تقارب روسيا – تركيا يقلق إيران أو بشار؟

ما إن عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من زيارته الرسمية لمدينة سان بطرسبرج حيث يبدو انه نجح بلقائه والرئيس فلاديمير بوتين في إعادة وصل ما انقطع من علاقات دافئة مع روسيا، وذلك بعد أزمة استمرت اكثر من تسعة أشهر، حتى أوفدت القيادة في إيران وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى أنقرة، للاطلاع على “الرواية” التركية للمحادثات بين أردوغان و بوتين، بينما كان وفد إيراني يضم قادة من “الحرس الثوري ” يزور موسكو للاطلاع على “الرواية” الروسية بشقها الميداني التنفيذي الذي يهم إيران في المقام الأول. والحال ان محادثات سان بطرسبرغ أدت حسب ما تبين في الساعات التي تلت عودة أردوغان إلى انقره إلى “تليين” في الخطاب التركي حيال التسوية في سوريا، وصولا إلى حد وضع ورقة القبول ببقاء بشار الأسد في المرحلة الانتقالية على الطاولة، ثم سحبها فقط لإشعار موسكو بأن تركيا مستعدة للتفاوض الجدي من دون أن يشكل شرط بقاء بشار في المرحلة الانتقالية عائقاً. وهذا بحد ذاته تنازل تركي كبير، أمام تمسك روسيا بعدم اشتراط رحيل بشار في بداية المرحلة الانتقالية! ولكن ماذا خلف التنازل التركي الذي بدا من خلال تصريحين متناقضين أشبه بفتح باب عروض إقليمية حول الأزمة السورية؟

إقرأ أيضاً: أردوغان لحس مطالبته برحيل الأسد؟
بالرغم من “بروباغاندا” نظام بشار، وأدوات إيران في سوريا ولبنان التي روجت لمرحلة “انتصارات ” لما يسمى بـ”محور المقاومة”، كان بشار أكثر الجهات قلقاً من تقارب تركيا – أردوغان مع روسيا، باعتبار معرفته بأن كل ما يقال عن ان النظام صار في امان، وان رحيل بشار ما عاد مطروحا ليس صحيحاً على الإطلاق. ومثل بشار يدرك الإيرانيون الذين دفعوا ويدفعون غاليا على مسرح العمليات العسكرية في سوريا، ان مصير بشار رهن بإتفاق اميركي – روسي اولا، ثم بالقوى الإقليمية أي إيران – تركيا – السعودية. و لعل في استمرار تراجع تنظيم “داعش” على الأرض في كل من العراق وسوريا ما يؤشر الى ان ظرف الحفاظ على بشار ما دامت الحرب ضد “داعش ” في أوجها، بدأ يشهد متغيرات تخيف بشار وإيران.
اكثر المتمسكين ببشار وقسم كبير من بطانته المباشرة هم الإيرانيون. الروس يعملون بلا هوادة على الحد من نفوذ إيران داخل ما تبقى من الجيش والمؤسسات الأمنية، فهم يعتبرون ان وجودهم المباشر ينبغي ألا تجاريه أي قوة اخرى، و إن تكن حليفة اليوم. أما الأميركيون فموضوع رحيل بشار باق على الطاولة بالنسبة إليهم، وينسقون مع إسرائيل وموسكو لإنشاء “نموذج” امني قابل للحياة على الحدود الجنوبية لسوريا قبالة الجولان والاردن، وسط تراجع الإختراق الايراني عبر “حزب الله” هناك.

إقرأ أيضاً: من الموت لأمريكا وروسيا واسرائيل.. إلى الموت للسنّة والشيعة
خلاصة القول إن الحل في سوريا لا يزال بعيد المنال، و لكن التقارب التركي – الروسي من شأنه ان يحافظ على توازن عسكري في منطقة حلب وريفها الشمالي، مما يغضب بشار والإيرانيين وميليشياتهم وعلى رأسها “حزب الله” المثخن بالجراح السورية!

(النهار)

السابق
لماذا توجّه متطوّعو الدفاع المدني الى الحدود مع اسرائيل؟
التالي
ولّى زمن إطلالات.. الانتصارات