رسائل خارجية واعتصام كتائبي… وإصرار أممي على استئناف مفاوضات جنيف قبل نهاية آب

وسط العواصف العاتية التي تضرب بلدان المنطقة وترسم ملامح جديدة لمساراتها ومستقبلها، لا يخلو الهدوء المخيم على المناخ السياسي اللبناني بفعل الجمود المتحكّم بالوضع العام من غبار زوابع محلية منها السياسي ومنها الحياتي والخدماتي، تنشط حكومة “المصلحة الوطنية” في محاولة تبديده، وقد أقرّت اليوم حزمة من بنود جدول الاعمال المنتقل اليها بـ”الوراثة” من جلسات سابقة لمجلس الوزراء منذ اسابيع، بعدما حالت البنود الضاغطة لا سيما السجالات المالية وملف الاتصالات العالق دون طرحها على بساط البحث.

رسائل الخارج: وفي ظل انعدام الآمال المحلية بامكان احداث اي تغيير في المشهد السياسي المعلّق على حبال التسويات الدولية للازمات الاقليمية وخصوصا السورية، قالت مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية” ان الاهتمام الدولي بلبنان يقتصر راهنا على ابقائه في منأى عن حمم بركان الجوار المشتعل في ظل تزايد المخاوف من ان تطال ساحته مع استعار نيران التوتر العربي- الايراني والمواجهة التي لا تعرف سبيلا الى النهاية ، مؤكدة ان أكثر من دبلوماسي غربي نقل الى المسؤولين اللبنانيين اخيرا رسائل– نصائح بوجوب التيقظ الى الحد الاقصى لمنع محاولات قد يبذلها بعض الاطراف الاقليميين لزج لبنان في أتون النيران، وان هؤلاء شددوا توازيا على دور خارجي في مجال ابعاد هذا الشبح عن لبنان نسبة لحساسية الوضع فيه وكون المواجهة اذا وقعت ستضع دول المنطقة برمتها في قلب المواجهات المذهبية وهو أخطر ما يمكن ان يحصل. وادرجت في السياق مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري التحذيرية المتكررة، وما نقله عنه بعض الزوار من ضرورة انتخاب رئيس قبل نهاية العام لان المرحلة التالية قد تكون بالغة الصعوبة. لذا، اشارت المصادر الى ضرورة التنبه في هذه المرحلة بالذات، وعدم الوقوع في افخاخ قد تُنصب للبنان لاستدراجه الى الصراع الاقليمي، بعدما لم يُفلح لعب ورقته سياسيا في تحقيق أهداف يتطلع اليها البعض لتحقيق مصالحهم والحصول على قطعة جبن في بازار توزيع المصالح والمغانم في دول الشرق الاوسط.

بين ايلول ونهاية العام: أما الملف الرئاسي الذي سلّم اللبنانيون حاله المستعصية الى العناية الخارجية وبات ورقة تتجاذبها الرياح الاقليمية والحسابات الدولية، فيبدو موضوعا في الثلاجة الى أجل غير مسمى. واذا كان التيار الوطني الحر يلوّح بالتصعيد اذا لم ينتخب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون رئيسا ويضع أيلول حدا أقصى للانتخاب، فان رئيس مجلس النواب نبيه بري يبدو واثقا ان الرئاسة ستنجز قبل نهاية العام، ومثله وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الواثق من كلام بري “صمام الامان”.

استعجال غربي: وفي هذا الاطار، واذ تنفي علمها بما اذا كان كلام “رئيس المجلس” تمنٍّ أم مبنيا على معطيات ومعلومات توافرت لديه، اعتبرت مصادر سياسية مستقلة ان هذا “الموقف” الرئاسي قد تكون له مبرراته، وكشفت عبر “المركزية” عن ضغوط دبلوماسية غربية ودولية كثيفة تمارس على لبنان راهنا، لاستعجال الانتخابات الرئاسية وإستكمال عناصر جسمه السياسي تحصينا لمناعته واستقراره، في أسرع وقت. ودعت اللبنانيين الى ايجاد أرضية تفاهم تخرج الرئاسة من شباك المناكفات قبل فوات الاوان، مشيرة الى ان غياب عدد من الدبلوماسيين العرب والخليجيين عن الساحة اللبنانية في هذا الوقت بالذات، قد يكون متعلقا بحسابات سياسية وأمنية، الى جانب تمضية عطلة الصيف خارجا.

