منع مهرجانات صيدا وإنتشار خبر منع قوى أمر الواقع لأهالي بلدة زوطر الشرقية من وضع الموسيقى واقامة حفلة الدبكة الشعبية المختلطة بين الجنسين كما هي عادة أهلي البلدة خلال حفل عشاء يقام بشكل سنوي.
تعرف بلدة زوطر بإنفتاحها الثقافي عكس بعض القرى الجنوبية التي أطبقت الثنائية الشيعية عليها. ولعبت الأحزاب اليسارية دوراُ بارزاً في تعزيز الإنفتاح وإضفاء الطابع المدني والإبتعاد عن تزمت الفكر الديني.

ولكن لا يمكن استعجال الحديث عن سلوكيات قوى الأمر الواقع الشيعية في جنوب لبنان أو التطرق إلى الدوافع الخفية من ورائها ذلك، لأنها ليست ظواهر جديدة، بقدر ما هي واقع ينكمش في بعض الفترات ويعود للظهور عند الحاجة على الرغم من حدة التجاذبات الثقافية المتصاعدة وتيرتها في الاونة الاخيرة داخل بعض القرى الجنوبية.

ويفتح السجال الحاصل بين القوى الفاعلة في الجنوب عدة ملفات تتعلق بمنهجية تلك القوى في فرضها للتدين ولو بأساليب ناعمة، والوقوف عند الزخم الطائفي المنتشر في مجتمعات ذات طبيعة إسلامية، وإستدراك المرحلة المقبلة لما سينتجه خطاب الأسلمة مقابل ضعف خطاب الأطراف العلمانية.

 

ويبدو أن غياب ضوابط إحترام الدولة في لبنان وانهيار ما تبقى من مؤسساتها وخرق مختلف الفرقاء لهيبة القانون والدستور، شجّع التطرف الديني ان يسعى بأساليبه الوقحة إلى إقامة إمارات ذاتية، تفرض فيها شروط الحياة والبقاء بصيغة «الأمن الذاتي» بوجه تمدد الإرهاب.

فمنذ أسبوعين أصدر حزب الله تعميما طالب فيه مجالس البلديات في الجنوب والبقاع الإلتزام بما جاء في الدستور والقوانين اللبنانية ودفع التعميم إلى تراجع بلدية جبشيت عن إجراءاتها الدينية، وتراجعت بلدية عيترون عن القرار الصادر منها بمنع الإختلاط في المسبح.

ولكن بالامس تفاجأ المجتمع الجنوبي الشيعي بخبر يتعلّق بتوجيه صادر عن «كشافة المهدي»التابعة لحزب الله، و«كشافة الرسالة» التابعة لحركة أمل، وينص التوجيه بمنع احدى حفلات العشاء في زوطر الشرقية من إقامة حلقات رقص ودبكة مختلطة او وضع موسيقى صاخبة. فما كان من الأسير المحرر أحمد إسماعيل الا ان اعلن وعدد من رفاقه رفضهم لهذا التعميم الصادر عن جمعيات كشفية لا سلطة لها الا بقوة الأمر الواقع اللاشرعية واللاقانونية.

وفي إتصال إجراه موقع جنوبية معه إعتبر أحمد اسماعيل أن الأجواء الأهلية في زوطر تحاول تقييم مشهد منع الموسيقى والرقص. مشيراً إلى «أن قناة الـLBC حضرت العشاء لتشهد على أمر المنع، وأثناء نقلها للحدث ببث مباشر قام بعض انصار “الكشاف” بوضع موسيقى بشكل مفاجىء كي تظهر اثناء البث فيتم تكذيب من يقول في الاعلام ان حزب الله وامل يمنعان الموسيقى في البلدة، فجاء احد اعضاء اتحاد الشباب الديمقراطي الشيوعي، وطلب منهم إما إزالة الموسيقى أو الإستمرار بوضعها إلى ما بعد إنتهاء قناة LBC من بثها المباشر».

وأوضح إسماعيل لجنوبية، أنه ليلة الامس «نشر رئيس البلدية وسيم إسماعيل بياناً نفى فيه صدور أي منع لوضع الموسيقى خلال حفل العشاء».

وأشار إلى «وجود موافقة ضمنية غير معلنة من قبل بلدية زوطر الشرقية على منع الموسيقى والرقص، وما يؤكد هذه الشكوك هو المنشور الذي قام بوضعه شيخ من «آل مرتضى» على صفحته على فيسبوك وبارك فيه خطوة البلدية بمنع الموسيقى والرقص والإلتزام بالضوابط الدينية والأخلاقية للمجتمعات الإسلامية، ولكن ما لبث أن قام الشيخ مرتضى بإلغاء المنشور لاحقاً».

وعن موقف الأحزاب اليسارية في زوطر الشرقية من مظاهر فرض الضوابط الدينية، إعتبر إسماعيل «أن اليساريين فرحين من التصعيد ضد قوى الامر الواقع، ولكنهم يتجنبون الدخول في مواجهة.»

كما ورأى «أن رائحة التطرف متفشية في كل اجزاء المجتمعات الشيعية وتحاول الإنقضاض على ما تبقى من حياة علمانية، ولعبت بعض المراجع الدينية دوراً بارزاً في تشكيل رافعة للفكر الديني ودفع الاخر المختلف إلى النبذ».

وعن علاقته بالمجلس البلدي أكد «على وجود تواصل إيجابي مع رئيس بلدية زوطر الشرقية ». مشيراً إلى إرساله رسالة مفتوحة للبلدية، عبر فيها عن إيمانه بشخص رئيس البلدية المنفتح على الاخر والذي إلتزم بإنماء البلدة والوقوف بوجه المحاصصات السياسية، وحذر من جر القرية خلف حركات الجهل والتجهيل التي تجتاح المجتمعات كافة.

وعن ردود الفعل قال «لاقى كلامي عن العشاء ردود فعل سلبية وإيجابية ووصل بالبعض إلى إتهامي بالصهيونية والخضوع لأجندات الإمبريالية».

وبشكل ساخر قال إسماعيل «أنا أستقيل من منصبي بعد أن تسببت بإضرر مصالح أهل الجنوب في لقمة عيشهم وحياتهم ومطالبهم الخدماتية».

مضيفاً، «لقد كان أجدى بالذين قاموا بالحملة ضدي ان يذهبوا لإنجاز مهامهم في تنظيف نهر الليطاني الذي يبعد مئات الأمتار عن البلدة، هذا النهر يجب إعلانه نهراً منكوباً بسبب التلوث.»

وفي ختام كلامه قال «إن قوى امر الواقع في الجنوب بدأت تعتمد إستراتيجية جديدة وهي تمرير ارائها وتعبئتها الدينية عبر البلديات».   

 

السابق
بري يدعو لمهرجان الصدر ويذكربعلاقته بالأزهر والسعودية
التالي
نوال بري لـ«الحراك الشعبي»: كبير العيلة تاج راسكم..