من يرقص فوق أشلاء السوريين لن يبكي على «عمران»

قبل سنتين خرجت إلى الرأي العام العالمي صورة لطفل ملقى على رمال الشاطيء التركي، عرف حينها أنه يدعى ايلان وأنه سوري الجنسية، ولكن الصورة رغم فظاعة مشهدية الموت التي تختزنها، لم ترفع مأساة اللاجئين حول العالم إلى اي طاولة مفاوضات دولية لأن الحرب السورية لديها إعتبارات إستراتيجية ولا تعنى بأي إعتبارٍ إنساني أو أخلاقي.

كان من المفترض في صورة إيلان ان تؤثر ولو بشكل ضئيل على قضية اللاجئين الفارين من الحرب السورية، لكنها لم تفعل شيئا. ويومياً تعج المراكب غير الشرعية بالسوريين وهم يطوفون مع أمواج البحر إلى أماكن لا يعلمون ماهيتها ولكنهم يعلمون رغبتهم الشديد بالرحيل والخلاص.

ليلة الأمس تربعت جروح الطفل “عمران دقنيش” ونظرته الذاهلة، على عرش ساحة الرأي العام العالمي. الطفل دقنيش إنتشل من تحت الأنقاض بعد إستهداف منزل عائلته بغارة جوية روسية. ويظهر الفيديو صدمة عمران، لم يبكِ الطفل، كان من واجب الطفل أن يبكِ إلا أنه لم يفعل ذلك.

صدمة الطفل دفع مذيعة النشرة الإخبارية لقناة الـCNN إلى البكاء على الهواء أثناء إعلان الخبر الذي إستهلته بعبارة: «هذا الطفل عمران، مازال حياً، نريدكم ان تعلموا هذا»، وفي أسلوب كوميدي مأساوي علقت المذيعة، «لقد أصيب عمران بغارة جوية ولكن لا نعرف الجهة التي نفذت الغارة» وكأنها تقول ان الجهة معروفة ولكن السياسة تطغى على دماء الاطفال المسفوكة.

أما المراسلة الحربية نيكولا طانغ، التي تغطي حالياً الحرب السورية رأت في صورة الطفل «قوة ستتيح لها في المستقبل البعيد أن تتحول إلى صورة تاريخية عن الحرب السورية». بينما علق مصور AFP  بولنت كيلك عن اسفه لما حل بالطفل الذي لم يعلم ماذا يجري من حوله. أما مصورة موقع  Vice news إيما بايلز فقالت «نظرت إلى ملامحه، إلى صدمته، إلى وجهه، إلى إرهاقه، لقد إختصر الطفل كل الواقع السوري. ولكن لم تعد الصور كافية لنقل معاناة السوريين».

إقرأ أيضاً:أيّها القاتل سوف يطلعون من تحت الركام أقوى

ومن أشباح الماضي يمكن إستخراج مئات بل آلاف الصور والفيديوهات، افظع بأضعاف من صورة الطفل عمران المصاب في وجهه. هناك صور لأطفال ذبحوا على يد مليشيات الأسد في مدينة الحولا في ريف حمص عام 2012. ويوجد فيديوهات لأطفال تختنق وترتجف أجسادها لا إراديا بسبب تنشقهم لمواد سامة بعد تعرض الحي الذي يسكنون فيه إلى هجمات بصواريخ محملة رؤوس كيماوية. وعلق في الذاكرة كيف نفض جسد الطفل الفلسطيني عندما قامت عناصر للمعارضة بذبحه.

وبالعودة إلى منظمة العفو الدولية يشير تقريرها، أن نسبة اللجوء السوري ستكون اكبر بأضعاف من نسبة اللجوء التي شهدتها اوروبا خلال الحرب العالمية الثانية في حال إستمرت الحرب لسنوات إضافية.

حلب

ومع بداية التدخل الروسي وجهت أميركا رسالة واضحة للمعارضة السورية بأن عدد الضحايا السوريين سيتضاعف وان المعارضة السورية ستتعرض للمزيد من الضربات، وبالتالي عليهم تهيئة أنفسهم لإنتكاسات مخيفة.

ومنذ يومين أكد الوفد الأميركي الذي إلتقى المعارضة السورية على قدرة روسيا في سحق المعارضة مع وعد من ادارة أوباما ببذل قصارى جهدها لمنع حصول ذلك،

إقرأ أيضاً: أوقفوا المجازر الروسية…أطفال سوريا ليسوا للموت

فأميركا تلتزم بما وعدت به الشعب السوري من حرية وديمقراطية ولو تم ذلك بسحق نصف مليون سوري.

إن الحرب السورية تهدد حياة 7.5 مليون طفل سوري. واستناداً لإحصائيات «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، فانه في اليومين الماضيين سجل مقتل ما يقارب 17 طفلاً من مختلف المحافظات السورية أغلبهم على يد النظام.

بالأمس، تحدث الطبيب الذي أشرف على علاج عمران أنه عاد إلى المنزل مع أقاربه. منزل عمران يقع في حلب المصنفة كأخطر مدينة في العالم. هذا الواقع يضع عمران أمام خيارين، فإما ان يقتل بالحرب، أو قد ينجو عمران من الموت وتنتهي الحرب فيروي قصته الكاملة عندما يكبر.

السابق
أوقفوا المجازر الروسية… أطفال سوريا ليسوا للموت
التالي
النفي الروسي لجريمة عمران …اقبح من ذنب