كفى عون انتظارا و«حزب الله» تعطيلاً وليتفق أقطاب الحوار على مرشح تسوية

يمكن القول إن الانتظار الذي بات لا حدود له مع معرفة أن الافق مسدود، هو انتحار بل نحر للبنان وشعبه. فإذا كان لانتظار “حزب الله” سببه وهو انتظار كلمة ايران في الانتخابات الرئاسية حتى وإن لم يكن يعرف متى تقولها، وله عذره نظراً الى ارتباطه ارتباطاً كاملاً بإيران، فما هي أسباب انتظار أحزاب، لا سيما تلك التي تدعي أن لا ارتباط لها مع خارج لتتخذ قرارها النهائي في موضوع الانتخابات الرئاسية حتى لو بعد مرور سنتين وثلاثة أشهر على الشغور الرئاسي؟

اقرأ أيضاً: حزب الله إذ يضيع في سوريا

لقد بات واضحاً أن “تيار المستقبل” لا يؤيد ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة بل يؤيد حتى الآن ترشيح النائب سليمان فرنجيه، واذا كان ينتظر كلمة السعودية كما يظن البعض لتغيير موقفه، فإنه يكون أثبت أنه مسيّرَ لا مخيَّر مثله مثل “حزب الله”، وقيل إن العماد عون حدد مهلة شهر لاعلان موقف نهائي من الانتخابات الرئاسية، لكن لم يُعرف من أي تاريخ تبدأ هذه المهلة. ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أعلن بعد اجتماع “تكتل التغيير والاصلاح”: “نحن لسنا متمسكين بشخص العماد عون، فأي خيار للشعب سنوافق عليه”. وكان عليه أن يقول “إن أي خيار للأكثرية النيابية المطلوبة نوافق عليه” لأن هذا ما ينص عليه الدستور، إلا اذا كان لا يعترف بشرعية المجلس ويطلب في الوقت عينه تأييد عون. وكرر القول “إننا نريد رئيساً ميثاقياً ولن نقبل بأي رئيس” من دون أن يفسر ما يعنيه بالرئيس الميثاقي. هل هو من يمثل طائفته فقط أم من يكون مقبولاً من كل الطوائف ويجيد إدارة التوازنات الداخلية الدقيقة والحساسة ليتجنب انفجار الأزمات في وجهه، حتى اذا عجز عن حلها استعان بخارج. إن الرئيس المطلوب هو الذي يستطيع أن يحكم بلداً لا يحكم إلا بالتوافق كما قال باسيل نفسه.
كفى إذا انتظار وقد بات انتحاراً… وكفى حواراً يدور في حلقات مفرغة، وآن أوان الاتفاق على رئيس تسوية أو رئيس وفاق وتوافق يكون له مكان ومكانة داخل كل طائفة. ورئيس الجميع، وعهده عهد الجميع لتظل الوحدة الوطنية قوية وحيّة والسلم الأهلي دائماً وثابتاً. فرئيس الجمهورية هو قمة الهرم ورمز وحدة الوطن والساهر على الدستور، وهو قاعدة الشرعية بدونه لا تستقيم الأمور، وهو لبنة أساسية في بناء الوفاق الوطني الحقيقي الشامل.
إن المطلوب من اقطاب الحوار في جلستهم المقبلة البحث عن مرشح وسطي مستقل للرئاسة الأولى يكون أهلاً لمواجهة تحديات المرحلة. فإذا تعذر الاتفاق عليه فليكن عندئذ اتفاق على دعوة كل النواب للنزول الى المجلس لينتخبوا من يشاؤون رئيساً للجمهورية، ولتكن المنافسة بين المرشحين داخل المجلس وفقاً لما نص عليه الدستور وليس خارجه أو في الشارع أو في السفارات حيث تعقد الصفقات ويهبط رئيس بالمظلة…

حريري بري عون
إن الاستمرار في سياسة انتظار المجهول بات جريمة بحق الوطن والمواطن، إذ لا عودة لعمل المؤسسات بقوة ولا إعادة لبناء الدولة أو إعادة تكوين السلطة ما لم يبدأ ذلك من قمة الهرم، وإلا ظلّت في لبنان مؤسسات غير شرعية يتعارض وجودها ونشاطها مع وجود المؤسسات الشرعية ونشاطها. ولكي يصبح العيش المشترك ثابتاً ودائماً وهو قدر اللبنانيين ولا مفر لهم منه، ينبغي أن يراعي كل شريك شعور الشريك الآخر، تماماً كما على من يسكن مع جيرانه في بناية واحدة ان يراعي شعور جيرانه حفاظاً على راحته المشتركة وعيشهم بأمن وأمان.
هذا هو المطلوب من حوار الاقطاب في الجلسة المقبلة ولا شيء غير ذلك. فالانتظار طال ولا نتيجة، وبات الناس يترحمون على الراقدين تحت التراب بعدما أصبح الراقدون فوقه مثلهم أمواتاً. وليسمِّ الأقطاب رئيساً أو يسمّه عون نفسه كما سمّى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله منذ الآن ومستبقاً نتائج الانتخابات النيابية نبيه بري رئيساً للمجلس، وليتذكر أقطاب الحوار وهم يفكرون بلبنان وبمصيره قول الشاعر نزار قباني: “إن يمت لبنان متّم معه. كل من يقتله كان القتيلا. كل قبح فيه قبح فيكم، فأعيدوه كما كان جميلا. إن كوناً ليس لبنان به سوف يبقى عدماً أو مستحيلا، كل ما يطلبه لبنان منكم أن تحبوه تحبوه قليلا”.
فهل ينتاب أقطاب الحوار هذا الشعور وهم يرددون أبيات الشعر هذه، فيدفنوا الحقد والكراهية ويبتعدوا عن كل ما يفرّقهم ويكونوا صفاً واحداً وقلباً واحداً ويداً واحدة دفاعاً عن وطن يستهدفه الارهابيون والتكفيريون والمتآمرون، وحماية لجيش يستشهد من أجله؟

(النهار)

السابق
انفجار في منطقة رأس السرج بعرسال بإحدى آليات الجيش
التالي
نصر الله عرض «الاستسلام» على الحريري و«الصلح» على… «داعش»