الفيدرالية الكردية وريثة داعش

منذ اندلاع الثورة، تعيش سوريا حربا أهلية يحاول فيها الأكراد تثبيت فدراليتهم المعلن عنها منذ اوائل العام الحالي في شمال سوريا بعد ان لعبت أميركا دوراً اساسياً بدعم قوات سوريا الديمقراطية عبر إمدادهم بالسلاح وإرسال خبراء عسكريين.

منذ يومين قامت قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، ذات الأغلبية الكردية بتحرير مدينة منبج من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ولم تتردد وحدات حماية الشعب الكردي عن إعلان عزمها لضم المدينة المحررة إلى الفيدرالية الكردية.

من المؤكد أن مجريات أحداث منبج وتحقيق الاكراد تقدم على الحدود الشمالية سيرفع العلاقات الدبلوماسية بين أميركا وتركيا إلى مستوى عال من توترات جديدة.

وفي أكثر من مناسبة، شكك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنوايا أميركا بسبب دعمها للأكراد شمال سوريا ووجه لها رسائل إنذار بشكل مبطن أحياناً وبالعلن أحياناً اخرى.

في شباط الماضي طلب أردوغان من أميركا تحديد موقفها من عمليات التوسع الممنهج لنفوذ القوى الكردية المعادية لتركيا في شمال سوريا وقضمهم للأراضي السورية والعراقية ثم ضمها إلى فيدراليتهم.وتحدث أردوغان عن وجود مخطط خطير يتم تنفيذه في المناطق الكردية السورية مشدداً في واحدة من خطاباته على ضرورة إختيار أميركا بين الاكراد في سوريا وتركيا وهو ما لم تستجب له أميركا التي دعمت قوات سوريا الديمقراطية لتحرير مدينة منبج وقطع الطريق الإستراتيجية لعبور المسلحين من تركيا إلى سوريا.

بعد تعاظم وجود داعش وتنظيم النصرة، ابتعدت أهداف أميركا عن اهداف تركيا في سوريا، واعلن مدير وكالة الإستخبارات الاميركية جون برينان«لا أميركا ولا أي دولة تشارك في القتال تريد إسقاط النظام» خصوصاً بعد تبيان مخاطر إسقاطه الذي قد يدفع الجماعات المتطرفة وتنظيم الدولة لفرض هيمنتها على سوريا.

التكفير بين جبهة النصرة وداعش
التكفير بين جبهة النصرة وداعش

ليلة امس صدر بيان لقوات سوريا الديمقراطية اُعلن فيه عن تأسيس مجلس عسكري لمدينة “الباب” التي ببعد 25 كلم عن حلب، والإستعداد لخوض معركة لتحريرها من الدولة الإسلامية وطالب المجلس العسكري تأمين غطاء جوي من قوات التحالف الدولي.

وفي غضون ذلك، تتخوف تركيا من توسع دائرة المعارك التي تخوضها قوات سوريا الديمقراطية مقابل شريطها الحدودي، ومن الممكن أن تكون أميركا عبر تبنيها لهكذا معارك قد تجاوزت الخطوط الحمراء التركية المتعلقة بأمنها القومي.

قبل الإنقلاب التركي الفاشل عرضت تركيا على أميركا التعاون لضرب معاقل داعش في سوريا لكن دون مساعدة الأكراد. بالإضافة إلى ذلك، منحت أميركا الحكومة التركية فرصة 6 أشهر للقضاء على داعش، غير انه لم يلحظ أي تقدم تركي في الحرب على التنظيم الإرهابي الذي أستهدف اسطنبول وانقرة مرات عدة .

منذ أسبوع توجه أردوغان بزيارة إلى موسكو بعد إنقطاع للعلاقات دام اشهر بسبب إسقاط تركيا لطائرة روسية فوق الأراضي السورية وإتفق الطرفين على ضرورة التعاون لمكافحة «الإرهاب».

وفي تحقيق للصحافي المختص في شأن المجموعات الإسلامية المتطرفة باراك بارفي حمل عنوان «الأكراد هم حالياً أفضل حليف للولايات المتحدة ضد داعش» تناول المقال ثقة اميركا بالقوى الكردية في حربها ضد المجموعات المتطرفة الناشطة على الأراضي الشمالية السوري.

إقرأ أيضاً: معارضون سوريون: «منبج» من احتلال داعش إلى احتلال الاكراد

وذكر الكاتب أن أميركا تدعم «وحدات حماية الشعب الكردي» التي تضم شعبة للمخابرات العسكرية وتتولى جمع المعلومات المتعلقة بتنظيم «الدولة الإسلامية»، و”قوات خاصة” مكلفة بالعمل وراء خطوط العدو، فضلاً عن وحدة لمكافحة الإرهاب. وتضم كل واحدة من الجماعات الثلاث مئات العناصر. وتدعي أنها تستطيع حشد حوالي 45000 عنصر بشكل إجمالي، 15 في المائة منهم عرب، بينما يتألف الباقي بمعظمه من الأكراد «.

أما تركيا فترى بوحدات حماية الشعب التركي «منظمة إرهابية» يجب القضاء عليها لأنها تسعى إلى زعزعة إستقرار تركيا بتحفيز الروح الإنفصالية للاكراد في الشرق الأوسط.

إن زيارة أردوغان لموسكو تعيد طرح الأسئلة عن مدى نجاح التعاون الدبلوماسي والعسكري مع الولايات المتحدة الأميركية وعدم مراعاة أميركا للموقف التركي من المنظمات الكردية المصنفة إرهابياً على اللائحة التركية.

إقرأ أيضاً: تحرير «منبج» وهفوات «ثوّار» الفيسبوك !

وتتنامى الفدرالية الكردية على المناطق التي تسيطر عليها داعش. لقد قدم الاكراد في الأيام الماضية إقتراحات بالتدخل العسكري لطرد داعش من مدينة الرقة، وبكل الاحوال فإنهم يستفيدون من المهام التي أوكلت إليهم من قبل الإدارة الاميركية بدحر خطر داعش الذي يهدد الدول الاوروبية وامن الشرق الاوسط.

وعلى الرغم من وجود علامات تشير إلى الإنصياع الكامل من قبل الاكراد للإرادة الأميركية إلا ان تجربة الإنصياع هذه ليست بالقديمة على الأكراد طالما أنها أوصلتهم في الماضي إلى إنشاء إقليم كردستان العراق.

السابق
بالفيديو: استقالات جماعية من حزب وئام وهاب
التالي
بالفيديو: جيش الفتح يواصل تقدمه بحلب ويقتحم معمل الإسمنت