استثناء بيروت من الخطة: في غضون ذلك، عقد مجلس الوزراء جلسة عادية غابت عنها الملفات الخلافية كلها من ملف الاتصالات (بسبب وجود الوزير بطرس حرب خارج البلاد) الى التعيينات العسكرية، واتسمت بهدوء لافت. وحدها، خطة النفايات حضرت في صلب المناقشات من زاوية الطلب الذي تقدمت به بلدية بيروت لمعالجة نفاياتها بالتفكك الحراري اي عبر المحارق، فكلف مجلس الوزراء اللجنة التي تُتابع خطة النفايات المرحلية، بإجراء بحث إضافي في ما يتعلق بالخطة المستدامة، والعودة برؤية واضحة مبنية على معطيات وعرضها على مجلس الوزراء بناء على طلب بلدية بيروت استثناءها من الخطة.

إقرأ أيضاً: اللبنانيون أمام أزمة جديدة مستعصية.. توازي النفط والنفايات

اعتصام كتائبي: وليس بعيدا، نفذ طلاب حزب الكتائب اعتصاما امام موقع مطمر النفايات في برج حمود اعتراضاً “على المباشرة بردم الشاطئ في المنطقة وتحويل ساحل المتن الشمالي الى مكب تفوح منه الروائح والأمراض”، مطالبين بوقف المشروع وملوحين بتصعيد تحركهم اذا استكملت الاعمال. ولم يخل التحرك من التشنج حيث سجل تدافع وضرب بالعصي بين قوى الامن ومعتصمين حاولوا الدخول الى المطمرللتأكد من وقف الاعمال، وسمح لهم بذلك، بعد مفاوضات مع القوى الامنية اثر الاشكال الذي اوقع اصابات طفيفة.

الجيش يستهدف المسلحين: أمنيا، شهدت بلدتا عرسال ورأس بعلبك اليوم قصفا مدفعيا ورشاشا نفذه الجيش استهدف نقاطا وتحركات للمسلحين المتمركزين في الجرود. واذ أفيد عن سقوط اصابات في صفوف عناصر جبهة النصرة، تحدثت معلومات صحافية عن مقتل مساعد ابو مالك التلي في غارة للجيش على جرود عرسال.

..ويوقف “داعشيين”: في الموازاة، تمكنت دورية من مخابرات الجيش من توقيف عشرة سوريين كانوا دخلوا الاراضي اللبنانية خلسة خلال توجههم الى بلدة عرسال، بعد ان مكثوا في بلدة غزة في البقاع الغربي لأيام عدة. وعثر في حوزة البعض منهم على بطاقات صحية وتلقيح تحمل شعار تنظيم “داعش” من منطقة الرقة.

دي مستورا: سوريا، استمرت الاوضاع الميدانية في حلب على حالها ولم تجد المساعدات الانسانية بعد طريقها الى المدنيين. وفي حين وافقت روسيا على الجلوس مع الأمم المتحدة اليوم وغدًا سعيا لوقف للقتال “قابل للتطبيق” لايصال المساعدات الى المدينة، أكد المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا ان الشروط المسبقة تجهض محادثات السلام، مضيفا “نحن مصرون على استئناف مفاوضات جنيف نهاية الشهر الجاري”. وفي حين لفت الى ان هدنة الثلاث ساعات التي اعلنتها موسكو غير كافية لادخال المساعدات، أوضح ان “الوضع الإنساني صعب في مضايا بسبب حصار ميليشيا “حزب الله” والنظام”.

موسكو تدعو تركيا: في غضون ذلك، قتل 30 شخصا واصيب سبعون آخرون بجروح اليوم، في قصف جوي روسي عنيف على مدينة الرقة ومحيطها، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

إقرأ أيضاً: معركة حلب قلبت الموازين: صفعة لروسيا وتحرير مؤتمر جنيف

وفي اطار المصالحة بين موسكو وأنقرة، دعت تركيا روسيا الى عمليات مشتركة ضد داعش في سوريا، وفق ما اعلن اليوم وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، وقال: “سندرس كلّ التفاصيل. لطالما دعونا روسيا الى عمليات مشتركة ضد تنظيم داعش”، محركا مجددا الاقتراح الذي قدمته انقرة قبل الخلاف مع موسكو.وبعيد القمة بين رئيسي الدولتين وما اعقبها من اجتماعات امنية ومخابراتية ، لم يستبعد السفير التركي لدى روسيا عقد لقاء مجددا بين بوتين وأردوغان على هامش قمة “العشرين” التي تنعقد في مدينة هانجو –الصين مطلع ايلول المقبل.

السابق
محامي زياد علوكي: شكراً سعد الحريري
التالي
قصص جديدة للتعذيب والانتهاكات الجنسية في سجون الأسد